“جماعة التوحيد والإصلاح” تحذر من التسرع في تمرير قانون “الحشيش” في البرلمان

0
390

نجح الامين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، بنكيران في المراهنة على كسب “شيوخ” جماعة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية للحزب، في جرهم إلى صفه، ما سيساعده على محاصرة خصمه وتجريده من صفته كحام لأفكار الحزب ومبادئه، ومن ثمة الإطاحة به من قيادة الحزب.

الرباط – حذّرت حركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية، قائد الحكومة في المغرب ، من الوقوع في المفاسد المُحقَّقة الماثلة للعيان ومخاطرها الاجتماعية والتربوية على الناشئة والأسرة والمجتمع.

وأوضحت جماعة التوحيد والإصلاح الذراع الدعوية للحزب في ملاحظات منهجية على القانون، أن “موضوع تقنين زراعة الكيف يحتاج إلى التريث وتوسيع الاستشارة وتنوير عموم المواطنين والمواطنات بنتائج الدراسات الوطنية والتجارب الدولية المماثلة”.

وقال رئيس الحركة، عبد الرحيم الشيخي، إنه ” إذا كان المنتظم الدولي من خلال منظماته المعنية قد أعاد تصنيف القنب الهندي، وأخرجه من لائحة المخدرات ذات الخصائص الشديدة الخطورة، وسمح بإمكانية استعماله طبيا وصناعيا، وبادرت تبعا لذلك بعض الدول إلى الشروع في تقنين زراعته واستعماله، فإن ذلك “لا يعني الاقتفاء التلقائي لذلك المسار والتسرع دون مراعاة لمآلات التقنين، ولضرورة تنوير الرأي العام بمختلف الحيثيات المقدَّمة، ولا سيما الدراسات التي أنجزتها القطاعات المعنية سواء بالنسبة لوطننا أو للتجارب الدولية السابقة ومدى نجاحها أو فشلها في تحقيق ما يهدف إليه هذا القانون”.

وطالب رئيس الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية بتحري الدقة والوضوح والشفافية مع المواطن بخصوص المشروع، مبرزا أنه “على عكس ما يتم الترويج له إعلاميا من أن مشروع التقنين جاء أساسا لتطوير الزراعات المشروعة للقنب الهندي، وأنه كفيل بتحسين دخل المزارعين وحمايتهم من شبكات التهريب الدولي للمخدرات، فإن الحيثيات المقدمة والمشار إليها أعلاه تتحدث أكثر عن “السوق العالمية” وضرورة الإسراع “للاستحواذ على أكبر الحصص” منها و”ضرورة استثمار المغرب للفرص التي تتيحها هذه السوق”، و”استقطاب الشركات العالمية الكبرى المتخصصة”، و”جلب الاستثمارات العالمية والاستفادة من مداخيل السوق الدولية لهذه النبتة”.

وطرح سؤالاً رئيس الذراع الدعوي للحزب الشيخي: عن أي مزارعين يتحدث المشروع؟ هل هم أولئك الفلاحون والمزارعون الصغار الذين يعانون في المناطق الشمالية للمملكة؟ وهل أظهرت الدراسات المنجزة أنه مع التقنين ستتحسن مداخيلهم؟ أم أن الأمر يتعلق بمزارعين آخرين يوجدون فوق هؤلاء في السلسلة الإنتاجية غير المشروعة حاليا؟ أم هم مزارعون يستثمرون اليوم في زراعات أخرى متعددة في مختلف أنحاء المملكة وسيستثمرون غدا في “النبتة” لتتحسن مداخيلهم ويصبحوا المستفيد الأكبر في ظل عدم تنصيص القانون صراحة على الأقاليم المعنية وترك تحديدها بمرسوم لن تكون الحكومة ملزمة بالرجوع فيه للبرلمان اليوم أو غدا؟”.

وطالب “الشيخي”  بتبني مقاربة تشاركية وتوسيع الاستشارة في الموضوع، مبينا أن المغرب “رغم توقيعه على عدد من القرارات والاتفاقيات الدولية أو انخراطه في جهود دولية لمعالجة قضايا محددة، غالبا ما يتسم التزامه بذلك بنوع من التريث وتقليب النظر في القضايا المطروحة من كافة الزوايا وأخذ رأي أكثر من مؤسسة دستورية كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وعند الاقتضاء المجلس العلمي الأعلى”.

إذاً الحشيش ممنوع والخمر غير ممنوعة. لماذا ؟  لأن الحشيش يسطل المخ والخمر يذهب العقل. هذا حرام وهذاك حرام. هذا يضر بالصحة وهذاك يضر بالصحة. الحشيش غالي والخمر أغلى منه. ما معنى القانون متحايز للخمر ؟ القانون يفوت للخمرة لأن منتجيها يدفعون عليها ضرائب. إذا خليو حتى لحشيش ويدفع عليه ضرائب”. إذ تعتبر زراعة القنب، على الرغم من أنها غير قانونية، مصدر رزق لنحو مليون شخص في المغرب.

