“فضيحة الرشوة في مستشفى الزموري بالقنيطرة: هل نحن أمام حالة معزولة أم جزء من أزمة أعمق في قطاع الصحة؟”

0
272

في واقعة تعيد الجدل حول تفشي الفساد في المؤسسات الصحية العمومية، شهد مستشفى الزموري بمدينة القنيطرة توقيف ممرضة قابلة وحارس أمن متلبسين بتلقي رشوة قدرها 2000 درهم، بناءً على تعليمات النيابة العامة.

الحدث لم يكن مجرد حادثة عابرة، بل كشف عن اختلالات أعمق في المنظومة الصحية بالمغرب، حيث تواجه المستشفيات العمومية تحديات تتعلق بالشفافية، والأخلاقيات المهنية، وثقة المواطنين.

الرشوة في المؤسسات الصحية: إلى متى؟

الحادثة التي كشفتها عملية أمنية محكمة، والتي امتدت إلى قرار إغلاق الحدود في وجه طبيبة تابعة لنفس القسم، تطرح تساؤلات جوهرية: هل هذه الحادثة مجرد حالة فردية أم أنها تعكس واقعًا مأساويًا مستشريًا في قطاع الصحة؟ ما مدى انتشار الرشوة في المرافق الصحية، لا سيما في أقسام حيوية مثل التوليد، حيث يُفترض أن تُقدّم الخدمات بروح إنسانية خالصة؟

الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، التي تابعت الملف بقلق بالغ، لم تكتفِ بالإشادة بجهود النيابة العامة والأجهزة الأمنية، بل وجهت انتقادات مباشرة لاستمرار هذه الظواهر في مؤسسات يفترض أنها تحمي حياة المواطنين وتصون كرامتهم.

تحقيق إداري مرتقب: هل يكشف عن شبكة فساد أكبر؟

في ضوء هذه التطورات، دعت الرابطة وزارة الصحة والحماية الاجتماعية إلى فتح تحقيق إداري معمق في مستشفى الزموري، مطالبة بتحديد المسؤوليات بشكل واضح، ليس فقط على مستوى الأفراد المتورطين، بل على مستوى التدبير الإداري والرقابي.

فهل تكشف التحقيقات القادمة عن شبكة فساد أوسع تشمل مستويات أخرى داخل المستشفى؟ أم أن الأمر سيقتصر على محاسبة فردية دون معالجة الأسباب الجذرية للظاهرة؟

المغرب وتحدي مكافحة الفساد: أين نقف اليوم؟

وفقًا لمؤشرات الفساد الصادرة عن تقارير وطنية ودولية، لا يزال المغرب يعاني من أزمة ثقة حقيقية في نزاهة المرافق العمومية. فقد تراجع ترتيبه إلى المركز 99 عالميًا بمعدل 37 نقطة من أصل 100، مع كلفة اقتصادية للفساد تصل إلى 50 مليار درهم سنويًا، أي ما يعادل 6% من الناتج الداخلي الخام. الأخطر أن 68% من المقاولات تعتبر الفساد ظاهرة متفشية، بينما أقرّ ثلث المواطنين بتعرضهم له بشكل مباشر أو غير مباشر.

ما المطلوب اليوم؟

في مواجهة هذه المعطيات المقلقة، تطالب الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان بتفعيل الرقم الأخضر للتبليغ عن الرشوة على مدار الأسبوع، دون استثناء أيام العطل، نظرًا لأن العديد من حالات الفساد تحدث خارج الأوقات الرسمية للعمل الإداري. كما شددت على ضرورة احترام حقوق الموقوفين القانونية والدستورية، مع التأكيد على أن المحاسبة يجب أن تكون ضمن إطار القانون والمؤسسات.

بين الرؤية الإصلاحية والواقع المرير

هذه القضية ليست الأولى من نوعها، وربما لن تكون الأخيرة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات حازمة تعيد ثقة المواطن في النظام الصحي. فهل ستكون هذه الواقعة بداية لتحركات جدية في مكافحة الرشوة بالمستشفيات؟ أم أنها ستُطوى كغيرها، دون معالجة شاملة للفساد في قطاع يُفترض أن يكون محصنًا من مثل هذه الظواهر؟