تقرير : 95% من الوافدين على المؤسسات السجنية في 2022 معتقلون احتياطياً

0
389

يثير الحبس الاحتياطي أو الاعتقال الاحتياطي في المغرب جدلاً في الأوساط الحقوقية مع الارتفاع الكبير في أعداد المعتقلين على ذمة قضايا مختلفة.  

الرباط – كشفت المندوبية العامة لإدارة السجون أن الاعتقال الاحتياطي لا يزال يشكل عبئاً كبيرا، حيث إن 95% من الوافدين على المؤسسات السجنية من حالة سراح في 2022 معتقلون احتياطيا، في حين أن 5% فقط مدانون.

وأبرزت المندوبية في تقريرها لسنة 2022 أن مجموع الوافدين على السجون بلغ 116 ألفا و922 معتقلا، لا تشكل الإناث من بينهم سوى 4%، مقابل 96% من الذكور، وتبلغ نسبة الأحداث 3% والمسنين 2%، في حين يشكل البالغون 95%.

وبخصوص الجرائم، فإن جرائم القوانين الخاصة تأتي في مقدمة الأسباب التي تؤدي بالأشخاص إلى السجن، تليها الجرائم المتعلقة بالأموال، ثم الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص.

وبلغ عدد السجناء المدانين والمكرهين بدنيا خلال عام2022 ما مجموعه 57 ألفا و496 شخصا، أي ما يشكل 59% من مجموع الساكنة السجنية، في حين أن 41% هم معتقلون احتياطا.

وحسب ذات التقرير فإن العقوبات قصيرة المدى (سنتين فأقل) تأتي على رأس قائمة العقوبات المحكوم بها المعتقلون المدانون، وذلك بنسبة تقارب 50%، ولا تتجاوز نسبة السجناء المحكوم عليهم بعقوبة المؤبد أو الإعدام 1% من مجموع السجناء المدانين.

وبلغ عدد قرارات الإفراج في سنة 2022 ما مجموعه 109 آلاف و202 قرار إفراج، 83% من هذه القرارات تتعلق بانتهاء مدة العقوبة أو بالعفو أو بالإفراج المقيد بشروط، و12% مــن الســجناء المفــرج عنهــم شــكلوا موضــوع قــرارات موجبــة للإفراج كالبــراءة وســقوط الدعوى العموميــة أو للحكــم عليهــم بعقوبــات غــير حبســية كالغرامــة والعقوبات الســجنية موقوفــة التنفيذ، في حين أن 5% من السجناء أفرج عنهم على إثر منحهم السراح المؤقت. 

ورغم أن إيداع شخص ما السجن احتياطياً إجراء سليم من الناحية القانونية، بكون قاضي التحقيق يستند دائماً إلى النصوص التشريعية في اتخاذ هذا القرار، فإن الناشط الحقوقي محمد الزهاري يعتبره “غير طبيعي”، لكون القضاة لديهم السلطة التقديرية لاتخاذ قرارات أخرى بنفس حقوقي.

وشكّل المحبوسون احتياطياً منذ بداية 2020 حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول من نفس السنة نحو 45 بالمئة من مجموع السجناء البالغ عددهم نحو 84 ألف سجين، وهي أعلى نسبة تسجَّل منذ سنة 2011، حسبما أعلن المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج خلال تقديمه ميزانية المندوبية لعام 2021 في مجلس النواب، ما يطرح تساؤلات حول ما إذا كان المغرب يفرط في تطبيق الاعتقال الاحتياطي، وإن كان هذا الاستثناء الذي يخوّله القانون تحول إلى قاعدة؟  

يعرّف القانون المغربي الاعتقال الاحتياطي بأنه الفترة التي يقضيها المشتبه به في السجن على ذمة التحقيق بسبب جناية أو جنحة أو خلال فترة محاكمته قبل صدور حكم في قضيته، ويعتبره القانون تدبيراً استثنائياً لا يُلجأ إليه إلا بشروط خاصة.

وكان عبد اللطيف وهبي، وزير العدل المغربي،قد أكد في جلسة أسبوعية للأسئلة الشفوية بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، إن وزارته تقترب من الانتهاء من مراجعة قانون المسطرة الجنائية، قبل عرضه على مجلس الحكومة من أجل المصادقة عليه.

وأشار الوزير وهبي إلى تضمن المشروع تعديلات عدة؛ منها تعزيز الضمانات القانونية للمتهمين، وتقليل اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، موضحاً أن السجون المغربية تعرف 44.56 في المائة من المعتقلين احتياطياً، وعادّاً أن هذا الرقم «كبير، ويجب التقليل منه».

في سياق ذلك، أشار وهبي إلى أن مشروع قانون المسطرة الجنائية يسعى إلى الحد من الاعتقال الاحتياطي، من خلال فرض عدم اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي إلا إذا لم يتوفر أي تدبير بديل، مثل «منع مغادرة التراب الوطني، أو المرافقة القضائية، أو غيرهما من التدابير».

وأضاف الوزير المغربي موضحاً أن اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي يكون في حالة الاعتراف النهائي بارتكاب الجريمة، أو حين يشكل الشخص خطراً على النظام العام، أو إذا كانت الأفعال خطيرة، أو كانت الوسائل المستعملة في ارتكاب الفعل خطيرة. وقال بهذا الخصوص إنه سيكون على القاضي تعليل سبب الاعتقال الاحتياطي، وإنه بالإمكان الطعن في شرعية الاعتقال في أجل يوم واحد.

وبخصوص الإحالة على قاضي التحقيق، قال وهبي إنه «ليس ضرورياً إجراء التحقيق في كل الجرائم؛ لأن التحقيق يفرض الاعتقال الاحتياطي».

وبخصوص تقليص ظاهرة اكتظاظ السجون، قال وهبي إن المشروع سيتضمن تعويض اللجوء إلى الاعتقال بفرض حمل «السوار الإلكتروني» على المتابعين مع بقائهم خارج السجن، إضافة إلى تعويض الاعتقال بالغرامات، أو العقوبات البديلة الأخرى كالقيام بالأشغال، عادّاً أن تطوير المجال القضائي في المغرب يحتاج لتطوير المسطرة جنائية، ومشيراً إلى تنصيص المشروع على حضور المحامين جلسات الاستماع لهم في مخافر الشرطة حماية لحقوق المتهمين.

ورداً على تساؤلات النواب بخصوص ارتفاع نسبة السجناء الخاضعين للاعتقال الاحتياطي، قال وهبي إن هذا الاعتقال «مخالف لقرينة البراءة»، لكن القاضي حين يقرر اعتقال شخص، فإنه أحياناً «يحمي المهتم»، وضرب مثالاً على ذلك بحالة وفاة بسبب حادثة سير تسبب فيها شخص، حيث إن الإفراج عن المتهم يمكن أن يؤدي إلى رد فعل من العائلة.

كما عدّ الوزير وهبي أن «القضاة لهم استقلالية عن وزارة العدل»، وتمنى أن «يأخذوا بعين الاعتبار ظاهرة الاعتقال الاحتياطي والملاحظات بشأنها».

وأضاف الوزير وهبي أنه حين جرى تعيينه وزيراً للعدل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وجد قانون المسطرة الجنائية، الذي اشتغل عليه 3 وزراء سابقين، مشيراً إلى أنه سيدخل بعض التعديلات الطفيفة، وأنه سيتم خلال هذا الأسبوع عقد آخر لقاء لوضع النقاط النهائية قبل إحالة المشروع إلى الحكومة.