كشف تقرير دولي حديث لمؤسسة “فيتش للحلول”، إن القطاع الصحي في المغرب يعاني من مشاكل عدة، تتمثل في تدني الأجور واحتجاجات العاملين واستشراء الفساد والرشوة.
الرباط – قال سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، اليوم الخميس، إن قطاع الصحة عرف في العقود الأخيرة تقدما من حيث البنيات التحتية وكذا الموارد المخصصة له.
وأكد خلال كلمته في المجلس الحكومي أن الحكومة الحالية ساهمت في هذا التقدم المسجل، لا سيما بالرفع من الموارد المخصصة للقطاع، بطريقة مطردة وبشكل غير مسبوق، سواء على مستوى الميزانيات المخصصة أو الرفع من المناصب الموجهة للقطاع، والتي تضاعفت لتصل إلى 5500 منصب مالي برسم سنة 2021.
ورغم أن هذه المجهودات، يضيف العثماني، ساهمت في تحسين منظومة الخدمات الصحية، إلا أن القطاع لا يزال يواجه تحديات حقيقية، ويحتاج إلى جهود نوعية، خاصة فيما يتعلق بالموارد البشرية وبالحكامة، بهدف تحسين وتعميم الخدمات الصحية للجميع، وضمان جودتها.
وأوضح رئيس الحكومة أن هذه الحاجة قد تأكدت جليا خلال الأزمة الصحية الناتجة عن جائحة كوفيد-19، مشيرا إلى أن إطلاق الورشِ الوطني الكبير لتعميمِ الحماية الاجتماعية، يتطلب عناية مضاعفة تجاه منظومة الصحة ببلادنا لكي تنجح في رفع تحدي تنمية الموارد البشرية في هذه المنظومة، وتجويدِ حكامتِها، وتوسيع عرضها الصحي وتحسين خدماتها.
وعبر عن تحيته للأطر الصحية، بمختلف فئاتها، ولا سيما في مواجهة جائحة كوفيد-19، معبرا عن الاعتزاز بمستوى المهنية والتضحية التي تتميز بها الأطر الصحية وخريجو منظومتنا التكوينية، من أطباء، وممرضين، وتقنيين، وإداريين وغيرهم.
وأكد رئيس الحكومة أن الإنجازات والمكاسب التي تحققت، ستتكرس أكثر على إثر تطبيق النصوص المبرمجة خلال المجلس، والتي ستكون لها آثار إيجابية في الاتجاه الصحيح، لافتا الى ضرورة استمرار الحوار والتفكير الجماعي والتعاون لتحقيق المزيد، ولتأهيل المنظومة الصحية بما يعود على البلد وعلى المواطنين بالخير العميم.
ومن جهة أخرى، توقف العثماني على الدعوة الملكية للتفاعل الجدي مع خلاصات النموذج التنموي الجديد، وجعلها في خدمة تنمية البلاد ورفاهية المواطنات والمواطنين.
واعتبر العثماني لحظة النموذج الجديد لحظةً مهمة، انتظرها جميع المغاربة، مسجلا ضرورة الشروع في العمل على مضامين التقرير ورؤيته الممتدة إلى عام 2035.
وأكد أن الحكومة ستقوم بدراسة التقرير من أجل التجاوب الفعال مع مضامينه في مجال اختصاصاتها، وفي علاقة التقرير بمختلف الأوراش التي تباشرها.
وشهدت ميزانية وزارة الصحة ارتفاعا ملموسا خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغت 20 مليار درهم (مليارا دولار) في مشروع قانون المالية لسنة 2021، مقابل 12.92 مليار درهم (1.29 مليار دولار) سنة 2014 أي بزيادة تفوق 53 في المئة.
ويرتهن نجاح أي خطوة إصلاحية بما ترصده الدولة من ميزانيات مهمة وبحثها عن تمويلات بديلة، مع ترشيد النفقات واستكشاف آليات جديدة للتمويل. وذكرت دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بعنوان “تعبئة الإيرادات الضريبية لتمويل الصحة في المغرب”، إن “المغرب قام، منذ عدة سنوات، بتحسين أداء منظومته الصحية، ما أدى إلى ارتفاع أمد الحياة وانخفاض نسبة الأمراض المتنقلة والمعدية”.
وكانت الكوادر الصحية من أطباء وممرضين وإداريين قبل انتشار وباء كورونا تطالب بتحسين بيئة العمل ورفع الرواتب من خلال دعوات متصاعدة.
ولا يزال الاحتقان بين الأطباء المغاربة ووزارة الصحة، مستمرا، حيث خاضوا سلسلة من الإضرابات احتجاجا على تردي ظروف اشتغالهم، وعدم تزويدهم بأجهزة ومعدات تمكنهم من تقديم خدمات صحية تحفظ كرامة المواطن.
واعترف وزير الصحة المغربي خالد آيت الطالب، بأن عملا جادا يتم القيام به من أجل إصلاح منظومة الرعاية وتوسيع التغطية من خلال الإصلاح المؤسساتي للمنظومة الصحية العمومية.
ويعاني قطاع الصحة في المغرب من مجموعة من المشاكل، لخصها وزير المالية في ضعف التجهيزات وقلة الموارد البشرية والتفاوتات الكبيرة في التوزيع الجغرافي للمراكز الاستشفائية والكفاءات الطبية.
وتجبر الخدمات “الرديئة” التي تقدمها المستشفيات العمومية المواطنين المغاربة على التوجه إلى المصحات والعيادات الخاصة رغم ارتفاع تكاليف العلاج.
وتواجه المراكز الصحية الجديدة، مشكلة قلة الموارد البشرية والمالية، وتأخر صيانة التجهيزات والمعدات الطبية، والتي تحتاج إلى أغلفة مالية تثقل كاهل ميزانية المستشفيات الجامعية، وتتطلب خبرة عالية لإنجاز عمل الصيانة.
وتشير بيانات البنك الدولي لسنة 2017 إلى أن قرابة 8.5 مليون شخص في المغرب دون تغطية صحية. أما أرقام الحكومة المغربية فتفيد بأن 60% من السكان فقط مشمولون بتغطية صحية حسب إحصائيات شهر مايو 2019.
ويشغل القطاع الخاص أكثر من 13 عشر ألف طبيب في مختلف التخصصات وهو ما يفوق بنحو ألف عدد نظراءهم في القطاع العام.
بينما ترى وزارة الصحة أن الخارطة الصحية الجديدة تشكل آلية أساسية لتحسين ولوج المغاربة إلى الخدمات الطبية والصحية، عبر تبنيها لعملية توزيع عادل للخدمات الصحية بين الجهات والأقاليم والمناطق الحضرية والقروية.
وبحسب أرقام متوفرة على الموقع الرسمي لوزارة الصحة، فإن عدد المصحات الخاصة يبلغ 359 مصحة في مقابل أكثر من ألفي مركز ومستشفى عمومي.
ولا يتجاوز راتب الطبيب في القطاع العام 8 آلاف درهم (حوالي 800 دولار) وهو ما يقل بكثير عن الراتب الذي يتقاضاه الطبيب الممارس في القطاع الخاص.
ويتوفر المغرب حاليا على سبع جامعات للطب والصيدلة وخمس مستشفيات جامعية تتوفر على مختلف التخصصات. وتراهن الدولة على إحداث مستشفى جامعي في كل محافظة من محافظاته الاثنتي عشرة وذلك ضمانا للتوزيع الجغرافي العادل للخدمات الصحية.