ذكر تقرير للمجلس الأعلى للحسابات، بخصوص تدقيق حسابات الأحزاب السياسية وفحص صحة نفقاتها برسم الدعم العمومي للسنة المالية 2022، أن حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة ويترأسه الملياردير ، عزيز أخنوش، تصدر الأحزاب التي أنفقت مبالغ كبيرة من المال العام بطرق مشوبة بعدم احترام النصوص القانونية، بما تتجاوز قيمته 10 ملايين درهم، أي أكثر من مليار سنتيم.
يجب أن يكون هناك تحقيق مستقل وشفاف يقوم به الجهاز المعني بمراقبة الحسابات ومكافحة الفساد للتحقق من مثل هذه الادعاءات واتخاذ الإجراءات اللازمة بناءً على النتائج. يعتبر الشفافية والمساءلة أساسيين في ضمان النزاهة والمصداقية في العمل السياسي والحكومي.
وكان “التجمع” في صدارة الأحزاب التي ذكرها التقرير، باعتابها معنية بإنجاز 44 مهمة أو دراسة أو بحث في مجالات اقتصادية واجتماعية وبيئية ومؤسساتية، دون أن تدلي بما يثبت لجوءها للمنافسة لانتقاء الخبراء المؤهلين لإنجازها، وهي الوضعية التي تخالف مقتضيات المخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية الذي ينص على تبرير أتعاب الخبراء العاملين لحساب الحزب بعدة وثائق من بينها إعلان الترشيح، ومقرر اختيار أعضاء اللجنة المشرفة على اختيار الخبير وتقييم الخدمة المقدمة، ومحضر اختيار الخبير، والعقد المبرم معه.
وبرر حزب التجمع الوطني للأحرار عدم اعتماد مسطرة طلب العروض لاختيار الخبراء، إلى كون الدراسات والأبحاث والمهام المتعلقة بالشأن السياسي وبتدبير الشأن العام، “لها خصوصيتها وليست كباقي الخدمات التي يمكن إسنادها إلى متعهد بمعيار الكلفة المادية”، لذلك فإن الحزب عمد إلى “وضع آلية خاصة لاختيار الجهة القادرة على إنجاز الخدمات، بناء على معايير تروم تحقيق شرط الكفاءة وجودة المنتوج النهائي”، وفق تبريراته.
وتصدر الحزب أيضا، قائمة من 4 أحزاب قامت بأداء تسبيقات لفائدة مقدمي الخدمات في مخالفة لقاعدة الأداء المشروط بإنجاز الخدمة بما مجموعه 4,35 مليون درهم، أي ما يمثل 28 في المائة من الدعم السنوي الإضافي المخصص لهذه الأحزاب، إذ أدى بمفرده أكثر من نصف هذا المبلغ، بقيمة 2,7 مليون درهم، أكثر من أحزاب الأصالة والمعاصرة، والاستقلال، والعدالة والتنمية مُجتمعة.
وجاء في الوثيقة أن كلا من حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة وحزب العدالة والتنمية قامت بأداء مبالغ من الدعم السنوي الإضافي قدرها على التوالي 2,40 مليون درهم، ومليون درهم، و552.400، درهم لفائدة مكاتب الدراسات لتغطية مصاريف الدراسات خلال سنة 2023 عوض سنة، 2022، وهو ما يعني تنفيذ النفقات المتعلقة بهذا الدعم خارج الإطار السنوي لصرفه، أي بعد متم السنة المعنية.
ونبه التقرير إلى قيام الحزب بالتعاقد مع مكاتب الدراسات SOUTHBRIDGE وIS OPINONNING و HORIZON D’ETUDES DE ET RECHERCHES من أجل إنجاز خمس دراسات حول “سبل تطوير أداء المنتخبين” و”تقييم السياسات على المستوى الإقليمي” و”تقييم الوضع المالي للجماعات المحلية وسبل تحسينه”، بمبلغ إجمالي قدره 5,62 مليون درهم، غير أن الحزب لم يدلِ بتقارير ومخرجات الدراسات المنجزة.
وقدم المجلس الأعلى للحسابات عدة توصيات لحزب التجمع الوطني للأحرار بناء على ملاحظات قضاته، في مقدمتها دعم صرف أجور المستخدمين بوثائق الإثبات القانونية المنصوص عليها في قائمة الوثائق والمستندات المثبتة، والمحددة في المخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية، بما يشمل عقود العمل والعقود الملحقة في حالة التجديد أو التغيير ونسخ من بطاقات التعريف الوطنية ومحاضر الشروع في العمل.
وطالبه المجلس بالتقيد بمبدأ “الوضوح”، من خالل تسجيل العمليات المحاسبية المتعلقة بتحصيل الموارد أو أداء النفقات في الحسابات الملائمة لها، مرتبة تبعا لتسلسلها الزمني، مع الحرص على تضمينها بيان مصدر العملية ومحتواها والحساب المتعلق بها ومراجع مستندات إثباتها.
وشدد المجلس على تخصيص حساب بنكي للدعم السنوي الإضافي لتيسير تتبع أوجه صرفه للغايات التي منح من أجلها، مع تدارس الصيغة الملائمة لاستكمال تمويل الدراسات والأبحاث التي تم الشروع في إنجازها بتنسيق مع المصالح المختصة بوزارة الداخلية، والعمل على دراسة الغايات وجدوى المهام والدراسات والأبحاث المزمع تمويلها بالدعم السنوي الإضافي، والتخطيط المسبق لتنفيذها، واعتماد آليات لتقييم أثرها على العمل الحزبي والسياسي.
الشفافية والمساءلة: تواجه “حزب التجمع الوطني للأحرار ” تحديات فيما يتعلق بالشفافية والمساءلة في استخدام الأموال التي تلقاها من الدولة، وقد تواجه اتهامات بالفساد أو سوء الإدارة في بعض الأحيان.