“ضحايا زلزال الحوز: بين برودة الطقس وسخونة الإهمال”

0
121

في عالم يُفترض أن تكون فيه الدولة هي الحامي الأول لمواطنيها، نجد أنفسنا أمام مشهد يُذكرنا بفصول من التاريخ البعيد، حيث تُترك فئة من الناس تواجه مصيرها بمفردها تحت الأمطار الغزيرة والبرد القارص.

مقطع فيديو انتشر مؤخرًا يكشف عن معاناة ساكنة ضحايا زلزال الحوز، الذين يعيشون في العراء دون مأوى أو دعم حقيقي.




هذا المشهد ليس مجرد لحظة عابرة، بل هو مرآة تعكس واقعًا مريرًا لمواطنين يشعرون بأنهم “غير نافعين” في معادلة الدولة.

المشهد الأول: البرد القارس والأمطار الغزيرة

في بداية المقطع، نرى مواطنين يعبرون عن معاناتهم بصوت مرتفع: “الله يجازيكم بخير، تعاونونا… احنا مكرفس بزاف مع الصغار، البرد وشحال من حاجة!” هذه الكلمات ليست مجرد شكوى عابرة، بل هي صرخة استغاثة من أناس يعيشون في ظروف لا إنسانية. السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف يمكن لمواطنين في القرن الحادي والعشرين أن يعيشوا في مثل هذه الظروف دون تدخل حكومي عاجل؟

المواطنون في الفيديو يصفون حياتهم بأنها تشبه حياة الماعز، حيث يدخلون البرد بأقدامهم العارية وينامون على فراش مبلل. هذه الصورة القاسية تذكرنا بأن الفجوة بين “المغرب النافع” و”المغرب غير النافع” ما زالت قائمة، بل وتتعمق مع مرور الوقت.

السياق العام: الفجوة بين المواطن والدولة

المحامي ورئيس جمعية حماية المال العام، محمد الغلوسي، علق على هذا الواقع المأسوي في تدوينة على فيسبوك، حيث أشار إلى أن المنتخبين والمسؤولين يراكمون الثروات المشبوهة دون أن تطالهم يد العدالة، بينما يُترك الفقراء يواجهون مصيرهم بمفردهم. هذا التناقض الصارخ يطرح تساؤلات حول أولويات الدولة: هل هي خدمة المواطن أم حماية المصالح الذاتية للفاسدين؟

الغلوسي أشار أيضًا إلى أن وسائل الإعلام نقلت الصورة كما هي، على عكس ما فعلته القناة الثانية (2M)، التي قدمت صورة مختلفة عن الواقع. هذا التضارب في الروايات الإعلامية يثير الشكوك حول مدى مصداقية بعض الوسائل الإعلامية في نقل الحقيقة.

تحليل الأبعاد: الفقر كأداة للقمع

معاناة المواطنين في العراء ليست مجرد قضية إنسانية، بل هي مؤشر على فشل النظام في توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية. الفقر هنا ليس مجرد حالة اقتصادية، بل هو أداة للقمع تُستخدم لإبقاء فئة من المواطنين في حالة من العجز والتبعية. عندما يعيش الناس في ظروف لا إنسانية، يصبحون أكثر عرضة للاستغلال والتحكم.

في الفيديو، نسمع أحد المواطنين يقول: “كل واحد خدام على راسه… دابا ما بقاش ديجال البني الطريق!” هذه العبارة تعكس شعورًا عامًا باليأس والإهمال. المواطنون هنا يشعرون بأنهم متروكون لمواجهة مصيرهم بمفردهم، دون أي دعم أو مساعدة من الدولة.

الخاتمة: هل من أمل؟

المشهد الذي كشفه الفيديو ليس مجرد لحظة عابرة، بل هو جرس إنذار يدق لتنبيه الجميع إلى خطورة الوضع. الفقر والإهمال ليسا مجرد قضايا فردية، بل هما نظام متشعب يهدد أسس الدولة والمجتمع.

في النهاية، يبقى السؤال الأكبر: هل ستتحرك الحكومة لمواجهة هذا الخطر، أم أن الفقراء سيستمرون في العيش في العراء؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مستقبل المغرب، ليس فقط كدولة، بل كمجتمع يؤمن بالعدالة والكرامة الإنسانية.

أسئلة تحتاج إلى إجابة:

  1. ما هي الخطوات الفعلية التي اتخذتها الحكومة لمساعدة ضحايا زلزال الحوز؟

  2. كيف يمكن تفسير الفجوة الكبيرة بين “المغرب النافع” و”المغرب غير النافع”؟

  3. ما هي الإجراءات التي يمكن أن تتخذها الدولة لضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي الإنسانية؟

  4. كيف يمكن للجمعيات المدنية ووسائل الإعلام أن تلعب دورًا أكثر فعالية في كشف مثل هذه القضايا؟