فرنسا تعيش على الريع المغربي”: كيف تحول الفوسفاط من مورد وطني إلى مصدر للهيمنة الاقتصادية؟

0
146

“فرنسا تعيش على الريع المغربي”، بهذه العبارة الصادمة علَّقت أستاذة جامعية في برنامج تلفزيوني على القناة الرسمية المغربية، مشيرة إلى كيفية استفادة فرنسا من الموارد الطبيعية للمغرب، خاصة الفوسفاط، عبر اتفاقيات تاريخية مثل اتفاقية إيكس ليبان (Les accords d’Aix-les-Bains).

هذه التصريحات تأتي في وقت تُعلن فيه مديرية الدراسات والتوقعات المالية عن وصول عائدات الفوسفاط ومشتقاته إلى 86.8 مليار درهم بنهاية عام 2024.

ولكن السؤال الذي يفرض نفسه: كم من هذه العائدات يذهب فعليًا إلى المغرب؟ وهل ما زلنا ندفع ثمن اتفاقيات وُقِّعت قبل عقود؟

اتفاقية إيكس ليبان: 100 سنة من الهيمنة الاقتصادية

وقِّعت اتفاقية إيكس ليبان بعد عام واحد فقط من استقلال المغرب (1956)، وكانت تمنح الشركات الفرنسية، وعلى رأسها شركة أوكسيدنتال (Occidental)، حق استخراج وتصدير الفوسفاط المغربي لمدة 100 سنة، أي حتى عام 2055.

وفقًا للاتفاقية، كانت فرنسا تأخذ نسبة تتراوح بين 60% إلى 80% من عائدات الفوسفاط، بينما تحصل الحكومة المغربية على النسبة المتبقية. هذا التوزيع غير العادل، بالإضافة إلى المدة الطويلة للاتفاقية، كان يُعتبر استمرارًا للهيمنة الاقتصادية الفرنسية حتى بعد الاستقلال.

بنود الاتفاقية المثيرة للجدل:

  1. نسبة العائدات:
    كانت الشركات الفرنسية تحصل على النسبة الأكبر من عائدات الفوسفاط، مما يعني أن المغرب كان يحصل على أقل من نصف القيمة الحقيقية لهذا المورد الاستراتيجي.

  2. السيطرة على الإنتاج:
    كانت الشركات الفرنسية تتحكم بشكل كامل في عملية استخراج وتصدير الفوسفاط، مما حد من قدرة المغرب على تطوير صناعة وطنية مستقلة في هذا المجال.

  3. مدة الاتفاقية:
    كانت الاتفاقية طويلة الأمد (100 سنة)، مما جعل المغرب مقيدًا بها لفترة طويلة، حتى بعد الاستقلال.

86.8 مليار درهم: كم يذهب إلى المغرب؟

إذا طبقنا نسبة 60% إلى 80% التي تأخذها فرنسا على عائدات الفوسفاط البالغة 86.8 مليار درهم لعام 2024، فإن النتائج تكون كالتالي:

  • إذا أخذت فرنسا 60%:
    فرنسا: 52.08 مليار درهم
    المغرب: 34.72 مليار درهم

  • إذا أخذت فرنسا 80%:
    فرنسا: 69.44 مليار درهم
    المغرب: 17.36 مليار درهم

هذه الأرقام تظهر أن المغرب يحصل على جزء صغير من عائدات الفوسفاط، بينما تستفيد فرنسا من الجزء الأكبر. هذا الوضع يثير تساؤلات حول مدى عدالة هذه الاتفاقية، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي يواجهها المغرب.

تصريحات الأستاذة الجامعية: فرنسا تعيش على الريع المغربي

تصريحات الأستاذة الجامعية التي أشارت إلى أن “فرنسا تعيش على الريع المغربي” تعكس واقعًا مريرًا يعيشه المغرب منذ عقود. فمن خلال اتفاقيات مثل إيكس ليبان، تستفيد فرنسا من الموارد الطبيعية للمغرب بشكل غير متكافئ، مما يحد من قدرة المغرب على تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

تساؤلات تبحث عن إجابات:

  1. هل ما زالت اتفاقية إيكس ليبان سارية المفعول؟
    إذا كانت الإجابة بنعم، فما هي الإجراءات التي يمكن أن يتخذها المغرب لإعادة التفاوض على شروط هذه الاتفاقية؟

  2. ما هي الآثار الاقتصادية والاجتماعية لهذا التوزيع غير المتكافئ؟
    كيف يؤثر هذا التوزيع على التنمية الاقتصادية للمغرب، خاصة في مناطق استخراج الفوسفاط مثل خريبكة واليوسفية؟

  3. ما هو دور الحكومة المغربية في إدارة هذا المورد الاستراتيجي؟
    هل هناك جهود حقيقية لإعادة النظر في هذه الاتفاقية، أم أن الوضع يظل كما هو بسبب ضغوط سياسية أو اقتصادية؟

الخاتمة: نحو إعادة النظر في الاتفاقية

قصة الفوسفاط المغربي تظل قصة معقدة، حيث تتداخل فيها المصالح الاقتصادية والسياسية. إذا كانت اتفاقية إيكس ليبان لا تزال سارية المفعول، فإن هذا يفرض على المغرب إعادة النظر في شروطها، خاصة في ظل الأرقام القياسية التي تحققها عائدات الفوسفاط اليوم. يجب أن تكون الأولوية لضمان استفادة المغرب بشكل كامل من موارده الطبيعية، وأن يتم توجيه هذه العائدات نحو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.

هذا المقال يسلط الضوء على التوزيع غير المتكافئ لعائدات الفوسفاط المغربي وفقًا لاتفاقية إيكس ليبان، ويطرح تساؤلات جوهرية حول مدى استفادة المغرب من موارده الطبيعية. كما يدعو إلى إعادة النظر في هذه الاتفاقية لضمان تحقيق العدالة الاقتصادية.