تستعد المملكة المغربية، بمعية حليفتيها إسرائيل والولايات المتحدة، لدخول عالم الصناعات الدفاعية، في السنوات المقبلة، سعيا منها إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، عوض الارتهان على الاستيراد الخارجي، ما سيجعل من المغرب قوة حربية صاعدة في المنطقة الإقليمية، بحسب ما نشرته صحيفة “هسبريس” المغربية.
ووقعت الرباط وواشنطن على اتفاق عسكري ممتد عشر سنوات (2020-2030) بغية تدعيم الشراكة الدفاعية الإستراتيجية بين البلدين، لاسيما في ظل التعاون العسكري المثمر خلال العقود الماضية، بعدما تحول المغرب إلى زبون دائم لأمريكا في ما يتعلق بالتزود بالأسلحة.
وتتجه إسرائيل صوب تقاسم بعض تقنياتها العسكرية مع الرباط، عبر إنشاء مصنع حربي لتصنيع طائرات “كاميكاز” الشهيرة على الأراضي المغربية، تبعا للاتفاقيات الأمنية الموقعة بين البلدين بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية في كانون الأول/ديسمبر 2020، وفق ما ذكرته تقارير إسرائيلية.
وأكد الباحث في الشؤون العسكرية والإستراتيجية عبد الحميد حارفي أن “المغرب أرسى البنيات التحتية المتعلقة بالصناعة العسكرية ابتداء من سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي”، لافتا إلى أنه “صنّع طائرة محلية متقدمة للتدريب جرى عرضها في معرض لوبورجيه للطيران الجوي آنئذ”.
وأشار الباحث المغربي إلى أن “المغرب يحكمه هاجس التصنيع الذاتي على الدوام، خاصة على مستوى المناولة والصيانة والتطوير”، مضيفا أن “كافة فروع القوات المسلحة الملكية تتوفر على طاقم للصيانة والتطوير مزود بأحدث الوسائل والتقنيات المحلية الصنع”.
وشدد حارفي على أن “المغرب يتبنى مقاربة تدريجية في الصناعة الحربية، ابتدأت بإرساء الترسانة القانونية والمعلوماتية، وتواصلت بالبحث عن شراكات ثنائية، ضمنها الشراكة الإسرائيلية التي يتم التباحث معها بخصوص المسيّرات الانتحارية، إلى جانب الطرف الأمريكي الذي نتدارس معه نقل التكنولوجيات، خاصة طائرات إف-16 التي نرغب في تطويرها محليا”.
وتحدثت الصحافة الإسرائيلية عن الجانب العسكري في العلاقات ين المغرب وإسرائيل، ولكن الاهتمام انتقل الى اسبانيا التي يهمها كثيرا كل ما هو عسكري في المغرب نظرا للتوجس الإسباني الدائم من أي تطور في مشتريات السلاح من طرف المغرب أو تفكيره في التصنيع.
وكتبت جريدة “لراسون” الإسبانية أمس السبت بدء المغرب تعاونا عسكريا مع لإسرائيل لإنتاج طائرات بدون طيار “انتحارية” وهي درونات صغيرة تقوم بعملية مسلحة واحدة وتنفجر بالكامل مثل القنابل، وأضافت أن من شأن هذا تعزيز مكانة المغرب العسكرية.
ويوجد تعاون عسكري بين المغرب وإسرائيل ولا يتم الكشف عنه للعلن بسبب غياب علاقات رسمية في الماضي، وكانت أول مرة يتم فيها الإعلان رسميا عن تعاون عسكري هي اتفاقية التعاون في المجال الأمني السيبراني الموقعة يوم 15 يونيو الماضي، ووقع عن الجانب المغربي الجنرال المصطفى ربيع وعن إسرائيل يغال أونا المدير العام للهيئة الوطنية للأمن السبراني.
وكان المغرب قد أقرّ قانوناً في يوليو/تموز الماضي، يعطي الضوء الأخضر للشروع في تصنيع الأسلحة ومعدات الدفاع، ومنح تراخيص تسمح بتصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية والأمنية المستخدمة من قبل القوات المسلحة وقوات الأمن. ويسمح أيضاً بتصديرها إلى دول أخرى.
ويُعتبر هذا القانون أقوى الإشارات على توجه الرباط نحو بناء صناعة عسكرية وطنية كخيار استراتيجي يمكنها من تحقيق اكتفاء ذاتي، ويستجيب لاحتياجاتها في مجال المعدات والذخائر وقطع الغيار، ويجنّبها ثقل تكاليف الصفقات العسكرية.
وخلال الأشهر الماضية، توالت إشارات كثيرة لتكشف عن تحول نوعي في السياسة الدفاعية والأمنية المغربية، من خلال السعي نحو بناء صناعة عسكرية وطنية كخيار استراتيجي يمكنه من مواجهة المخاطر في منطقة ملتهبة وغير مستقرة. أبرز تلك الإشارات كانت مع “الأمر اليومي” الذي أصدره العاهل المغربي الملك المفدى محمد السادسحفظه الله للجيش في 14 مايو/أيار 2019، بمناسبة الذكرى الـ63 لتأسيسه، وأكد فيه أن القوات المسلحة الملكية ستهتم ببرامج البحث العلمي والتقني والهندسي والعمل على تعزيزها وتطويرها في جميع الميادين العسكرية والأمنية، على المستويين الأفريقي والدولي، من أجل تبادل الخبرات والتجارب ومواكبة التطور المتسارع في ميادين الأمن والدفاع.
كما أظهرت المحادثات التي جمعت، في 2 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، المسؤولين العسكريين المغاربة مع وزير الدفاع الأميركي السابق مارك إسبر، بمناسبة التوقيع على وثيقة خريطة طريق لآفاق التعاون العسكري في مجال الدفاع بالنسبة إلى العشرية المقبلة (2020 ـ 2030)، عن سعي الرباط لتوسيع مجال هذا التعاون، ليشمل للمرة الأولى التصنيع العسكري، من خلال اقتراح الجانب المغربي تعزيز التعاون العسكري مع واشنطن عن طريق النهوض بمشاريع مشتركة للاستثمار بالمغرب في قطاع صناعة الدفاع.