الجزائر تؤكد عزمها إمداد إسبانيا بالغاز عبر الخط الجديد المباشر “ميدغاز” رغم احتمال توقف أنبوب نقله عبر المغرب

0
320

لم تنته الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا، بمغادرة الانفصالي إبراهيم غالي، إلى الجزائر، ولا بإعادة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين الذي اجتازوا السياج الحدودي في سبتة، إلى المغرب، بل يبدو أن هناك تصعيدا آخر في الأفق، يتعلق بمورد اقتصادي هام بالنسبة لإسبانيا.

وفي تصعيد غير معلن، قال الرئيس التنفيذي لشركة سوناطراك الجزائرية الحكومية للمحروقات أن شركته مستعدة لإمداد إسبانيا بالغاز وبالكميات المتعاقد عليها، حتى مع فرضية عدم تجديد عقد نقل الغاز عبر أنبوب يمر من الأراضي المغربية.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده الرئيس التنفيذي لسوناطراك توفيق حكار بالجزائر العاصمة.

وتخضع إمدادات الشركة من الغاز إلى إسبانيا، لعقود بعضها ينتهي في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، مع نهاية عقد استغلال أنبوب الغاز المار عبر المغرب.

وقال حكار: “أنبوب الغاز ميد غاز (يربط الجزائر مباشرة بإسبانيا عبر البحر المتوسط)، بإمكانه نقل 10.5 مليارات متر مكعب سنوياً من الغاز”.

وذكر أن الشركة “أخذت احتياطاتها في حال عدم تجديد عقد أنبوب الغاز المار عبر المغرب.. مستعدون لإمداد إسبانيا بالغاز بالكميات المطلوبة حتى لو ارتفع الطلب في هذا البلد”، دون مزيد من التفاصيل بشأن توفير الإمدادات.

وخط أنابيب المغرب العربي–أوروبا(MEG) ، يعرف أيضا باسم Pedro Duran Farell pipeline، وهو خط أنابيب غاز طبيعي، يصل بين حقل حاسي الرمل في أصى جنوب الجزائر عبر المغرب إلى قرطبة في إسبانيا، حيث يتصل مع شبكة الغاز البرتغال وإسبانيا. 

وهذا الخط يمد كلا من إسبانيا، والبرتغال، والمغرب بالغاز الطبيعي.

ويُنقل أكثر من 30 في المائة من الغاز الطبيعي المستهلك في إسبانيا عبر المغر ب، وفقًا لموقع خط أنابيب أوروبا المغاربي المحدود (EMPL).

كما يساعد خط الأنابيب البرتغال في تلقي إمداداتها من الغاز من الجزائر عبر المغرب.

أنابيب الغاز الجزائري نحو إسبانيا تمر عبر المغرب

ومن المنتظر أن ينتهي الاتفاق الثلاثي بين الجزائر والرباط ومدريد في 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وهو اتفاق يضمن وصول الغاز من الجزائر إلى إسبانيا والبرتغال عبر المغرب، عبر ما يُعرف بأنبوب “غاز المغرب العربي”.

وفي 20 مايو/أيار الماضي، أعلنت وزارة الطاقة الجزائرية، تدشين خط أنابيب غاز جديد، لدعم قدرة خط “ميد غاز” الرابط بين الجزائر وإسبانيا عبر البحر المتوسط.

وقال خبراء إسبان، لصحيفة إل موندو إن “عبور الغاز عبر المغرب أمر مهم، لكنه لم يعد حاسمًا” بعد أن روجت حكومة خوسيه ماريا أثنار (1996-2004) لخط أنابيب غاز جديد يربط بشكل مباشر بين الجزائر وإسبانيا. 

ويسمى خط أنابيب الغاز الجديد المباشر “ميدغاز”.

واستطردت الصحيفة  نقلا عن بعض خبراء “حتى إذا قرر المغرب عدم تمديد الامتياز ووقف تمرير الغاز عبر تلك البنية التحتية ، فإن الإمداد من إسبانيا مضمون”.

لكن الشيات لفت إلى أن الجزائر بخلقها هذا الأنبوب الجديد،  حاولت تجاوز “أي ضغط يمكن أن يمارسه المغرب ضدها بالخصوص” وهو دليل وفقه يؤكد النظرة الانفرادية التي بدأت بها الجزائر، والآن تدفع ثمنها الدول المغاربية وعلى رأسها المغرب والجزائر  نفسها.

وفي 2018، جددت سوناطراك عقود توريد الغاز إلى إسبانيا بكميات سنوية تُقدّر بـ9 مليارات متر مكعب.

وتحدّثت وسائل إعلام مغربية مؤخراً، عن وقف الرباط مفاوضات تجديد عقد استغلال أنبوب الغاز مع إسبانيا، على خلفية أزمة دبلوماسية حادة بين البلدين في الفترة الأخيرة.

من جهة أخرى، توقّع الرئيس التنفيذي لسوناطراك، تحقيق عائدات بقيمة 30 مليار دولار بحلول نهاية العام الجاري، بمستوى أسعار نفط بين 65 و75 دولاراً للبرميل.

وتابع: “صادرات الشركة بلغت 12.6 مليار دولار خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2021، مقابل 8.1 مليار دولار خلال الفترة المناظرة من 2020”.

وبلغت عائدات الشركة الجزائرية 22 مليار دولار العام الماضي، بتراجع بلغ 11 مليار دولار مقارنة بإيرادات عام 2019.

وبررت الحكومة الإسبانية هذه المساعي مع الجزائر، لضمان أمنها الغازي وتفادي ارتفاع جنوني في أسعار الغاز في حال حدوث تصعيدمع المغرب وقطع الإمدادات عبر أنبوب “بيدرو دوران فارال”، مشيرا إلى أن مدريد “وجدت هذه المرة الجزائر كحليف موثوق لها ضد تهديدات مغربية”.

ووفق “إل كوفيدينثيال” فإنه في حال لم تكن الجزائر مستعدة لتجديد العقد الخاص بالأنبوب المغاربي “بيدرو دوران فارال”، فإن المغرب سيجد نفسه في مواجهة صعوبات وعليه أن يشتري ما يقارب نصف حاجياته الاستهلاكية من الغاز من سوق مربوط بسعر النفط الخام الذي يشهد ارتفاعا مستمرا، وبدون أي مساعدة من إسبانيا التي ستضمن تزويدها بالكامل من الجزائر عبر أنبوب “ميدغاز”.

وعلى أرض الواقع فإن البيانات والمعطيات المتوفرة تشير إلى أن سوناطراك تعول أكثر على أنبوب الغاز “ميدغاز” الرابط بين بني صافوألميرية لتزويد إسبانيا وأوروبا بالغاز مقارنة بالأنبوب المار عبر الأراضي المغربية.

ويبدو أن خط الأنابيب الذي تحدثت عنه “إل موندو” سيوثق حقبة جديدة في العلاقات المغربية الإسبانية، في حال ما ثبت أن المملكة لن تجدد الامتياز لمرور الغاز الجزائري عبر أراضيها.