جزء من المناورات المشتركة ‘الأسد الإفريقي 2021’ يجري في الصحراء المغربية ويشمل منطقة سجلت فيها خروقات من قبل جبهة البوليساريو لاتفاق وقف إطلاق النار في صفعة جديدة للجبهة الانفصالية وداعميها. فيما جرى استبعاد اسبانيا من هذه المناورات وسط أزمة بين الرباط ومدريد على خلفية تكتم الأخيرة على استقبالها زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي ورفض محكمة اسبانية اعتقاله أو اتخاذ إجراءات تضمن عدم فراره بينما يواجه اتهامات بارتكاب جرائم حرب بحق صحراويين.
مدريد- في خطوة من شأنها أن تزيد تفاقم الأوضاع المتفجرة بين المغرب وإسبانيا على خلفية نزاع الصحراء المغربية، نظم الجيش الإسباني مناورات على بعد أمتار قليلة من الشواطئ المغربية قرب إقليم الحسيمة شمال المملكة، وذلك بعدما رفضت مدريد المشاركة في مناورات “الأسد الأفريقي 2021”.
ويحتضن المغرب مثل كل سنة مناورات عسكرية تحمل اسم “الأسد الأفريقي 2021″، وتشارك فيها تسع دول من أوروبا وأفريقيا بعدد جنود يبلغ 7800، علاوة على 67 طائرة مقاتلة ودعم لوجستي سفن حربية.
واستبعدت إسبانيا، التي اعتادت المشاركة في هذا الحدث منذ سنوات، عن هذه المناورات الجماعية. وبررت وزارة الدفاع الإسبانية مزاعم القرار بعدم وجود ميزانية خاصة لهذه المشاركة، بحسب صحيفة “الباييس” الإسبانية.
ومقابل ذلك نظّمت البحرية الإسبانية مجموعة من التدريبات العسكرية بالقرب من سواحل الحسيمة، ذاكرة في تغريدة لها بموقع “تويتر”، أن إحدى المهام الرئيسية للسفينة الراسية في محيط صخرة الحسيمة “دعم ساحات السيادة الوطنية في شمال أفريقيا”.
وفي مقابل ذلك، قالت صحيفة “هسبريس” المغربية إنه كان بالإمكان رؤية الطائرات الإسبانية من سواحل الحسيمة. ويرفض المغرب الاعتراف بشرعية الحكم الإسباني على صخرة الحسيمة أو ما تعرف بـ”جزيرة النكور”.
ونشرت البحرية الإسبانية مقطع فيديو يظهر عملية إمداد رأسية بين السفينة المساعدة “MarCaribe” والحامية الصغيرة المتمركزة في الصخرة، باستخدام مروحية من طراز شينوك.
El buque auxiliar #MarCaribe realiza un aprovisionamiento vertical con 🚁 Chinook del @EjercitoTierra.
El buque, fondeado en las inmediaciones del peñón de #Alhucemas, realiza una de sus misiones principales de apoyo a las plazas de Soberanía Nacional en el norte de #África. pic.twitter.com/i6chjbVNjU
— Armada (@Armada_esp) May 31, 2021
واعترفت واشنطن في ديسمبر/كانون الأولمن العام الماضي في ظل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بسيادة المغرب على صحرائه، في خطوة أربكت كل من البوليساريو والحاضنة الجزائرية.
وتجمع نسخة 2021 من مناورات ‘أفريكوم’ المشتركة التي ألغيت في عام 2020 بسبب الوضع الوبائي، 7 آلاف جندي من 9 دول في الفترة بين 7 و 18 يونيو/حزيران، وفق ما ذكر الموقع الالكتروني للقيادة الأميركية، بدون الكشف عن مكان التدريبات.
وأظهر رسم بياني نشره رئيس الحكومة المغربية ، سعد الدين العثماني على تويتر موازنة قدرها 24 مليون دولار ومشاركة نحو مئة مدرعة و46 طائرة دعم و21 طائرة مقاتلة.
ولم تتم الإشارة إلى اسبانيا كدولة مشاركة. وذكر موقع أفريكوم الالكتروني أن هذا “الحليف القوي” كان رغم ذلك يساهم لسنوات في العمليات متعددة الأطراف.
