المغرب يتجه نحو فرض ضريبة على على “مؤثري السوشل ميديا” لتصريح بمداخليهم

0
251

في ظل ازدياد عدد المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، تتجه مديرية الضرائب لفرض رسوم ضريبية على البعض منهم.

ونقل عن مصدر مطلع بأن “مديرية الضرائب تتجه نحو بعض المؤثرين المغاربة، وذلك بعدما التأكد بالحجة والدليل، من أن أغلب هؤلاء قبض أجورهم نقداً لتفادي أي دليل على تعاملاتهم المالية التي تبلغ الملايين من الدراهم”.

وكانت صحيفة “الأخبار” المغربية، قد أشارت عام 2019 إلى أن “المكتب الضريبي باشر التدقيق مع أولئك الذين لا يعلنون عن مداخيلهم من يوتيوب من أشخاص ماديين جهلاً أو طوعاً”.

من جهته ، قال المدير العام للضرائب، يونس إدريسي قيطوني ، إنه في غياب النص التشريعي الذي يحدد مهن الانترنت المفترض تضريبهم، تحتكم الإدارة الجبائية إلى المبدأ الأساسي في الضريبة، والذي ينص على أن كل شخص يعمل ويجني دخلا، يجب أن يؤدي المساهمة الضريبية في حدود قدراته، موضحا أنه في حال عدم التجاوب مع مراسلات الإدارة، فسيتم فرض الضريبة انطلاقا من خبرتها، وما تتوفر عليه من معطيات.

وذكر المدير العام للضرائب في حوار ضمن نادي “ليكونوميست”، بالفصل 232 من المدونة العامة للضرائب الخاص بالتحصيل، الذي يتيح للإدارة الجبائية إمكانية العودة 10 سنوات إلى الوراء من أجل تحصيل المستحقات الضريبية على الأشخاص الذي يجنون دخلا منتظما دون أن يصرحوا به.

يشار إلى أن مجموعة من الناشطين في صناعة “البوز”، و”المؤثرين” على مواقع التواصل الاجتماعي “يوتيوب” و”أنستغرام” و”فيسبوك” وتيك توك” وغيرها، ومتخصصين آخرين في التجارة الإلكترونية، أصبحوا يجنون مداخيل مالية مهمة، دون التصريح بها في إطار قانوني منظم، تحت مظلة شكرا برقم تعريف جبائي موحد، أو شخص مادي برقم تعريفي ضريبي أو سجل تجاري.

وعن هذا الجدل القائم، يعلق المحلل الاقتصادي، رشيد أوراز، في تصريح صحفي، قائلا: “من الصعب فرض ضريبة على الأشخاص المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي، من الناحية العملية، لأنه لا توجد أرقام وطرق للتدقيق في الأرباح التي يتم تحصيلها”.

وأشار أوراز إلى أن “قسما كبيرا من المؤثرين المغاربة يقطنون خارج البلاد، ومن الصعب فرض ضريبة بنسبة تقريبية تفوق الـ 30 في المائة على هذا النشاط الذي لا أعتقد  أنه يحقق الكثير من الأرباح لمن هم في المغرب”.

في المقابل، قال رئيس لجنة المالية في مجلس النواب المغربي، عبد الله بوانو، في تصريح صحفي : “لقد تم بالفعل بحث إمكانية فرض ضرائب على المحتوى الرقمي في البرلمان”.

وعلى خلفية ذلك، تجدد الجدل حول ضرائب “مؤثري السوشل ميديا” بعد أن كان المغرب يعتزم عام 2019 فرض ضريبة “غافا” إلا أن الحكومة آنذاك رفضت ملتمس هذا التعديل في مشروع قانون المالية 2020.

وتعليقا على الموضوع، أفاد رئيس المجموعة النيابية لـ”حزب العدالة والتنمية” (إسلامي/معارض) بمجلس النواب، عبد الله بوانو، بأنه تم تقديم تعديل مشترك مع الفريق الحركي وفريق التقدم والاشتراكية في مشروع مالية 2023، يتعلق بتحديد الدخل الإجمالي الذي يجب أن يخضع للضريبة.

