تضارب في التصريحات الحكومية..بايتاس “سنوفر الماء لجميع المواطنين أينما وجدوا” ..نزار بركة : الوضع المائي قد أصبح صعبا!

0
400

بداية شهر ماي الجاري، صرّح وزير التجهيز والماء نزار بركة: ينبغي أن نكون واضحين مع مواطنينا.. وضعنا المائي صعب

ووفق تصريحات ، قال بركة: “ينبغي أن نكون واضحين مع المغاربة، الوضعية صعبة”، لافتا إلى أن الحكومة تحاول من خلال حلول كثيرة التعامل مع هذه الصعوبات.

وحول أسباب الوصول إلى هذه الوضعية قال الوزير بركة : “نواجه السنة الخامسة من الجفاف المتوالية، وهي وضعية استثنائية”، لافتا إلى أن “هذه السنة كانت أحسن من السنة الماضية لأن الواردات المائية بلغت 3 مليارات متر مكعب، أي ضعف السنة الماضية، ولكن بحكم أن السدود كانت قد بلغت مستويات ملء ضئيلة جدا، والحرارة المفرطة التي نعيشها اليوم أدت إلى حدوث تبخر كبير، وهناك ضغط كبير على الفرشة المائية، وهذا كله يجعل الوضعية صعب”.

أكد الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، خلال ندوة صحفية عقب اجتماع مجلس الحكومة، أمس الخميس، أن الحكومة معبأة بغية توفير الماء بشكل “معقول وعاجل” لجميع المواطنين أينما وجدوا، دون إغفال الالتزامات بتوفير المياه بشكل كافي للأحواض السقوية ولا سيما لتفادي الوقوع في مشاكل تقليص المساحة المزروعة وتلك المرتبطة بالإنتاج الفلاحي.

وأوضح بايتاس، أنه يتم العمل على تسريع وتيرة إنجاز مشاريع تحلية المياه في عدة مناطق، وتعزيز دعم التزود بالماء في العالم القروي، وكذا تسريع وتيرة إنجاز برنامج الاقتصاد في الري لتوسيع مساحة المناطق المسقية، بكلفة إجمالية تبلغ 123 مليار درهم أضيفت إليها 23 مليار درهم.

وعن محاولات الحلول التي تنتهجها الحكومة، أوضح الوزير بركة أن الحكومة تحاول من خلال ما وصفه بـ “حلول هيكلية”، موضحا أنها تستهدف من ذلك “حل المشكلات بطريقة هيكلية حتى لا يبقى مشكل الماء الصالح للشرب مطروحا في البلاد خلال سنة 2027/2028″. 

لماذا؟…تأتي حلول حكومة “أخنوش” دائماً متأخرة .. بايتاس يوضح سبب تأخر صرف الدعم المالي للمؤسسات بعد إفلاس 13 الف شركة

وتابع: “الوزارة أطلقت مشروعا لتحلية مياه البحر بشراكة مع المكتب الشريف للفوسفات بالجديدة وآسفي، سيكون جاهزا في الصيف، حتى لا يكون الضغط كبيرا على سد المسيرة، وبهذه الكيفية وبمجهودات الجميع، سنواجه صعوبات أكيدة حتى نصل إلى شهر دجنبر، وسنعمل على التخفيف من الضغط على المواطنين”. 

ولفت بركة إلى أن “آخر العام ستكون لدينا إمكانية لإيصال ما بين 300 و400 مليون متر مكعب، وجهة الدار البيضاء كلها تستهلك 290 مليون متر مكعب سنويا، وهذا سيضمن لنا حلا مؤقتا حتى ننهي أشغال محطة تحلية مياه البحر”.

ويشكل تراجع معدل المياه في المملكة المغربية خطرا كبيرا، بسبب اعتماد المغرب في تدبير الماء، على توفير المياه الجوفية وتجنب استغلالها إلا في حالة تراجع الموارد المائية السطحية بشكل بالغ، ويعكس هذا التراجع زيادة خطورة الإجهاد المائي الذي وصلت إليه البلاد. 
وخلال العام الحالي، لم تتجاوز الواردات المائية للمغرب 1.98 مليار متر مكعب، بانخفاض وصل إلى ناقص 85% مقارنة بالمعدل السنوي، بينما كانت أقل واردات مائية في حدود ملياري متر مكعب، وسُجلت خلال ثلاثينات القرن الماضي.