وذكر موقع إخباري مغربي أنه “خلافا لما نقلته وسائل الإعلام الإسبانية حول امتناع مدريد عن المشاركة في مناورات الأسد الإفريقي التي تحتضنها المملكة المغربية خلال الشهر المقبل، بسبب الميزانية وضعف التنسيق، نقلت مصادر إعلامية متطابقة أن القيادة العسكرية الأميركية والمغربية اتفقت على عدم استدعاء إسبانيا إلى أكبر تمرين عسكري في إفريقيا”.
ونقل الموقع الاخباري المغربي عن المحلل الأمني والعسكري محمد بن حمو قوله “المغرب رفض مشاركة إسبانيا في التمارين العسكرية المقامة على أرضه بتنسيق مع أميركا التي تحاول حماية قرارها السياسي الذي اعترفت بموجبه بالسيادة الكاملة للمملكة على الصحراء”، مضيفا أن المغرب وجه صفعة للإسبان برفضه احتضان القوات العسكرية الإسبانية في ترابه”.
وخلص بن حمو إلى القول بأن “إسبانيا حاولت أن تعطي الانطباع بأنها صاحبة قرار وبأن موقف المشاركة من عدمه رهين باتجاهات نزاع الصحراء، لكن الواقع أن الرباط وواشنطن قررتا عدم استدعاء إسبانيا إلى المناورات”.
ويقول المحلل السياسي المغربي، رشيد لزرق، لموقع “الحرة” إن هذه المناورات في خانة “الضغط المسبق على المغرب قبل أن يتخذه قراره في الرد على المواقف الإسبانية الأخيرة”.
ويؤكد لزرق أن “المغرب يأخذ وقته في إعمال حقه بالرد المناسب على اتهامات الحكومة الإسبانية التي لا أساس لها”، واصفا العلاقات بين الطرفين بـ”الجوار الصعب”.
واتهمت إسبانيا المغرب بـ”الاعتداء” و”الابتزاز” بعد وصول آلاف المهاجرين إلى جيب سبتة المحتلة، بينهم مئات القاصرين، مستغلين تخفيف مراقبة الحدود في الجانب المغربي، على خلفية الأزمة الدبلوماسية التي اندلعت بعد وصول ما يسمى بزعيم جبهة “بوليساريو”، إبراهيم غالي الانفصالي ، الشهر الماضي للعلاج في إسبانيا.
وتتمسك إسبانيا رورقة جديد قديمة رفضها المشاركة بمناورات “الأسد الأفريقي 2021″، لـ”عدم إضفاء الشرعية على احتلال الصحراء”، بحسب الصحيفة الإسبانية، علما أن القيادة الأميركية في أفريقيا “أفريكوم” لم تنيو ولم تؤكد إجراء جزء من المناورات في الصحراء المغربية المسترجعة من المحتل الإسباني.
وتحاول ما يسمى بالكيان غير الشرعي جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر بسخاء وعلى حساب شعبها المغلوب على أمره، الاستقلال بالصحراء المغربية التي ظلت مستعمرة إسبانية حتى استرجعها الملك الرحل الحسن الثاني بمعية شعب جبار صانع التاريخ بـ 35 ألف مواطن ومواطنة منتصف السبعينات وأصبح المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها.
وقال لرزق: “إسبانيا كانت تحتل الأقاليم الجنوبية، وهي الأكثر دراية بكيفية افتعال الخلافات”، مشددا على أن “إسبانيا بحاجة للمغرب على الصعيد الاقتصادي والأمني ولذلك تخشى من الموقف الذي سيصدر عن الرباط”.
قطع العلاقات الدبلوماسية
وعن الإجراء المتوقع اتخاذه من قبل الرباط، اعتبر المحلل السياسي أن بلاده اختارت “التدرج لفسح الوقت للحكومة الإسبانية لإصلاح سياستها العدائية ضد السيادة المغربية، ولكنها استمرت في سلوك المناورة تجاه المطلب المغربي المتمثل في الاحترام المتبادل للسيادة”، متوقعا أن تؤدي الأزمة الجارية إلى “قطع العلاقات الدبلوماسية” بين البلدين.
