وزير العدل يفتح الباب أمام إمكانية عفو ملكي عن معتقلي “حراك الريف” من أجل طي هذه الصفحة المؤلمة

0
343

تحل الذكرى الخامسة لـ”حراك الريف” في المغرب بعد أيام، وسط تطلعات بتدخل حكومي من أجل عفو شامل عن ما تبقى من المعتقلين وهم من قادة الحراك.

طرح وزير العدل عبد اللطيف وهبي والمحامي السابق لمعتقلي الحراك، إمكانية طي ملف حراك الريف نهائياً، بعدما أعلن، ليلة أمس الأربعاء، أنه يعمل على تحضير ملتمس للعفو عمن تبقوا من معتقلي حراك الريف في السجون، وسيرفعه إلى جلالة الملك المفدى محمد السادس حفظه الله. 

كما أكد وهبي حديثه في أحد برامج القناة الثانية “حديث الصحافة”، أن ملف حراك الريف” يجب طيه نهائيا، وقد حان الوقت لفعل ذلك”، مشددا على أن “للملك القرار الأخير في هذه القضية التي استنفدت جميع مراحل التقاضي”.

وتأتي مبادرة وزير العدل لطي صفحة حراك الريف، الذي يعد من الملفات الشائكة والمعقدة، بكل تداعياته الحقوقية والمدنية، بعد أيام على حلول الذكرى الخامسة للحراك، وفي ظل تطورات عدة عاشها الملف؛ من أبرزها، مساهمة الجهود التي بذلت والإشارات التي توالت طوال الأشهر الماضية من قبل معتقلين سابقين وحتى من قائد الحراك ناصر الزفزافي حول إمكانية طي الملف، في إطلاق 17 معتقلًا خلال عفو ملكي بمناسبة حلول عيد الفطر الأخير.

ورغم معانقة المزيد من المعتقلين للحرية من باب العفو الملكي، إلا أن إطلاق سراح من تبقوا من معتقلين، وعلى رأسهم قائد الحراك ناصر الزفزافي يبقى إلى حد الساعة من المطالب الرئيسة التي يرفعها حقوقيون وجمعية عائلات المعتقلين، وذلك بهدف تحقيق تقدّم في مسار حلحلة الملف.

وطوال السنوات الثلاث الماضية، دخلت جهات متعددة على خط الملف من خلال اقتراح مبادرات لخلق انفراج، عبر التماس سبل نيل معتقلي الحراك حريتهم. وتوزعت المبادرات ما بين مقترح العفو العام الذي يمكن أن يصدره البرلمان في حالة تبنّي مشروع قانون يسمح بذلك، وبين مبادرات احتجاجية وأخرى تطالب المعتقلين بتقديم طلبات للعفو الملكي مرفقة بـ”مراجعات”.

غير أن تلك المطالب أثارت غضب جمعية عائلات المعتقلين، إذ أعلنت رفضها تلك المبادرات، ورأت أن الجهات التي تقودها تعمد إلى الضغط على المعتقلين، وتحاول عزل قائد حراك الريف ووالده. كما طالبت بتغيير أسلوب التعامل، عبر تشكيل قوة مجتمعية تضغط على الدولة من أجل إطلاق سراح المعتقلين. 

وتبقى من أبرز المبادرات التي دخلت على خط المصالحة بين الدولة ومعتقلي الحراك، مبادرة محمد النشناش، الرئيس السابق للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، الذي قاد بعد حوالي 10 أشهر من اندلاع الحراك، وساطة باسم “المبادرة المدنية من أجل الريف”. كما أن هناك المبادرة التي قادها نور الدين عيوش، المعروف بقربه من القصر، إلى جانب كلٍّ من كمال الحبيب وإدريس الموساوي وعلي أعبابو، باسم “الائتلاف من أجل الديمقراطية والحداثة”، حيث تم عقد لقاءات عديدة مع قياديي الحراك في سجن عكاشة بالدار البيضاء. 

وفي الوقت الذي كان فيه الفشل هو مصير كل المبادرات المتعاقبة لإحداث الانفراج المنشود وإيجاد تسوية نهائية حتى الآن، شكّل تقديم طلبات الاستفادة من العفو الملكي الطريق الوحيد لمعانقة العديد من المعتقلين للحرية خلال السنوات الماضية.

وجرت العادة في المغرب أن يقوم الملك بإصدار عفو عن معتقلين، قد يصل عددهم إلى المئات، سواء من المتابعين قانونياً وبانتظار قرار المحكمة النهائي، أو المدانين من قبل المحاكم، وذلك خلال مناسبات وطنية ودينية، كـ”ذكرى المسيرة الخضراء” و”عيد العرش” وعيدي الفطر والأضحى.

ويعتبر ملف حراك الريف الذي تفجر، بعد الاحتجاجات التي شهدتها مدينة الحسيمة وعدد من مدن وقرى منطقة الريف شمال المغرب، في أكتوبر/ تشرين الأول 2016، للمطالبة بتنمية المنطقة وإنهاء التهميش ومحاربة الفساد، من الملفات الشائكة والمعقدة، بكل تداعياته الحقوقية والمدنية، سواء من طرف الدولة، أو تعدد المتدخلين فيه وتنوعهم من هيئات ولجان محلية ووطنية ودولية تُعبّر عن المعتقلين وأسرهم أمام الدولة وأجهزتها الرسمية.

