أظهرت المقاربة التقنوقراطية التي جرى اعتمادها لحل عدد من القضايا الشائكة في قطاع التربية الوطنية، فشل وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى في نزع فتيل الاحتقان بقطاع التعليم، ولأن العبرة بالنتائج، فقد جاز الحكم بفشل شكيب بنموسى، في مهامه، بعدما نجح بإخراج جميع نقابات وتنسيقيات قطاع التعليم إلى الشارع، وأعاد لغة الإضراب والتصعيد بعدما انقشع غمام المفاوضات واتضح عدم جدواها.
الرباط – حذرت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، من خطورة قرارات التوقيف المؤقت عن العمل وتوقيف الأجرة التي ما تزال تتقاطر على الأساتذة المضربين عن العمل، على استقرار المدرسة العمومية وعلى وضعية العاملين بها.
وأعلنت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم التابعة للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، رفضها إجراء ات التوقيف المؤقت عن العمل الذي أصدرته المديريات الإقليمية في حق بعض الأساتذة على خلفية ممارستهم حقهم في الإضراب المكفول دستوريا، مؤكدة في عزمها التام دعم ومساندة المتضررين من هذه القرارت.
وتوصل، أمس الجمعة، عشرات الأساتذة، من بينهم أعضاء في المجلس الوطني لـ”التنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي”، يعملون في المديريات الإقليمية بمكناس وخريبكة وخنيفرة والدار البيضاء وفاس وإفران وسطات والجديدة والصويرة والحاجب، بقرارات التوقيف المؤقت عن العمل، وفق ما كشفت مصادر من التنسيقية لـ”العربي الجديد”، في وقت ينتظر أن تشمل القرارات أساتذة آخرين خلال الساعات القادمة.
وجاءت التوقيفات بعد دعوة وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى مديري الأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية إلى التعامل بالحزم والصرامة اللازمتين بتنسيق مع السلطات المحلية مع السلوكيات المعيقة لسير الدراسة.
وشدّد وزير التربية الو\نية والتعليم الأولي والرياضة في مذكرة وجهها إلى مسؤولي الأكاديميات الجهوية والمديرين الإقليميين على ضرورة اتخاذ جميع الإجراءات التي تُتيحها المقتضيات التنظيمية والقانونية الجاري بها العمل، للتصدي لكل الأفعال والسلوكيات التي تعوق سير المرفق التربوي العمومي، والحرص على سيادة الضوابط التربوية والإدارية داخل مؤسسات التربية والتعليم العمومي، وعدم التساهل مع أية ممارسة من هذا القبيل.
ولفتت مذكرة الوزير إلى أن هذا الحزم يهدف لتأمين زمن التعلم وإنجاز الحصص الدراسية بجميع المؤسسات التعليمية، ولتفادي كل الصعوبات والتصرفات التي من شأنها عرقلة السير العادي للدراسة بمؤسسات التربية والتعليم العمومي، باعتبارها مرفقا عموميا، سواء تعلق الأمر بعدم تمكين التلميذات والتلاميذ من ولوج الفصول الدراسية أو بإخراجهم منها، أو بالحيلولة دون التحاق أطر هيئة التدريس والإدارة بالمؤسسات التعليمية لمنعهم من تأدية واجبهم المهني.
من جهة أخرى، شدّد بنموسى على العمل الذي قامت به الحكومة والوزارة من أجل الارتقاء بالأوضاع المادية والمهنية لنساء ورجال التعليم، من خلال الاستجابة لمختلف الملفات المطلبية المتعلقة بمختلف الأطر التربوية والإدارية العاملة بالقطاع، إذ جرى إقرار زيادة عامة مهمة في الأجور، والعمل على مراجعة شاملة لمضامين النظام الأساسي.
بدورها، دعت نقابة حزب العدالة والتنمية، الحكومة ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إلى تغليب منطق الحكمة والحوار في استيعاب واقع اللحظة، والتعليم بتوقيف هذه الإجراء ات، التي شددت على أنها “لن تزيد واقع التعليم إلا احتقانا وغليانا”.
فيما طالبت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، بتوفير مناخ مناسب لمصالحة حقيقية بين وزارة التربية الوطنية وموظفيها على قاعدة تنصف الشغيلة التعليمية من جهة، وتمكن في إطار المسؤولية الجماعية من تدارك الزمن المدرسي للناشئة.
وجددت الجامعة الوطنية لموظفي التعليم، دعوتها للحكومة إلى صيانة الحق في الاحتجاج السلمي وممارسة الحريات النقابية المؤطرة بنص الدستور والتزامات المغرب إزاء مصادقته على المواثيق والعهود الدولية.
ويخوض آلاف الأساتذة في المغرب منذ الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إضرابات ووقفات ومسيرات واعتصامات احتجاجية، مطالبين بإسقاط النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التعليم، ومعبرين عن رفضهم لاتفاق 10 ديسمبر/ كانون الأول الحالي، بين الحكومة والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، والذي كان من أهم مخرجاته زيادة 1500 درهم (نحو 150 دولاراً) في أجور موظفي التعليم.
ولم ينجح توقيع اللجنة الوزارية الثلاثية والنقابات الخمس الأكثر تمثيلية اتفاق 26 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وجلسات وضع اللمسات الأخيرة على الصيغة النهائية للنظام الأساسي الجديد التي انطلقت أول من أمس الثلاثاء، في نزع فتيل الاحتقان والغضب، ودفع آلاف الأساتذة إلى العدول عن مواصلة الإضرابات والاحتجاجات الأسبوعية منذ ما يقارب ثلاثة أشهر، والتي كان آخرها تنظيم مسيرة حاشدة أمس الخميس بالرباط.