“جواز الشباب.. حلم مغربي أم وهم جديد؟

0
81

في تصريح لافت، أعلن محمد المهدي بنسعيد، وزير الثقافة والشباب والتواصل، عن إطلاق مشروع “جواز الشباب”، الذي وصفه برؤية شمولية تهدف إلى تمكين الشباب المغربي اقتصاديًا واجتماعيًا، وبناء جسور الثقة بينهم وبين المؤسسات.

المشروع، الذي بدأ تطبيقه في الرباط قبل ثلاث سنوات، يسعى إلى تقديم خدمات متنوعة تشمل النقل، الثقافة، والرياضة، ويطمح للوصول إلى 2.6 مليون مستفيد بحلول 2026.

مشروع طموح، ولكن!

رغم هذا الطموح، يثير المشروع تساؤلات جوهرية حول واقعيته، خاصة في ظل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الشباب المغربي. البطالة، الفقر، والهجرة غير الشرعية تبقى تحديات كبيرة تعكس فقدان الأمل لدى شريحة واسعة من الشباب. فكيف يمكن الحديث عن تحقيق “الحلم المغربي” دون معالجة هذه الأزمات الجذرية؟

الرياضة: حل مهمل رغم الإمكانيات الهائلة

يشير الكاتب والصحفي جمال السوسي إلى أن الرياضة، خاصة الرياضات القتالية، يمكن أن تكون متنفسًا ومجالًا واعدًا لملايين الشباب المغاربة، بفضل مواهبهم الفطرية. إلا أن غياب الدعم الحقيقي ومحاربة الفساد الذي ينخر هذا القطاع يجعلان الحديث عن الرياضة في السياسات الحكومية مجرد شعارات.

وهنا يبرز تساؤل آخر: لماذا لا تشمل مبادرات مثل “جواز الشباب” برامج قوية لتعزيز الرياضة باعتبارها أداة للتغيير الاجتماعي والاقتصادي؟ التجارب الدولية، مثل الاتفاقية التي وقعها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدِّرات والجريمة مع حكومة المقاطعة الاتحادية في برازيليا، تقدم نموذجًا ملهمًا.

المبادرة البرازيلية استخدمت الرياضة كوسيلة فعالة لمنع الجريمة وتعاطي المخدرات، وعززت المهارات الحياتية لدى الشباب المهمش. فهل يفتقد الوزير بنسعيد إلى رؤية مماثلة، أم أن الإمكانيات غير متاحة؟

التحديات الاقتصادية الكبرى

التحديات الاقتصادية التي تواجه المغرب تضيف بُعدًا آخر لتعقيد تحقيق أهداف “جواز الشباب”. عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، شدد على أن مشاكل مثل ضعف النمو الاقتصادي وارتفاع البطالة تحتاج إلى استراتيجيات جريئة ومستدامة.

لكن، هل يمكن لمشروع “جواز الشباب” أن يساهم في حل هذه المعضلات؟

  • البطالة: كيف يمكن دمج الشباب اقتصاديًا في سوق عمل يفتقر إلى الفرص والاستثمارات الكافية؟

  • الثقة بالمؤسسات: هل يستطيع الجواز استعادة ثقة الشباب في المؤسسات وسط استياء واسع من غياب الشفافية وضعف المحاسبة؟

“الهروب الكبير” ومفارقة الثقة

أحداث مثل “الهروب الكبير” للشباب عبر الحدود تكشف عن عمق اليأس الذي يعاني منه الجيل الجديد. ورغم الحديث عن بناء الثقة عبر “جواز الشباب”، يبقى السؤال: هل يكفي مثل هذا المشروع لمعالجة الإحباط المتزايد؟

هل يمكن استلهام الدروس من الخارج؟

التجربة البرازيلية مع الأمم المتحدة تُظهر أن الرياضة ليست مجرد نشاط ترفيهي، بل أداة فعالة لتمكين الشباب وحمايتهم من عوامل الخطر. فلماذا لا يبادر المغرب إلى عقد اتفاقيات مماثلة مع المنظمات الأممية والدولية؟

إلى أين يتجه الحلم المغربي؟

مشروع “جواز الشباب” قد يكون خطوة إيجابية، لكنه لا يكفي وحده لتحقيق التحول المنشود. الشباب المغربي بحاجة إلى استراتيجيات أكثر شمولية، تستثمر في مواهبهم وتواجه التحديات بجرأة وشفافية.

الحلم المغربي ليس مستحيلاً، لكنه يتطلب إرادة سياسية حقيقية وشراكات استراتيجية على المستويين المحلي والدولي. فهل يتحول “جواز الشباب” إلى أداة للتغيير أم يبقى مجرد وهم آخر؟