قال الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة الكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، إن وزارة الصحة فتحت تحقيقا داخلي في موضوع انتحار طبيب مقيم بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء.
وأضاف بايتاس، خلال الندوة الصحفية التي تلت اجتماع المجلس الحكومي اليوم الخميس، أن اللجنة التي أشرفت على التحقيق توصلت إلى أن الطالب الذي كان يدرس للحصول على الدبلوم الوطني تخصص جراحة المسالك البولية، نجح في جميع تداريبه وحصل على نقط جيدة.
وأضف أن الطبيب استفاد أيضا من تدريب في أنكولوجيا المسالك البولية، كما أنه شارك في الفترة الممتدة من 10 يناير 2022 إلى 10 يونيو 2022 في 27 عملية جراحية بينها 5 عمليات تم إجراؤها في يونيو.
وشهدت المراكز الاستشفائية الجامعية في مدن الدار البيضاء والرباط وطنجة ومراكش وأكادير ووجدة وفاس، اليوم الأربعاء، وقفات احتجاجية مع حمل الأطر الطبية للشارة السوداء، فيما طالب المشاركون بفتح تحقيق في ظروف انتحار الطبيب المقيم بمصلحة جراحة المسالك البولية في سنته الختامية، ياسين رشيد.
وكان خبر انتحار الطبيب المقيم الخميس الماضي، في غرفته بأحد المستشفيات في العاصمة الفرنسية باريس حيث كان يجري تدريباً، قد خلّف حزناً كبيراً في صفوف زملائه في المستشفى الجامعي ابن رشد في مدينة الدار البيضاء وفي باقي المراكز.
وشارك الراحل أيضا في الحراسة في مصلحة المستعجلات، حيث كان قد توصل بتعويضات مالية عليها، مثله مثل باقي زملائه، يضيف المسؤول الحكومي.
وشدد مصطفى بايتاس،على أن قضية الأطباء وظروف عملهم وتكوينهم من بين المواضيع الأساسية التي اهتمت الحكومة بإصلاحها، موضحا أنها عازمة على إصلاح المنظومة الصحية في شموليتها.
يشار إلى أن طبيبا مقيما بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء يدعى ياسين رشيد انتحر، قبل أيام قليلة، في ظروف غامضة بالمستشفى الذي يخضع فيه للتدريب في فرنسا.
ويُجمع عدد من زملاء الطبيب المختص في جراحة المسالك البولية، ياسين رشيد، على أن الضغوط التي تعرض لها من المشرفين على تدريبه بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد ، من حكرة و تهميش و تجبر و ابتزاز ، هي التي دفعت به إلى الانتحار.
وقالت طبيبة تدعى شادية خلوفي على حسابها بـ فيسبوك ، إن الطبيب رشيد ياسين كان ضحية مضايقات يومية لا هوادة فيها ، حوّلت حياته إلى جحيم، مضيفة أن المعاملة التي كان يلقاها تسببت في دخوله في حالة اكتئاب انتهت به إلى الانتحار.
وقال رئيس جمعية الأطباء المقيمين في المستشفى الجامعي ابن رشد بمدينة الدار البيضاء، علاء العيساوي، لـ”العربي الجديد “، إن “ما وقع يدفعنا كأطباء للتساؤل عن الأسباب الحقيقية التي دفعت زميلنا إلى الانتحار”، لافتاً إلى أن “الراحل عانى من ضغوطات كبيرة”.
بالمقابل، طالب الكاتب العام للجنة الوطنية للأطباء الداخليين والمقيمين في المغرب، إلياس الخاطب، في حديث مع “العربي الجديد “، بـ”تحقيق شفاف ونزيه وشامل في الواقعة، وفتح نقاش جدي ومسؤول بين الأطراف المعنية كافة حول ضغوط نفسية وتحرشات ومعاملات لا إنسانية حاطة من الكرامة تتعرض لها شريحة كبيرة من الأطباء المقيمين والداخليين بمراكز استشفائية جامعية عديدة”.
في غضون ذلك، عبّرت اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة بالمغرب، عن أسفها الشديد على “الوضع الصعب الذي كان يعيشه الراحل خلال تكوينه وكذا ظروف وملابسات وفاته”، مؤكدة تضامنها غير المشروط ودعمها الموصول لعائلة الفقيد في كل ما يزعمون تبنيه في هذا السياق”.
استنكرت اللجنة، في بيان لها، كل “فعل وأسلوب مشين من شأنه الضغط النفسي، والإكراه البدني للطلبة والأطباء خلال تكوينهم، وكل أشكال التعسف والابتزاز داخل وخارج أماكن العمل والتي تؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها، إذ لا تمت بأي صلة لجوهر المستشفى الجامعي والكلية العموميين بالمغرب، إذ يجب أن تكون وتظل مراكز العلم والرقي والإنسانية”.
وعبّرت عن عزمها على مواصلة العمل مع جميع الشركاء من أجل توفير بيئة مهنية سليمة وإنسانية للطلبة الأطباء ووضع آليات فعلية للتواصل معهم ودعمهم خلال تكوينهم.
إلى ذلك، دخل مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) على الخط، بعد أن وجهت النائبة البرلمانية فاطمة التامني، عن فيدرالية اليسار (المعارض) سؤالاً كتابياً إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت الطالب، عن ظروف وملابسات انتحار طبيب بالمركز الاستشفائي الجامعي في الدار البيضاء.
وتساءلت البرلمانية المغربية: “كيف لأطباء في طور الدراسة وأطباء في طور التخصص يعيشون ضغوطات يومية من طرف مؤطريهم، أن يكونوا أطباء متوازنين، وقادرين على التكفل العلمي والنفسي بمرضاهم بعد تخرجهم؟”.
واعتبرت البرلمانية أن “من شأن ما يجري، أن يهدد سلامة التأطير الطبي ككل، والمشروع المجتمعي المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية التي يعلق عليها المغاربة آمالاً كبيرة”.
وكان شقيق الطبيب المنتحر قد اعتبر، في بيان أصدره أمس الثلاثاء، أن ما جرى لشقيقه “لا يمكن أن يمر دون حساب وترتيب العقوبات القانونية”، معلناً أن الأسرة ستسلك جميع المساطر الإدارية والقانونية من أجل متابعة الفاعل.