وأضاف: “المغرب يصر على ضرورة التعامل وفق احترام متبادل ويدفع بحقوقه التي تكفلها المبادئ الدولية والأعراف الدبلوماسية، مقابل مناورات إسبانية وتحايل على المطالب المغربية”.
في وقت تصنف الرباط، الكيان غير الشرعي جبهة البوليساريو على أنها “جماعة إرهابية” وغالي “مجرم”، اعتبر لزرق أن “الحكومة الإسبانية لم تتعامل بجدية مع مجرم ضد الإنسانية، وقد بدأت بتهريبه إلى أراضيها وانتهت برحيله عنها، في ضرب واضح لقانونها الداخلي و تسييس مفضوح للقضاء الإسباني”.
وكانت صحيفة “إل باييس” ذكرت أنّ زعيم ما يسمى بالكيان غير الشرعي زعيم بوليساريو وصل إلى إسبانيا بسريّة تامّة، في 18 أبريل، في طائرة طبية وضعتها في تصرفه الرئاسة الجزائرية وبحوزته “جواز سفر دبلوماسي”. ثم أدخل وهو في حالة حرجة إلى مستشفى لوغرونيو باسم مستعار “لأسباب أمنية”.
ووصل غالي، إلى الجزائر، الأربعاء، مغادرا إسبانيا بعد ساعات قليلة من مثوله عن بُعد أمام المحكمة العليا الإسبانية في قضية تتعلق بارتكاب جرائم حرب، ولكن لم يفرض القضاة بعد الجلسة أي قيود على غالي وسمحوا له بمغادرة إسبانيا.
وجاءت مناورات البحرية الإسبانية قبل يوم من مثول غالي أمام المحكمة العليا.
وهنا يقول لزرق إن ذلك يعتبر “إخلالا بالثقة والاحترام المتبادل الذي جرى العبث بهما وتحطيمهما”، مشددا على أن “الشراكة المغربية الإسبانية أمام محك صعب في شموليته”.
وأثار سماح إسبانيا لغالي بالمغادرة، مجموعة من الأنباء والإشاعات التي تحدثت عن قيام المغرب بطرد السفير الإسباني بالرباط وتبليغه، بأنه “شخص غير مرغوب فيه”، وهو ما نفاه لزرق.
وهنا يطرح لزرق، وهو دكتور في القانون الدستوري، التكيف القانوني لمسألة قطع العلاقات الدبلوماسية، معتبرا أنه “إجراءا سياديا تملك الدولة المغربية اتخاذه بالإرادة المنفردة وفق صلاحياتها التقديرية”.
وأضاف: “في حالة اتخذ المغرب هذا الإجراء، سيؤدي ذلك إلى إعلان كون السفير الإسباني في المغرب غير مرغوب فيه، ويمكن أن يتجاوز ذلك إلى إعلان انتهاء عمل كل البعثة الدبلوماسية أي السفارة والقنصليات، مما يعني انتهاء الدبلوماسية الدائمة بين البلدين”.
ورأى لزرق أن “قطع العلاقات إن حصل، هو تعبير عن مساس الحكومة الإسبانية بالمصالح السيادية للدولة المغربية”، لافتا إلى أن المغرب عندما يتجه إلى استدعاء السفير الإسباني أو المغربي للتشاور معه، فهذا لا يعني على الإطلاق قطع أو وقف العلاقات الدبلوماسية”.
واستدعى المغرب، أواخر مايو الماضي، سفيرته كريمة بنيعيش، من مدريد للتشاور بعد استضافة إسبانيا لزعيم بوليساريو للعلاج دون إبلاغ الرباط.
وقام الطرفان باستدعاءات سابقة بحق سفرائهما، في الفترة الماضية، وذلك لتسجيل احتجاجات أو للاستيضاح حول النقاط العالقة بينهما، دون أن يصل ذلك إلى سحب السفراء، أو قطع العلاقات القنصلية، بحسب لزرق.
المصدر : (موقع الحرة + المغرب الآن)