ما الوضعية المائية حاليا؟

أجمع عدد من الخبراء على أن البلاد وصلت مرحلة الإجهاد المائي الحاد، بمتوسط أقل من 500 متر مكعب للفرد سنويا، وهو أدنى مستوى لمؤشر الإجهاد المائي.

وحسب وزارة التجهيز والماء فإن الوضعية مقلقة، حيث بلغ حجم الواردات المائية في الفترة ما بين الأول من سبتمبر/أيلول 2021 إلى 31 أغسطس/آب 2022 ما يناهز 1.98 مليار متر مكعب، بانخفاض بـ 85% مقارنة بالمعدل السنوي.

بايتاس : لا مانع من استيراد الغازوال الروسي ..”لكن المشكل في ثمنه”؟!

وبلغ المخزون المائي للسدود إلى غاية 12 أكتوبر/تشرين الأول 3.9 مليارات متر مكعب، أي ما يعادل 24.3% كنسبة ملء إجمالي، مقابل 37.2% سجلت في التاريخ نفسه السنة الماضية.

وتعيش جهة طنجة تطوان الحسيمة على وقع أزمة غير مسبوقة، وبعد أن كانت هذه الجهة تسجل أعلى معدل أمطار وطنيا، وتمتلك موارد مائية وفيرة، أصبحت مدنها تعيش على وقع تراجع حاد في مخزونها المائي.

وحسب وكالة الحوض المائي اللوكوس، فإن مدن الجهة لديها مخزونات مائية تكفي لتأمين مياه الشرب بشكل اعتيادي لفترة تتراوح بين سنة و3 سنوات، بينما تكفي المخزونات في طنجة لتزويد عادي إلى غاية شهر مايو/أيار 2023.

وجاء تصريح  بايتاس أمس الخميس ، على أن الحكومة الحالية تسارع الزمن من أجل إنجاز محطة الدار البيضاء لتحلية مياه البحر في آجال معقولة، مبرزا أنه في حال دخول هذه المحطة الخدمة ستوفر أزيد من 300 مليون متر مكعب من المياه، كما ستتيح إمكانية تحويل مياه أم الربيع لاستغلالها في السقي في عدة أحواض أخرى، وهو ما سيساهم في رفع الإنتاج الفلاحي.

وسجل بايتاس ، أنه في غضون ذلك كان من الضروري الشروع في إنجاز الطريق السيار للماء الذي انطلق من منطقة سبو في شطره الأول إلى حوض أبي رقراق بغلاف مالي بلغ ستة ملايير درهم، مؤكدا أن الأشغال تسير بشكل جيد في هذا المشروع الذي من المرتقب أن يتم إنجازه متم شهر يوليوز أو بداية غشت المقبلين، علما بأن الوقت المتعاقد عليه هو أكتوبر.

وأضاف أن هذا المشروع سيساهم في شطره الأول في نقل فائض المياه من حوض سبو إلى حوض أبي رقراق، موضحا أن حوض أبي رقراق وسد محمد بن عبد الله هو الذي يزود شمال الدار البيضاء بالماء الصالح للشرب، وأن هذا المشروع سيساهم بشكل كبير في معالجة مشاكل المياه على مستوى مدينتي الدار البيضاء والرباط.

وأضاف أن الحكومة اتخذت مجموعة من التدابير منها على الخصوص، تفعيل الشطر الاستعجالي لحوض سبو وحوض أبي رقراق لنقل فائض المنطقة في شطره الأول، وتعزيز المياه غير الاعتيادية ( المياه العادمة) بغية بلوغ 100 مليون متر مكعب سنة 2027، فضلا عن وجود العديد من المشاريع التي تهم تحلية مياه البحر في مجموعة من المناطق بالمملكة سواء في الجنوب أو منطقة الجديدة وآسفي. 

