نقابة تطالب بتسريع إجراءات التحقيق في شبهة التواطؤ بين شركات المحروقات في المغرب

0
328

مرّت سنوات على تعيّين الملك المفدى محمد السادس حفظه الله، لجنة للتحقيق في “تواطؤات محتملة لشركات المحروقات وتجمع النفطيين في المغرب”، وذلك إثر صدور قرار لمجلس المنافسة (مؤسسة مستقلة)، يقضي بفرض غرامات مالية تصل إلى 9% من رقم المعاملات السنوي للشركات الثلاث الكبرى.

بدورها وجّهت النقابة الوطنية لمهنيي النقل الطرقي، رسالة لمجلس المنافسة من أجل تعجيل البت في شكاية أسعار المحروقات.

وتطالب النقابة الوطنية لمهنيي النقل الطرقي، التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في الرسالة الموجهة  إلى أحمد رحو، رئيس مجلس المنافسة، البتُّ في أقرب الآجال في شكاية شبهة التفاهم حول أسعار المحروقات التي وضعتها لدى المجلس منذ 15 نونبر 2016.

وأوضحت النقابة، أن الشكاية مطروحة لدى المجلس منذ أزيد من 6 سنوات، وهو ما نتج عنه ضرر لحق ويلحق كل يوم المقاولة النقلية وعموم المواطنين، من جراء ارتفاع أسعار المحروقات وأساسا الغازوال، من بعد حذف الدعم وتحرير الأسعار دون توفر مقومات التنافس في السوق واحتمال وجود التفاهمات بين الفاعلين حول الأسعار.

وتثير أسعار الوقود في المغرب جدلاً واسعاً، منذ رفع الدعم وتحرير أسعار المحروقات عام 2015، وتطبيق نظام المقايسة، الذي يقضي بأن تسير أسعار الوقود محلياً في اتجاه الارتفاع والانخفاض المسجل في الأسواق العالمية.

وتواجه شركات توزيع المحروقات في المغرب اتهامات بـ”التواطؤ لتحديد أسعارها، بشكل لا يعكس انخفاض الأسعار على المستوى العالمي، ومضاعفة أرباحها إلى ثلاث مرات، منذ تحرير أسعار المحروقات”، كما جاء في تحقيق نشرته صحيفة Telquel المغربية.

“وزراء ” فوق المحاسبة..عجز الميزانية في المغرب “مستمر ” بلغ 24 مليون دولار نهاية شهر ماي

 

وبحسب بيان للديوان الملكي، فقد تلقى العاهل المغربي قرار المجلس ليوم الأربعاء 22 يوليو “بموافقة 12 صوتاً ومعارضة صوت واحد”، والقاضي بفرض غرامة مالية بمبلغ “9% من رقم المعاملات السنوي المحقق بالمغرب” بالنسبة للموزعين الثلاثة الرائدين، وبمبلغ أقل بالنسبة لباقي الشركات.

وطالبت النقابة التابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بالتعجيل بالبت في أقرب الآجال في الشكاية ودون هدر المزيد من الوقت، مع العودة والاستحضار للوقائع المدونة في محاضر مصالح التحقيق والمتعلقة بتاريخ وضع الشكاية في 2016، مع اعتماد مبدأ الأثر الرجعي للتعويض عن الضرر الذي لحق المهنيين منذ تحرير الأسعار حتى اليوم.

ووضعت النقابة الوطنية لمهنيي النقل الطرقي، قبل ست سنوات شكاية لدى مجلس المنافسة، متعلقة بشبهة الممارسات المنافية لقواعد المنافسة في أسعار المحروقات المطبقة من طرف الموزعين، وذلك عقب تحرير الأسعار في فاتح دجنبر 2015. وذلك بناء، على” دخول حيز التنفيذ للقانون الجديد لحرية الأسعار والمنافسة ولقانون مجلس المنافسة بعد الصدور في الجريدة الرسمية عدد 7152 بتاريخ 15 دجنبر 2022.

في اجتماعاته السنوية…صندوق النقد الدولي يسعى إلى الاطمئنان على ديونه لدى المغرب

وفي الثلاثاء 28 يوليو 2021، تلقى جلالة الملك محمد السادس  مذكرة ثانية من رئيس مجلس المنافسة بشأن قيمة الغرامات المفروضة على الموزعين خلال الجلسة العامة ليوم 27 يوليو 2021. و”تم هذه المرة تحديد المبلغ في حدود 8% من رقم المعاملات السنوي دون تمييز بين الشركات، ودون أي إشارة إلى توزيع الأصوات”، بحسب بيان الديوان الملكي.