وأسفرت هذه الأحداث عن اعتقال نشطاء عدة قدرت جمعيات حقوقية عددهم بالمئات في غياب أي إحصاء رسمي، أفرج عن غالبيتهم بعد انقضاء مدد سجنهم أو بموجب عفو ملكي، علما أن منظمات حقوقية وأحزاب سياسية عدة طالبت بالإفراج عنهم.

وفي المجموع، شمل العفو الملكي بمناسبة عيد الفطر 810 أشخاص، بينهم 12 مدانا في قضايا إرهاب استفادوا من برنامج “مصالحة” للمراجعات الفكرية، “وأعلنوا بشكل رسمي نبذهم لكل أنواع التطرف والإرهاب” وفق بيان وزارة العدل.

وفي يونيو/ حزيران 2018، قضت المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بإدانة الزفزافي و3 آخرين، هم سمير ايغيد، ونبيل أحمجيق، ووسيم البوستاتي، بالسجن لمدة 20 عاماً، وذلك بعد اتهامهم بـ”المساس بالسلامة الداخلية للمملكة”.

 كما قضت بحبس نشطاء آخرين لمدة تراوحت بين عام واحد و15 سنة، فيما قضت بالسجن 3 سنوات مع النفاذ في حق رئيس تحرير موقع “بديل أنفو” الصحافي حميد المهداوي، بتهمة “عدم التبليغ عن جريمة تهدد سلامة الدولة”.

في الإطار ذاته، قال عبد الإله الخضري رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، إن أبرز المعتقلين على خلفية “حراك الريف” المتبقين خلف القضبان حاليا هم “ناصر الزفزافي، نبيل احمجيق، محمد جلول، محمد الحاكي، زكرياء اضهشور، سمير أغيذ وجواد أمغار”.

وأضاف في حديث سابق، أن المطالب بالإفراج عنهم قائمة، وأن هناك أمل في ذلك، من أجل طي هذه الصفحة المؤلمة.

وأوضح أنه لا أحد يعرف من يقود جهود ومساعي للإفراج عنهم، لكن آلة المفاوضات والبحث عن مخرج من أجل العفو عنهم من المرجح أنها تشتغل على قدم وساق.

وأعرب عن تطلعه لأن يلعب وزير العدل الحالي عبد اللطيف وهبي والمحامي السابق لمعتقلي الحراك دورا في هذا الاتجاه، كونه من قيادات الحكومة الحالية، الأكثر دراية وقربا من القضية.

ويرى أن وزير العدل الحالي لديه فرصة للانكباب على الملف مع صناع القرار، خاصة أن الملف يتجاوز إرادة أي حكومة يتم تنصيبها، حيث يبقى أمر العفو عن المعتقلين الأبرياء بيد الملك وحده، حسب نص الفصل الـ 58 من الدستور المغربي على أن “الملك يمارس حق العفو”، لكنه لم يقدم أية توضيحات أو شروحات لهذه العبارة القصيرة في النص الدستوري. فيما يورد الفصل الـ 42 من ذات الوثيقة أن قانون العفو يمكن أن يتداوله المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك.

فيما قال عبد الرازق بوغنبور، منسق هيئة التضامن عن المعتقلين، والمنسق السابق للائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان، إن الحكومة السابقة التي قادتها أغلبية يترأسها حزب العدالة والتنمية المغربي تنامي في عهدها ظاهرة الاعتقال السياسي وتصفية المعارضين المنتقدين للوضع في المغرب.

وأشار إلى أن حتى الآن يقبع في السجون أزيد من أربعين ناشطا اجتماعيا إضافة إلى بعض الصحفيين.

ولفت إلى “قوة” التحرك من جانب المجتمع المدني الحقوقي في المغرب، حيث شكلت هيئة للتضامن مع كافة ضحايا الاعتقال السياسي بالمغرب، والتي تحركت من أجل تذكير الرأي العام الدولي والوطني بملف الاعتقال التعسفي للصحفيين والنشطاء الحقوقيين.

وأوضح أنه حتى الآن هناك “تعنت” ورفض لمطلب الإفراج عن المعتقلين السياسيين على أساس انفراج جديد في المغرب، ينطلق من تفعيل البعد الديمقراطي في العلاقة بين الأجهزة الحاكمة والشعب، حسب قوله.

وأشار إلى أن هيئة التضامن وظفت مجموعة من الآليات القانونية الدولية من أجل الضغط لاستصدار قرارات مهمة من اللجنة الأممية المعنية بالاعتقال التعسفي ومنظمات حقوقية دولية.

وأوضح أن هيئة التضامن مع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي بالمغرب، لا تراهن على الحكومات، لا السابقة ولا الحالية كونها لا تستطيع اتخاذ القرار بالإفراج عنهم.

وأعرب عن أمله في انخراط المجتمع المدني من أجل مطلب رئيسي بضرورة إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين بالمغرب.

 

 

 

 

 

حزب مغربي معارض يطالب بـ “إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والصحافيين ومعتقلي الرأي”