انسحاب الاتحاد الاشتراكي من ملتمس الرقابة يربك التحالف البرلماني ويطرح أسئلة حول مصداقية الجبهة المعارضة

0
395

في لحظة سياسية مفصلية كان يُرتقب أن تشكّل خطوة نحو مأسسة معارضة قوية، جاء انسحاب فريق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من ملتمس الرقابة بمجلس النواب ليفجّر مفاجأة غير متوقعة في الأوساط السياسية والبرلمانية. الأمين العام لحزب الحركة الشعبية محمد أوزين، بدا مصدوماً من القرار الذي لم يسبقه، كما قال، أي تنسيق رسمي أو تشاور داخل الأطر المؤسسية.

مفاجأة الانسحاب… قرار أم مناورة؟

لم يُخف أوزين امتعاضه من طريقة إعلان الانسحاب، حيث قال بوضوح إن “الحركة الشعبية علمت بالقرار من خلال بلاغ صحفي، لا عبر اجتماع رسمي كما يُفترض أن يكون في تحالفات تحترم الحد الأدنى من اللياقة السياسية”.

فهل نتحدث هنا عن انسحاب تكتيكي مؤقت؟ أم أنه تعبير عن صراع خفي داخل المعارضة لم يخرج إلى العلن بعد؟

ملتمس الرقابة: من ورقة ضغط إلى نقطة خلاف

الملتمس الذي أثار كل هذا الجدل لم يتجاوز بعد مراحله الأولية. إذ حسب أوزين، “كان التنسيق لا يزال في بدايته” و”تمت برمجة اجتماع يوم الأحد لمواصلة النقاش”، ما يثير سؤالاً مشروعاً: لماذا اختار الاتحاد الانسحاب الآن، قبل أن تتضح معالم المشروع؟ هل لأن المبادرة لم تنبع من قيادته الفعلية؟ أم أن هناك خلافات استراتيجية أعمق بشأن توقيت أو أهداف الملتمس؟

مقترح قراءة الملتمس: خلاف تكتيكي أم فتيل أزمة؟

من النقاط التي تم تداولها في كواليس المبادرة، ما قيل عن اقتراح أن يتولى فريق الحركة الشعبية قراءة نص ملتمس الرقابة. أوزين لم ينكر وجود المقترح، لكنه شدد على أنه لم يكن نهائياً، قائلاً: “في مرحلة توزيع الأدوار، من الطبيعي أن تطرح مقترحات من هذا النوع”.

فهل كان هذا الاقتراح وراء قرار الانسحاب؟ وإن كان كذلك، ألا يعكس هذا مدى هشاشة التحالف المعارض، حيث يمكن أن ينهار بسبب خلاف بروتوكولي أو رمزي؟

غياب الشفافية الداخلية… أزمة ثقة أم غياب قيادة موحدة؟

ما يثير القلق أكثر من قرار الانسحاب نفسه هو غياب التوضيحات الرسمية من طرف الاتحاد الاشتراكي، كما أشار أوزين. فالتنسيق البرلماني بين أحزاب المعارضة يُفترض أنه يقوم على التشاور والحوار، لا القرارات المنفردة والمفاجئة.

ألا يعكس هذا غياب ثقافة العمل الجماعي داخل المعارضة؟ أم أن لكل حزب حساباته الخاصة التي تعلو على مصلحة التنسيق الوطني؟

السياق السياسي العام: أزمة معارضة أم أزمة نظام تمثيلي؟

ما حدث قد لا يكون مجرد حادث عرضي داخل معسكر المعارضة، بل ربما مؤشراً على أزمة أعمق يعيشها المشهد الحزبي المغربي:

  • غياب الثقة بين مكونات المعارضة.

  • ضعف التنسيق السياسي والتشريعي.

  • وتنامي النزعة الفردانية في اتخاذ المواقف.

في المقابل، هذا الفشل في التنسيق قد يمنح الحكومة، برئاسة عزيز أخنوش، فرصة جديدة لتأكيد هشاشة معارضيها، في وقت تتصاعد فيه الانتقادات للسياسات الاجتماعية والاقتصادية للحكومة.

في الختام: هل تضيع فرصة تأسيس جبهة معارضة فعالة؟

قال أوزين بوضوح إن “المرحلة تفرض الوحدة لا التفرقة”. ولكن الواقع يشي بعكس ذلك تماماً. فمتى ستستوعب المعارضة أن الرهانات السياسية الكبرى تحتاج إلى الحد الأدنى من النضج والانسجام؟

وهل يمكن إنقاذ هذا المسار التنسيقي؟ أم أن الانسحاب الأخير كان المسمار الأول في نعش مبادرة ملتمس الرقابة؟