وقال الناشط في حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، خالد أشيبان، إن المقصود بـ”تواطؤ الشركات”، هو عقد اتفاق غير معلن بهدف التحكم في أسعار المحروقات عند مستوى معين، ما يعني أن سعر المحروقات لا ينخفض بانخفاضها على المستوى العالمي. مؤكداً أن “هذا ما حدث فعلاً في المغرب بعد رفع الدعم عن المحروقات، إذ لم تنخفض أسعار المحروقات في السوق المغربي، رغم الانخفاض الذي سجل على المستوى العالمي”.

وأشار المحلل الاقتصادي المهدي فقير، إلى أن المغرب “أصبح يستورد كامل حاجياته من المحروقات منذ سنة 2015 تاريخ توقيف مصفاة لاسامير”، مؤكداً أن التفاهمات المسبقة بين الشركات المستوردة “إذا ثبتت فهي ممنوعة في القانون، الذي يفرض تحريراً شاملاً لأسعار المحروقات”.

وكشفت تقارير عدة صدرت بعد سنتين من قرار تحرير أسعار المحروقات “استغلالاً من قبل شركات توزيع الوقود للقرار”، إذ ضاعفت أرباحها، بتوسيع هامش الربح الذي كان مقرراً قبل تحرير الأسعار، كما جاء في مذكرة حكومية نقل مضامينها موقع هسبريس، وأقرت بأن المستهلك المغربي “لم يستفد من انخفاض أسعار النفط دولياً خلال عامي 2016 و2017″، كما تحدثت عن ممارسات “مخلة بالمنافسة”.

وكان البرلمان المغربي قد شكل عام 2018 لجنة استطلاعية، للتحقيق في مدى توافق أسعار المحروقات في السوق المحلية مع السوق الدولية، وكشف نواب حينها عن أرباح “غير مستحقة” حققتها شركات توزيع المحروقات على حساب المستهلكين منذ تحرير أسعارها.

البنك الدولي يوافق على قرض جديد للمغرب بـ350 مليون دولار.. البلاد تغرق “دين المغرب يتجاوز 100 مليار دولار”

وقدر النائب عن تجمع اليسار الديمقراطي عمر بلافريج (معارضة) تلك الأرباح ما بين عامي 2016 و2018 بنحو مليار و700 مليون دولار.

وأطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي عام 2018 حملة غير مسبوقة في المغرب لمقاطعة منتجات 3 شركات كبرى لتوزيع الوقود والمياه والحليب، منها شركة “إفريقيا” لتوزيع الوقود، بهدف الضغط على تلك الشركات التي تستحوذ على حصة كبرى من السوق، لخفض الأسعار.

وقال بيان الديوان الملكي إن العاهل المغربي تلقى شكاوى من عدد من أعضاء مجلس المنافسة، تعتبر أن “تدبير هذا الملف اتسم بتجاوزات مسطرية وممارسات من طرف رئيس المجلس مست جودة ونزاهة القرار الذي اتخذه المجلس”.

وتشمل تلك التظلمات اتهامات لرئيس المجلس، إدريس الكراوي، بأن سلوكه “يوحي بأنه يتصرف بناء على تعليمات أو وفق أجندة شخصية”، و”غموض الإجراء الخاص بالتحقيق، الذي تميز بتقاسم انتقائي للوثائق، وكذلك عدم تلبية ملتمسات الأعضاء بهدف إجراء بحث متوازن للحجج المقدمة من طرف الشركات”.

واشتكى أعضاء في مجلس المنافسة، بحسب البيان، مما وصفوه بـ”اللجوء الإجباري إلى التصويت قبل إغلاق باب المناقشة، والتفسير المبتور وانتهاك المادة 39 من القانون المتعلقة بحرية الأسعار والمنافسة، فضلاً عن التواصل (الإعلامي) الذي أضر ببحث القضية ومصداقية المجلس”.

وأضاف بيان الديوان الملكي أنه بالنظر إلى تلك التظلمات، و”اعتباراً للارتباك المحيط بهذا الملف والنسخ المتناقضة المقدمة”، قرر العاهل المغربي تشكيل لجنة متخصصة “تتكلف بإجراء التحقيقات الضرورية لتوضيح الوضعية، وإعداد تقرير مفصل في الموضوع”، مشيراً إلى أن الملك “متمسك بشدة باستقلالية ومصداقية المؤسسات، وضامن لحسن سير عملها”.

ورفض المحلل الاقتصادي المهدي فقير، الحديث عن أي “ضغط للوبيات شركات الوقود”، أدى إلى تدخل المؤسسة الملكية لمعالجة “الاضطراب” الحاصل في مجلس المنافسة بخصوص هذا الملف.

وأكد فقير أن ما حدث ارتباك داخل المجلس “وعندما تعجز مؤسسة دستورية عن تطبيق القانون والعمل بشكل عادل، يكون هناك تدخل للملك باعتبار سلطته الدستورية، وبوصفه ضامناً لاستقرار المؤسسات وسيرها العادي”.