وكان من المفترض أن تصادق الحكومة على مشروع القانون يوم الخميس الماضي، لكنها أجلت النقاش فيه لاجتماعها غذاً الخميس.

وطرح مشروع القانون هذه المرة بعد أن اعتمدت اللجنة الوطنية المغربية للمخدرات، في 11 فبراير/شباط الماضي، توصيات منظمة الصحة العالمية، المتعلقة بإزالة القنب الهندي من الجدول الرابع للمواد المخدرة ذات الخصائص شديدة الخطورة، والتي ليست لها قيمة علاجية كبيرة.

وكان بنكيران، رئيس الحكومة السابق (2012 – 2017)، قد هدد يوم الاثنين إنه يعتزم الانسحاب من حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي، إذا وافق نواب الحزب في البرلمان على مشروع قانون أعدته الحكومة لتقنين القنب الهندي (الحشيش).

وأضاف بنكيران في وثيقة نشرها موقع مغربي خاص “بصفتي عضوا في المجلس الوطني للحزب (مجلس شورى الحزب)، أعلن أنه في حالة ما إذا وافقت الأمانة العامة للحزب على تبني القانون المتعلق بالقنب الهندي، فإنني سأجمد عضويتي في الحزب”.

وتابع “وإذا ما صادق ممثلو الحزب في البرلمان على القانون المذكور، فإنني سأنسحب من الحزب نهائيا”.

وقال مراقبون إن بنكيران يريد أن يوظف ورقة التشريع للقنب الهندي (الحشيش) للضغط على العثماني والشق الداعم له من قيادات الحزب أكثر من كونها رفضا للقانون الجديد، مشيرين إلى أن بنكيران نفسه حين ترأس الحكومة كان أكثر براغماتية في مواقفه، ولم يكن يحتكم في مواقفه إلى “فتاوى” دينية.

ويريد الأمين العام السابق للحزب استثمار “أخطاء” العثماني خاصة بعد موضوع التطبيع ومشاركته في التوقيع على اتفاق مغربي إسرائيلي بصفته رئيسا للحكومة، للإيحاء بأن العثماني تخلى عن هوية الحزب الإسلامية وحوله إلى حزب براغماتي انتهازي، والهدف هو كسب المزيد من القيادات في صفه خاصة القيادات المحافظة التي لم تغادر إلى الآن الأفكار القديمة للجماعة الدعوية ذات الخلفية الإخوانية.

وأطلق بنكيران تصريحات قوية ضد قيادات الحزب الممثلين في الحكومة، والذين حضروا في لقاءات مع الوفد الإسرائيلي. وتساءل في أحد تصريحاته “هل أخذتم المناصب بالذهاب إلى إسرائيل، كان قبلكم يذهب البعض إلى إسرائيل، من يتذكرهم اليوم أو حضر لجنازتهم”؟ وذلك في انتقاد واضح منه للعثماني ولعزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن المغربي والقيادي بالحزب الذي أكد أنه لا يمانع زيارة إسرائيل إذا اقتضى الأمر، باعتباره يمثل الدولة.

من الناس من رأى في موقف بنكيران الرافض لتقنين زراعة القنب الهندي، على اعتبار أنه محرم في الإسلام، تناسقا مع التوجه الإسلامي لحزب العدالة والتنمية.

ومنهم من قال إن الحزب يجب أن يتخذ موقفا موحدا رافضا للقانون.

لكن بعض المعلقين على رفض بنكيران رأوا فيه تباينا مع مواقف سابقة له وللحزب، تبدو أكثر انفتاحا، مثل موقفه من تقنين إنتاج وتجارة الخمور، التي تساهم في ميزانية المغرب.

وتساءل بعضهم: “إذا رفضت “الحشيش” لأنه “حرام” لماذا لا ينطبق الأمر على الخمور؟”

والخميس شرعت الحكومة  في دراسة مشروع قانون لاستخدام القنب الهندي في الأغراض الطبية والصناعية، وسط جدل كبير بشأن الأمر.

وتفيد إحصائيات بأن نحو 47 ألف مزارع مطلوبون للعدالة، وهو ما يجعلهم يدفعون مبالغ من دخلهم الضئيل، الذي لا يتعدى مئة دولار في الشهر للفرد.

 وحسب وزارة الداخلية، تعيش نحو 90 ألف عائلة عاملة في المجال الزراعي في شمال البلاد من عائدات الحشيش.

ويطمح المغرب من وراء ذلك إلى جلب “استثمارات عالمية من خلال استقطاب الشركات المتخصصة في الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي في الأغراض الطبية والصناعية”، بحسب وسائل اعلام حكومية.