بن كيران يهاجم دعوات منع زواج القاصرات ويدعو إلى احترام المرجعية الإسلامية ويصف الجمعيات النسائية بـ”المتناقضة”

0
329

تقرير جمال السوسي

بعد نحو 19 سنة من اعتمادها بموجب المراجعة الشاملة التي خضعت لها عام 2004، لا حديث في الأوساط المغربية، هذه الفترة، إلا عن تعديل مرتقب لمدوّنة الأسرة. وقد جاءت معها انتقادات وملاحظات حول مضامين المدونة وطرق تطبيقها، وتطفو على السطح من جديد الخلافات بين فريق محافظ يدعو إلى التشبث بالمرجعية المحلية ومراعاة خصوصية المجتمع، وآخر يحث على مواكبة المتغيرات الحقوقية والاستناد إلى المواثيق والقوانين الدولية.

هاجم مجدداً الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله ابن كيران دعوات منع زواج الفتيات أقل من 18 عاما في حالات الاستثناء، إلى احترام المرجعية الإسلامية التي تتأسس عليها مدونة الأسرة، متهما الجمعيات النسائية صاحبة هذه المطالب بـ”المتناقضة”.

وفي كلمة  له في ندوة نظمها حزبه أمس الجمعة حول مدونة الأسرة،قال بن كيران “أن المعركة اليوم ليست حول مصالح الطفل أو المرأة أو الأسرة، بل معركة مرجعيات”.

ودعا ابن كيران، إلى احترام المرجعية الإسلامية التي تتأسس عليها مدونة الأسرة، وشددا أن في هذه المرجعية المصلحة الحقيقية للشعب، وفيها حكم الله، وأن ما عداها قابل للنقاش.

وفي وقت يدور فيه جدل واسع حول بعض المقترحات “الحداثية”، أضاف أن “هناك من ينطلق من مرجعيات غير أصيلة في مطالبه بخصوص المدونة، تلك المرجعيات التي أتت من الخارج، ولها مجموعة من الأوعية والنساء المسؤولات في مستويات عالية يدافعن عنها ويرفعن مطالبها”.

وانتقد المتحدث ذاته بعض المطالب التي يرفعها بعض الأشخاص والهيئات، “إن مطالبها تتجه إلى أشياء جزئية وإلى قضايا ليس فيها مشكل، من قبيل تعديل الإرث، متسائلا عن عدد النساء المغربيات المطالبات بهذا الأمر، وكذا قضية التعدد، مشددا أن هذا الموضوع انتهى اجتماعيا، لأن حضوره قليل جدا ونادر في المجتمع”.

وشدد على أن بعض المطالب لا ينالها الاهتمام الكافي، ومنها قضية معاش النساء الأرامل، مشددا أن هذا المعاش يجب أن يبقى كاملا لهؤلاء النساء غير منقوص، سواء أتزوجت عقب ترملها أم لم تتزوج.

وفي ما يتعلق بقضية الحضانة، قال بن كيران أن حزبه يرى أنه يجب أن تبقى عند الأم حتى بعد زواجها من آخر عقب الطلاق، إلا إن ظهر أن زوجها يسيء إلى المحضون.

هل يتمكن وزير العدل واليسار من تطبيق المساواة بالميراث وإسقاط حضانة الأم وتجريم تعدد الزوجات في المغرب؟

وتوقف ابن كيران عند مسألة النسب الشرعي، منبها إلى أن هذا النسب هو الثابت، وأن العلاقات غير الشرعية تلزم الطرف الفاعل تحمل النفقة لصالح الطفل الناتج عن هذه العلاقة إلى حين بلوغه سن 18 إن كان غير متمدرس، أو سن 25 إن كان من المتمدرسين.

“ووصف الطلاق بأنه “مصيبة للرجل والمرأة والأولاد”، مشددا على أهمية وضرورة تعزيز مسطرة الصلح (اجراء قانوني)، وخلق فضاء خاص لهذا الأمر، مشيرا إلى أن مطلب تقسيم الثروة بين الزوجين في حال الطلاق لا يطالب به إلا جاهل، نظرا لما يشكله من خطر حقيقي ومطلق على استقرار الأسر واستمرار العلاقة الزوجية.

وقد عرض حزب العدالة والتنمية جملة من الاقتراحات بخصوص إصلاح مدونة الأسرة، والتي قال إنها يجب أن تصب فقط في معالجة الاختلالات القضائية والقانونية التي كشف عنها تطبيق المدونة خلال عشرين عاما منذ صدورها.

وخلال الندوة، كشفت رئيسة منظمة نساء العدالة والتنمية، سعاد بوسيف، إدراج مادة في الباب التمهيدي للمدونة، تنص على إلزام الجميع بأحكام المدونة وتقيدهم بهدفها الأساس المتمثل في ضمان وحدة الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي واستقرارها والمحافظة عليها.

ونص مقترح الحزب على عدم منع زواج من هن دون 18 عاما، في اطار الحالات الاستثنائية، وحدد السن الأدنى في 15 سنة، وإلزام القضاة المكلفين بالإذن بالزواج القاصر على مقابلتها بدون حضور أبويها، وإجراء بحث اجتماعي ميداني حول المخطوبة والخاطب قصد التأكد من توفر شرط الباءة وما تستلزمه من أهلية مادية وأخلاقية للقيام بالواجبات والحقوق المتبادلة بين الزوجين.

واقترح حذف اللجوء التلقائي لاجراءات التطليق للشقاق، وجعل سلوك هذا الاجراء بيد المرأة المعنية تمارسها وفق رغبتها، وإلغاء شرط المبرر الموضوعي الاستثنائي في الإذن بالتعدد والاقتصار على القدرة المادية مع مسطرة إشعار الزوجة، وإقران الإذن بالتعدد بتحديد الهوية الكاملة للمعنية بالإذن بالتعدد.

أما فيما يخص التعصيب في الإرث فيقترح الحزب الإبقاء عليه على اعتبار ارتباطه بنص قرآني، مع إسناد النظر للقضاء بما لا يسمح بتشريد الأرملة والبنات فيما يخص السكن الرئيسي مع الإحالة على نص تنظيمي لتحديد قيمة هذا السكن.

ومدونة الأسرة هي محط خلاف كبير بين المحافظين الذين يدافعون عن ضرورة ارتباطها بالشريعة الإسلامية، والحداثيين الذي يشددون على ضرورة استجابتها للاتفاقيات الدولية التي وقعها عليها المغرب.

ودعا الملك المفدى محمد السادس حفظه الله في خطابه بمناسبة عيد العرش، أغسطس الماضي، إلى تعديل مدونة الأسرة، وقال “بصفتي أمير المؤمنين فإنني لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية”.