في مشهد يعكس عمق اختلالات تدبير الشأن المحلي وتفشي الفساد في مشاريع البنية التحتية، فجّرت الجمعية المغربية لحماية المال العام – المكتب الجهوي مراكش الجنوب، قنبلة من العيار الثقيل بعد أن تقدمت بشكاية إلى الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بمراكش، تتهم فيها جهات لم تُسمها صراحة، لكنها أحاطتها بشبهات تبديد المال العام، الثراء غير المشروع، واستغلال النفوذ في ملف المحطة الطرقية الجديدة بمنطقة العزوزية، المشروع الذي وُلد في إطار “الحاضرة المتجددة” لكنه مات قبل أن يرى النور.
سؤال مركزي: لماذا فشل مشروع ضخم كهذا رغم توفر الموارد والمصادقة الرسمية؟
الملف، كما كشفته الشكاية، يُظهر أن جذور الفشل لا تعود إلى نقص في التمويل أو تعقيدات تقنية، بل إلى تشابك مصالح بين منتخبين ومسؤولين وشركات محظوظة تمكّنت من تحويل المشروع إلى وسيلة للإثراء وليس أداة للتنمية.
وفقًا لما ورد في الشكاية، تعود جذور المشروع إلى الولاية الجماعية (2009-2015)، حيث صودق عليه بتكلفة ضخمة بلغت 12 مليار سنتيم، ورُصد له دعم ضمن برنامج “الحاضرة المتجددة” الذي خصص له مبلغ 89 مليون درهم. غير أن المحطة، التي كان يفترض أن توفر فضاءً عصريًا لنقل المسافرين وتحرّك الدورة الاقتصادية للمنطقة، تحوّلت إلى منشأة مغلقة منذ أكثر من سنتين، بعد إنجازها بأشغال وصفت بـ”المعيبة”.
من استفاد؟ ومن يتحمل المسؤولية؟ أسئلة تحتاج إلى تفكيك…
في قلب هذا الملف تبرز عدة معطيات صادمة:
-
كراء عقار تابع للدولة (6 هكتارات) بثمن زهيد للغاية (127 ألف درهم في السنة)، وبشروط غير متكافئة تجبر المكتري على إعادة كل التحسينات المنجزة دون تعويض.
-
منح جزء من العقار (7500 م²) لشركة “AYA KECH GEST” لاستغلاله في مشروع فندق ومحطة وقود، رغم أن التخصيص الأصلي كان لمحطة سيارات الأجرة.
-
ظهور أسماء مثل “ح.م” و“ح.ح” المرتبطين بمسؤولين محليين، كأصحاب الشركة المذكورة، في سياق يطرح علامات استفهام حول التخطيط المسبق لاحتكار العروض العقارية العمومية.
-
تمرير الموافقات على أساس وثائق تصف الأرض بأنها فلاحية، وهو توصيف غير مطابق للواقع.
-
توقيع عقد الكراء من طرف شخص لم يعد شريكًا قانونيًا في الشركة بعد تخليه عن حصته، ما يطعن في شرعية الإجراءات التعاقدية.
-
تغيير التصميمات بشكل متكرر لزيادة المساحة المستغلة، في تجاوز للمخطط المصادق عليه.