من الداكي إلى بلاوي: هل يشهد جهاز النيابة العامة بالمغرب نفساً جديداً في استقلال القضاء وحماية الحريات؟

0
280

في مشهد يكتسب دلالات رمزية ومؤسساتية، احتضن مقر رئاسة النيابة العامة بالرباط، صباح 14 ماي 2025، حفل تسليم السلط بين السيد مولاي الحسن الداكي، والسيد هشام بلاوي الذي عيّنه الملك محمد السادس وكيلاً عاماً للملك لدى محكمة النقض ورئيساً جديداً للنيابة العامة.

هذا الحدث لا يُعدّ مجرد انتقال إداري، بل محطة تطرح تساؤلات مهمة حول مستقبل السلطة القضائية بالمغرب.

هل يمثّل تعيين هشام بلاوي استمرارية أم قطيعة مع المرحلة السابقة؟

في كلمته الأولى بعد تسلمه المنصب، شدد هشام بلاوي على استمراره في “ترسيخ استقلال السلطة القضائية، وتعزيز سيادة القانون، والدفاع عن حقوق وحريات الأشخاص”، وهي شعارات شكلت أيضاً جزءاً من الخطاب المؤسسي لسلفه الداكي.

لكن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه هنا: هل تكفي هذه الشعارات لضمان استقلال حقيقي للنيابة العامة، أم أن التحدي يكمن في ترجمتها إلى ممارسات مؤسسية واضحة؟

هل سيقدم بلاوي خطوات ملموسة لمراجعة آليات المتابعة والاعتقال الاحتياطي والرقابة على عمل الضابطة القضائية، أم أن الدور سيبقى محصوراً في الإطار الوظيفي دون تأثير جوهري على السياسة الجنائية العامة؟

من الداكي إلى بلاوي: تغيّر في الأسلوب أم في الجوهر؟

من المعروف عن هشام بلاوي خلفيته الحقوقية والإدارية، واشتغاله سابقاً على ملفات تتعلق بالإصلاحات الكبرى، فهل يُتوقع أن ينهج أسلوباً أكثر انفتاحاً على المجتمع المدني والفاعلين الحقوقيين مقارنة بالنهج الذي ميز فترة الداكي؟

وإذا كان السيد بلاوي قد أكد التزامه “بخدمة العدالة والانفتاح على مختلف الفاعلين”، فهل يمكن اعتبار ذلك بوادر لتغيير في منطق التسيير المؤسساتي، خاصة في ظل تنامي الانتقادات الموجهة لبعض ممارسات النيابة العامة المتعلقة بحرية التعبير ومتابعة الصحفيين والحقوقيين؟

موقع النيابة العامة في البناء الدستوري المغربي: سلطة مستقلة أم جهاز تنفيذي مقنّع؟

منذ فصل النيابة العامة عن وزارة العدل سنة 2017، ظلت الأسئلة حول استقلاليتها الفعلية مطروحة بإلحاح. فهل سيُقدم بلاوي على إعادة طرح هذه الإشكالات من داخل المؤسسة، خاصة تلك المرتبطة بالشفافية، ونشر السياسة الجنائية، وآليات المساءلة الداخلية؟

ومن جهة أخرى، إلى أي مدى يستطيع رئيس النيابة العامة الجديد العمل باستقلالية فعلية في بيئة سياسية وقضائية لا تزال متشابكة المصالح ومحدودة من حيث المحاسبة الديمقراطية؟

ختامًا: هل نحن أمام فرصة لتقوية ثقة المواطن في العدالة؟

التحول على مستوى قيادة رئاسة النيابة العامة ليس حدثاً عادياً، بل يفتح الباب أمام مراجعة مسار هذه المؤسسة الحيوية. فهل سيتم استثمار هذه اللحظة لإحداث نقلة نوعية في الأداء والممارسات، تعزز ثقة المواطن في العدالة؟ أم سنكون أمام مجرد انتقال سلس في الشكل دون تجديد فعلي في العمق؟

إن الرهان الحقيقي أمام هشام بلاوي لن يكون فقط في الحفاظ على الاستمرارية المؤسساتية، بل في تحقيق التوازن بين سلطة القانون وضمان الحقوق والحريات، في إطار حكامة جنائية حديثة وشفافة.