وتابع بوانوا، موضحا أن التعديل ينص بإدراج المداخيل التي يتلقاها صناع المحتوى من عمالقة الإنترنت التي تنشر المحتويات، وذلك بأن تؤدى هذه الضريبة المستحقة في المنبع من الدخل الإجمالي المصرح به من طرف تلك الشركات والمحول لصناع المحتوى القاطنين بالمغرب.

وأضاف بوانو بأن هذا التعديل يهدف لضمان مساهمة صناع المحتوى في التكاليف العمومية على غرار باقي الفئات حيث يحققون مداخيل مهمة، مشيرا إلى أن عددا من الدول فرضت الضريبة على المؤثرين الذين يتقاضون مدخولا من الشركات العالمية الأكثر تأثيرا مثل أمازون وغوغل ويوتيوب وآبل.

وقال المتحدث ذاته، إن “جواب الوزير المنتدب المكلف بالمالية على هذا التعديل كان أن المغرب وقع على الاتفاقية الدولية إلى جانب فرنسا ودول أوروبا بتضريب شركات “غافا” في انتظار إجراءات دولية حول كيفية استخلاص هذه الضرائب”.

“مداخيل تقدر بالملايين”

ومن جانبه، ذكر الباحث في الاقتصاد والمالية ونائب رئيس مركز المغرب الأقصى للدراسات، خالد أشيبان، في تصريح صحفي، أن مشروع قانون المالية 2023 الذي يناقش حاليا في مجلس المستشارين لم يتضمن أي إجراء يخص صناع المحتوى في المغرب.

وأضاف أشيبان، أنه إذا كانت أي ضريبة جديدة على صناع المحتوى كان يجب أن يتضمنها مشروع المالية، مستدركا أن العدالة الجبائية في البلاد تفترض أن أي شخص له مدخول يجب أن يؤدي الضريبة كباقي الفئات والقطاعات “إلا أن الأمر تقنيا ليس بالسهل”.

وفي هذا السياق، أشار الباحث الاقتصادي إلى أن مكتب الصرف (مؤسسة رسمية) يمكنه أن يتتبع مسار التحويلات المالية التي يتحصل عليها صناع المحتوى بالعملة الصعبة، مؤكدا إمكانية اتجاه المغرب إلى فرض ضريبة عليهم من المنبع بأن تحدد الحكومة الطريقة المناسبة لذلك.

واعتبر أشيبان، أنه لا بد أن يساهم صناع المحتوى في الميزانية العامة للدولة لا سيما أنهم يحصلون على أموال كبيرة تقدر بالملايين وتفوق أو تساوي أجرة الوزراء (60 ألف درهم مغربي أي حوالي 5 آلاف ونصف دولار أميركي).

“دراسة ضريبية لصناع المحتوى”

وقال أمين العوني، صانع محتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، إن ضريبة “غافا” تطبق في عدد من الدول وليس هناك أي مانع بأن يتجه المغرب في فرضها إلا أن هناك شروطا يجب أخذها بعين الاعتبار. 

ودعا العوني في تصريح صحفي سابق، إلى إجراء دراسة ضريبية لهذه الخدمة الجديدة المتعلقة بصناعة المحتوى على الإنترنت قبل استخلاصها من المنبع على الشركات الكبرى “غافا” دون الاقتصار على المداخيل أو الأرباح بل أيضا المصاريف المكلفة لإنتاج هذا المحتوى.

كما طالب العوني بضرورة الأخذ بعين الاعتبار أنه مثلا منصة “يوتيوب” تأخذ نسبة 55% من الأرباح، “وإذا أضافت الدولة ضريبة أخرى سيتقلص هامش الربح بشكل كبير ولن يصبح كافيا”.

واشترط العوني، أنه لفرض ضريبة “غافا” يجب أن تحتسب المصاريف وأن يكون هناك إطار مهني قانوني لصناع المحتوى، لافتا إلى غياب سجل تجاري لهذه المهنة الجديدة.

وبحسب أرقام رسمية من مديرية الضرائب، في شهر فبراير الماضي، فإن 80% من صناع المحتوى والمؤثرين في المغرب لا يصرحون بمداخيلهم ولا يؤدون واجباتهم الضريبية، ويبلغ عددهم نحو 5 آلاف صانع محتوى ومؤثر وفق تصريح لرئيس مصلحة البيانات الكبيرة وعلوم المعطيات بالمديرية العامة للضرائب للقناة التلفزية “دوزيم”.