اصطف حوالي 200 رجل وامرأة من الإسرائيل بدون أي قطعة ملابس تستر جسدهم بالقرب من الناحية الغربية للبحر الميت بهدف تسليط الضوء على قضية البحر الميت المتدهورة.
ولطخ الرجال والنساء أجسادهم العارية باللون الأبيض ثم وقفوا أمام عدسة المصور الأمريكي “سبنسر تونيك” لالتقاط صور تعكس أزمة البحر.
وقال تونيك “البحر الميت يختفي، نحن بحاجة إلى إيجاد طريقة للحفاظ على المستوى أو إدخال المياه العذبة إلى البحر الميت، بإبقاء جميع البلدان محيطة بالمياه. الماء هو الحياة”.
وقال “تونيك” أنه قرر تلطيخ أجساد العراة باللون الأبيض لتمثيل أعمدة الملح من القصة التوراتية لزوجة لوط، شخصية سفر التكوين التي تحولت إلى عمود ملح عندما نظرت إلى سدوم، المدينة القديمة التي كانت في منطقة البحر الميت (حسب قوله).
قال تونيك: “لا أخشى أن يتحول أي شخص إلى حجر، فهذا عقاب كبير”.
وقال أحد مساعدي “تونيك” أن تلطيخ العراة باللون الأبيض 10 دقائق فقط، لكنهم يحتاجون ثلاثة أيام لغسلها.
يذكر أن انحسار البحر الميت يتواصل بشكل متسارع، حيث تقلصت مساحته بنحو 30 %، وذلك جراء قطع إسرائيل مياه نهر الأردن المغذي الرئيسي له منذ أكثر من 55 سنة، الأمر الذي يهدد بتداعيات سلبية على البيئة والسياحة فيه.
وانخفض مستوى المياه في البحر الميت، الذي يعتبر أخفض منطقة في العالم، إلى 34 متراً دون مستوى سطح البحر، مسجلاً أدنى مستوياته في التاريخ.
ويعود سبب تراجع المياه في البحر الميت إلى تحويل إسرائيل مياه نهر الأردن إلى صحراء النقب في الجنوب، وزيادة مصانع استخراج الأملاح والبوتاس على شواطئه وتذبذب سقوط الأمطار.
وتتشارك في مياه نهر الأردن خمس دول مشاطئة هي فلسطين، الأردن، سوريا، لبنان وإسرائيل، التي تستغلّ معظم مياهه. وقد فقد البحر ثلث مياهه منذ الستينات، بسبب شحّ الأمطار وتحويل المياه من نهر الأردن إلى مشاريع مائية إسرائيلية. علاوة على تحويل مياه النهر، تستخدم كلّ من الأردن وإسرائيل أحواض تبخير ضخمة لاستخراج المعادن مثل البوتاس والمغنيسيوم من مياه البحر.
في السياق، تمنع إسرائيل الفلسطينيين من البناء أو الاستثمار أو استغلال الموارد الطبيعية في البحر الميت وشواطئه، في حين يستثمر المستوطنون في العديد من المشاريع السياحية والزراعية. والبحر الميت هو جزء من منطقة الأغوار التي احتلّها عام 1967، والتي تشكّل نحو 30 في المئة من مساحة الضفّة الغربية المحتلّة.
يعتبر البحر الميت منطقة سياحية لكنه مكان منخفض بسبب الخسف بالأرض الذي نزل عقابا من الله على قوم لوط بسبب ارتكابهم الفاحشة، حتى يتعظ الجميع ونسلم أمرنا لله، وفي كل مصيبة نقول يارب.
نسب لوط -عليه السلام- هو: لوط بن هارون بن تارح وتارح هو آزر، ولوط -عليه السلام- هو ابن أخ إبراهيم عليه السلام، وذُكِر اسم لوط أكثر من خمسٍ وعشرين مرّةٍ في القرآن الكريم، وأرسل الله -تعالى- لوط إلى قومه ليعلّمهم توحيد الله وترك الفاحشة التي كانت ظاهرة في قومه ومنتشرة كثيراً، لكنّ قوم لوط لم يستجيبوا لأمره ولم ينتهوا عن فعلهم القبيح الذي كانوا يأتونه، حيث هدّدوه بالإخراج من قريتهم، ولم يكن مسوّغ ذلك إلّا طهارته، ونقائه، وتوحيده، وصرّحوا له بذلك، حيث قال الله تعالى: (أَخْرِجُوا آَلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)،وفي ذلك تمادٍ واضح وفسق وتكبّر، إذْ لم يكتفوا بتبجّحهم بالفاحشة، بل إنّهم كرهوا من يدعوهم إلى الطهر وأعمال الفطرة، ثمّ تحدّوا نبيهم لوطاً -عليه السلام- أن يحلّ بهم العذاب الذي توعّدهم به في حال كفرهم واستمرار ذنوبهم، قال الله تعالى: (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)، وحينئذٍ دعا لوط -عليه السلام- الله -تعالى- أن ينصره وينصر دعوته على الكافرين.
عذاب قوم لوط
قال تعالى في سورة الحجر: {وَجَاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ * قَالَ إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ * وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ * قَالُوا أَوَلَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعَالَمِينَ * قَالَ هَؤُلاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ * لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ* فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ* إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}.
تشير هذه الآيات إلى أنّ الصيحة التي قضت على قوم لوط كانت مترافقة مع زلزال كبير وبركان قوي، فكانت الحمم البركانية تخرج من باطن الأرض ثمّ تهبط عليها كالمطر على قوم لوط الذين كانوا يسكنون منطقة (سديم) في الأردن. وتشير الآيات السابقة إلى أنّ قوم لوط جاءتهم الصيحة “مشرقين” أي في ساعات الصبح الأولى.
ويمكننا التساؤل عمّا إذا كان موت لوط الفعلي بالصيحة والرجفة أولاً ثم بالبراكين والزلازل لأن الله تعالى أراد أن لا يبقي لهم أثراً. ويؤكد هذا عالم الآثار الألماني وورنر كيلر (Werner Keller) قائلاً: “غاص وادي سديم الذي يتضمن (سدوم) و(عامورا) مع الشق العظيم، الذي يمر في هذه المنطقة، إلى أعماق سحيقة في يوم واحد، قال إنّ هذا الدمار حدث بفعل هزة أرضية عنيفة صاحبتها عدة انفجارات وأضواء نتج عنها غاز طبيعي وحريق شامل تحررت معه القوى البركانية التي كانت هامدة في الأعماق على طول الصدع في ذلك الغور.
أما قوله تعالى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّنْ سِجِّيلٍ مَّنْضُودٍ} فيمكن أن يعني حدوث انفجار بركاني على ضفتي بحيرة لوط، ولهذا كانت الحجارة التي انطلقت (مِنْ سِجِّيل)، وعن ذلك يقول وورنر كيلر أيضاً في كتابه: “تحررت القوى البركانية التي كانت هامدة في الأعماق على طول الصدع من ذلك الغور، ولا تزال فوهات البراكين الخامدة تبدو ظاهرة في الوادي العلوي من الضفة الغربية، بينما تترسب هنا الحمم البركانية وتتوضع طبقات عميقة من البازلت على مساحة واسعة من السطح الكلسي”.