في ندوة صحفية حادة اللهجة، انتقد اليسار المغربي، ممثلاً بفيدرالية اليسار الديمقراطي، عمليات الهدم التي تشهدها العاصمة الرباط، معتبرًا أنها تتم خارج إطار القانون وتفتقر إلى الشفافية.
وقد حضر الندوة عدد من سكان الأحياء المتضررة، الذين سلطوا الضوء على قضايا نزع الملكية والإخلاء القسري، موجهين انتقادات لاذعة للسلطات العمومية والأحزاب السياسية التي يتهمونها بالصمت إزاء هذه الممارسات.
فما هي أبعاد هذه القضية؟ وهل يمكن اعتبارها مجرد صراع بين التنمية وحقوق المواطنين، أم أنها تعكس أزمة أعمق في إدارة الشأن العام؟
الهدم خارج القانون: انتقادات لاذعة لمساطر نزع الملكية
أثارت عمليات الهدم في الرباط، وخاصة في أحياء مثل “المحيط” و”غربية”، غضبًا واسعًا بين السكان والمجتمع المدني. وقد انتقد عمر الحياني، عضو مجلس جماعة الرباط عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، بشدة “عدم احترام المساطر القانونية” في تنفيذ مخطط التهيئة الحضرية. وأشار إلى أن عمليات الهدم بدأت قبل انتهاء فترة البحث العمومي المحددة بـ60 يومًا، مما يعد انتهاكًا صريحًا للإجراءات القانونية.
سؤال يطرح نفسه: هل يمكن اعتبار هذه الانتهاكات مجرد أخطاء إدارية، أم أنها تعكس سياسة ممنهجة لتجاوز القانون؟ وهل هناك دوافع خفية وراء هذه العمليات؟
غياب الأحزاب السياسية: صمت أم تواطؤ؟
من النقاط التي أثارتها الندوة غياب الأحزاب السياسية عن الدفاع عن حقوق المواطنين المتضررين. وقد تساءل الحياني عن دور هذه الأحزاب، واصفًا إياها بأنها “مدجنة” وخائفة من التصدي للسلطات. كما أشار إلى أن الأحزاب، بما فيها حزب العدالة والتنمية، تصوت بالإجماع على مقررات الوالي دون أي مناقشة أو اعتراض.
سؤال نقدي: هل يعكس هذا الصمت ضعفًا في أداء الأحزاب السياسية، أم أنه نتيجة لضغوط سلطوية تمنعها من التعبير عن مواقفها بحرية؟ وهل يمكن أن يكون هذا الصمت مؤشرًا على أزمة أعمق في النظام السياسي المغربي؟
المصلحة العامة أم المصالح الخاصة؟
فاروق مهداوي، عضو آخر في مجلس جماعة الرباط، تساءل عن المصلحة العامة التي تبرر عمليات الهدم والإخلاء القسري. وأشار إلى أن القضاء الإداري سبق أن عالج قضايا مشابهة، ولم يجد مبررًا قانونيًا لها. كما أثار شكوكًا حول احتمال أن تكون هذه العمليات لصالح شركات خاصة أو شخصيات أجنبية.
سؤال استقصائي: ما هي الأدلة التي تدعم هذه الاتهامات؟ وهل هناك مصالح اقتصادية أو سياسية خفية وراء هذه العمليات؟ وكيف يمكن التحقق من ذلك في ظل غياب الشفافية؟
شهادات السكان: بين الابتزاز والإهمال
قدمت الندوة منصة لسكان الأحياء المتضررة للتعبير عن معاناتهم. إحدى المتضررات من حي “غربية” وصفت الظروف التي تمر بها بأنها “قاسية”، مشيرة إلى أن عمليات البيع تمت تحت ضغط وابتزاز. وأكدت أن السلطات لا تحترم القانون، وأنها تتعامل مع المواطنين بشكل غير إنساني.
سؤال أخلاقي: إلى أي مدى يمكن أن تكون هذه السياسات عادلة؟ وهل من الممكن إيجاد حلول وسط تحترم حقوق المواطنين دون عرقلة مشاريع التهيئة الحضرية؟
دوار العسكر: الترحيل القسري في زمن قياسي
يُعد دوار العسكر أحد أقدم الأحياء في الرباط، حيث استقر فيه عسكريون سابقون وعائلاتهم لعقود. وبشكل مفاجئ، تم إخلاؤهم في منتصف السنة الدراسية وقبيل شهر رمضان، مما جعلهم يفقدون مدارس أطفالهم وخدماتهم الصحية وأماكن عملهم، دون تقديم بدائل واضحة.
تحليل نقدي:
-
التوقيت والسرعة في التنفيذ: يعكس الافتقار إلى نهج تشاركي يأخذ بعين الاعتبار احتياجات السكان.
-
غياب الشفافية حول التعويضات: لم يتم الإعلان عن أي تفاصيل حول كيفية تقييم الممتلكات أو قيمة التعويضات المقترحة.
-
التأثير الاجتماعي والاقتصادي: تفكيك المجتمعات المحلية ونقل السكان إلى مناطق بعيدة قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية وارتفاع معدلات البطالة بين المتضررين.