أثر الجفاف الذي لم تشهد البلاد مثله منذ 4 عقود، على الاقتصاد الوطني خاصة القطاع الزراعي الذي يساهم بنسبة 14% من الناتج المحلي الإجمالي.

وتشكل الزراعة أكبر مشغل لليد العاملة بالمغرب، إذ تساهم بنسبة 38% من إجمالي العمالة، وتوفر 73.7% من فرص العمل في القرى، وتشكل الحبوب المحصول الرئيسي في المملكة، إذ تمثل 55% من المساحة المزروعة.

وتضرر الإنتاج هذا العام بشكل بالغ، إذ لم يتجاوز 3.4 ملايين طن، وفق بيانات رسمية، مقابل 10.3 ملايين طن العام الماضي أي بانخفاض 67%، وهو ما أدى إلى تراجع معدل النمو.

وتوقع بنك المغرب (البنك المركزي) أن يسجل النمو الاقتصادي هذه السنة تباطؤا ملموسا إلى %0.8، نتيجة تراجع القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 14.7% .

وفقد قطاع الزراعة والغابات والصيد 210 ألف فرصة عمل خلال الربع الثاني من سنة 2022، وهو ما يمثل انخفاضا بـ 6% من إجمالي الشغل بهذا القطاع، حسب مذكرة المندوبية السامية للتخطيط.

ومن الحلول المستدامة وغير التقليدية التي يمضي عدد من جهات المملكة في تنفيذها لتجنب أي نقص محتمل في المياه، بناء محطات تحلية مياه البحر ومعالجة المياه العادمة.

ويرجع إحداث أول محطة لتحلية مياه البحر بالمغرب إلى سنة 1976، وقد أنشئت بمدينة طرفاية جنوب البلاد، وكانت الكميات المحلاة ضعيفة بالنظر للأساليب المكلفة في التقطير.

واتجه المغرب في السنوات الماضية إلى الاعتماد على الطاقات المتجددة سواء الهوائية أو الشمسية من أجل تحلية المياه بتكلفة أقل، وهو ما تجسد في بعض المحطات المنشأة حديثا.

واتجهت معظم المدن الساحلية مثل الدار البيضاء وطنجة وكلميم نحو تحلية مياه البحر، وبدأ العمل حاليا من أجل إنشاء 20 محطة تحلية، حسب ما أعلن وزير التجهيز والماء.

وفي نظر الخبير محمد بنعبو، فإن تحلية مياه البحر خيار إستراتيجي للتعامل مع مشكلة الإجهاد المائي، خاصة أن المغرب يتوفر على سواحل تمتد على طول 3500 كيلومتر.

غير أنه لا يعتبرها عصا سحرية ستخرج البلاد من أزمة ندرة المياه، بل ينبغي في نظره الاستمرار في سياسة بناء السدود التي أثبتت نجاعتها في فترة الجفاف.

وأضاف “تعيش البلاد حالة الجفاف منذ 2018، ولولا السدود التي كانت معبأة بمخزون مهم من المياه لكانت التداعيات قد وصلت إلى المواطنين منذ سنوات”.

لذلك يؤكد أن “بناء السدود لتعبئتها بالمياه في السنوات المطيرة مسألة ضرورية، وبناء محطات تحلية مياه البحر رغم تكلفتها وسيلة مهمة لتوفير خزان احتياطي من المياه”.

وترى شرفات أفيلال -وهي وزيرة الماء سابقا- أن تحلية مياه البحر خطوة لا بديل عنها و”حل ضمن حلول أخرى”.

بالمقابل، تؤكد أن الحل الأكثر استدامة والأقل كلفة للتعامل مع هذه الأزمة هو نهج حكامة جيدة في تدبير الموارد المائية، واعتماد تدبير مستدام يراعي القدرات المائية للبلاد ومناخها الجاف وشبه الجاف.

وتضيف إلى ذلك، العمل على تحقيق تنمية تأخذ بعين الاعتبار الإكراهات المائية وتبني زراعة مستدامة باختيار مزروعات تتلاءم مع الإمكانيات المائية لكل جهة وكذا الاستثمار في اقتصاد الماء وفي تدبير الطلب عليه.