ابن كيران يفجّر الجدل: الاعتراض على حضور حماس “قلة حياء” وخيانة ضمنية لفلسطين

0
172

في سياق يعكس تزايد التوترات السياسية حول العلاقة المغربية الفلسطينية، فجّر عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، جدلاً واسعًا إثر وصفه الاعتراض على استضافة ممثلين عن حركة “حماس” في مؤتمر الحزب بأنه “قلة حياء”، معتبراً أن هذا الموقف “غير معقول” ويطرح علامات استفهام حول صدقية المواقف المؤيدة لفلسطين داخل البلاد.

استغراب من مناشدة حقوقية… وتوصيف لاذع

جاءت تصريحات ابن كيران خلال اجتماع الأمانة العامة لحزبه، تعليقاً على بيان صادر عن منظمة حقوقية طالبت وزارة الداخلية بمنع المؤتمر الوطني لحزب العدالة والتنمية بسبب دعوة وجهت لقيادات من “حماس”. حيث قال بنبرة حادة:

“ما عرفتش هاد قلة الحياء فين وصلات فهاد البلاد… ممكن يطلب توقيف مؤتمر لسبب آخر، لكن لاستدعاء حماس، فهاد عيب”.

هل باتت رمزية “حماس” مثار خلاف داخلي؟

يثير موقف ابن كيران أكثر من سؤال حول التحولات في المزاج السياسي المغربي تجاه رموز المقاومة الفلسطينية، وخصوصاً حركة “حماس”، التي كانت لعقود تحظى بتعاطف واسع داخل أوساط متعددة، بما فيها الرسمية.

هل يعكس هذا التوتر تغيراً في نظرة بعض الفاعلين المدنيين والحقوقيين نحو حماس؟

وهل باتت الخطوط الفاصلة بين الدعم السياسي للقضية الفلسطينية واصطفافات المحاور الإقليمية تؤثر في تحديد من يُستقبل ومن يُستبعد؟

تمجيد “نضال حماس”… وتحذير من الصمت المغربي

في السياق ذاته، اعتبر ابن كيران أن “حماس” استطاعت أن تقلب المعادلة في القضية الفلسطينية، مشيداً بـ”شهدائها وصمودها”، في إشارة إلى دور الحركة في المواجهات المسلحة الأخيرة مع الجيش الإسرائيلي.

وتوسعت تصريحاته نحو الشأن الخارجي، حين وجّه انتقاداً ضمنياً لما اعتبره “تواطؤاً صامتاً” تجاه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال، مستنكراً “القدرة العجيبة لبنيامين ناتنياهو على قتل المئات يومياً وتجويع وتعطيش شعب كامل”.

وتابع رئيس الحكومة الأسبق:

“غير معقول أن تسمح أي دولة، بما فيها المغرب، بتزويد سفن بالوقود أو المؤن وهي تحمل أسلحة تُستعمل ضد الفلسطينيين… هذه أمور لا تجوز شرعاً”، ثم أضاف بصراحة لافتة:
“أنا لا أريد أن أدين بلدي، ولكن إذا بقينا ساكتين غادي نوصلو لجهنم”.

بين الانتماء الوطني والتضامن الإسلامي: أين تضع الدولة المغربية الخط الأحمر؟

التصريحات تحمل لهجة تصعيدية نادرة في الخطاب السياسي الداخلي، وتطرح إشكاليات تتعلق بتوازن المغرب بين التزاماته الدبلوماسية الرسمية، خصوصاً بعد استئناف العلاقات مع إسرائيل، وبين دوره التاريخي في دعم القضية الفلسطينية من موقعه الرمزي كرئيس للجنة القدس.

فهل تجاوز ابن كيران الخطوط الحمراء في انتقاد مواقف الدولة؟ أم أنه عبّر بوضوح عن مخاوف شريحة سياسية لا تزال تعتبر أن فلسطين جزء لا يتجزأ من الوجدان المغربي؟ ثم إلى أي حدّ يستطيع حزب العدالة والتنمية توظيف الورقة الفلسطينية لاستعادة شرعيته الشعبية بعد التراجع الانتخابي الكبير؟

نداء إلى الملك: تحريك الرمزية الدينية والسياسية

ختم ابن كيران خطابه بنداء مباشر إلى الملك محمد السادس، بصفته رئيس لجنة القدس وأمير المؤمنين، داعياً إلى “مبادرة جديدة وجريئة لنصرة فلسطين”، معتبراً أن “الجهود المبذولة تظل غير كافية”، في إشارة إلى ما يراه تقصيراً في التحرك المغربي الرسمي حيال العدوان الإسرائيلي المستمر.

هذا النداء يعكس محاولة لإعادة توجيه البوصلة السياسية نحو ما يعتبره الحزب “القضية المركزية”، لكنه في ذات الوقت يُحرج المؤسسة الرسمية في لحظة إقليمية دقيقة، تُعيد تشكيل التحالفات وتعيد طرح أسئلة مؤجلة.

الجزائر تطلق مشروع ربط بحري بدون المغرب وسط تصعيد إعلامي موجه لموانئه

 ختام تحليلي:

تصريحات ابن كيران لا تخرج فقط عن حدود اللياقة السياسية، بل تتحدى ما يبدو أنه توافق غير معلن على الحد من التوترات بشأن العلاقات المغربية الإسرائيلية.

فهل تتعامل الدولة مع هذه التصريحات كجزء من الدينامية الديمقراطية؟ أم كنقد موجه لمواقف عليا؟

وهل تتحول فلسطين مجددًا إلى نقطة اختبار حادة بين الخط الرسمي والخط المعارض في المغرب؟