“المغرب يصدر مليار يورو من الخضر والفواكه لإسبانيا رغم القرار الأوروبي: نجاح اقتصادي أم ضغط على معيشة المغاربة؟”

0
321

رغم قرار محكمة العدل الأوروبية القاضي بإبطال اتفاقيات الفلاحة والصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، واصل المغرب تعزيز موقعه في السوق الإسبانية، محققًا صادرات قياسية من الخضر والفواكه بقيمة مليار أورو سنة 2024.

هذه الأرقام، التي تعكس قوة الفلاحة المغربية في الأسواق الأوروبية، تطرح في المقابل تساؤلات ملحة حول تأثير هذا التوجه على الأسعار في السوق المحلية، وحول قدرة الدولة على تحقيق توازن بين التصدير والتوفير الداخلي بأسعار معقولة للمواطن المغربي.

ارتفاع الصادرات.. بين المكاسب الاقتصادية وضغط الأسعار داخليًا

وفق تقارير مهنية إسبانية، زادت الصادرات الفلاحية المغربية إلى إسبانيا بنسبة 16% من حيث القيمة المالية مقارنة بسنة 2023، رغم أن الزيادة في الحجم لم تتجاوز 4%، حيث بلغ إجمالي الصادرات 456 ألف طن. هذا التحول يكشف عن استراتيجية جديدة تركز على تصدير المنتجات ذات القيمة المضافة العالية، مثل الطماطم، الفلفل، والفاصوليا الخضراء، التي شكلت 77% من إجمالي صادرات الخضروات.

لكن، في ظل هذا النجاح التجاري، كيف أثر ذلك على الأسعار في السوق المغربية؟ هل استفاد الفلاح المغربي من هذه العائدات القياسية، أم أن المستفيد الحقيقي هم كبار المصدرين والشركات المسيطرة على القطاع؟

قرار المحكمة الأوروبية.. هل يمكنه كبح العلاقات التجارية بين الرباط ومدريد؟

أصدر الاتحاد الأوروبي في أكتوبر 2024 قرارًا قضائيًا يقضي بإلغاء اتفاقيات الصيد البحري والفلاحة مع المغرب، بزعم أنها تشمل أراضي الصحراء، مع منح مهلة 12 شهرًا قبل التنفيذ. لكن رغم ذلك، لم تتأثر المبادلات التجارية بين البلدين، حيث أكدت الحكومة الإسبانية، على لسان وزير خارجيتها خوسي مانويل ألباريس، أن إسبانيا لا تزال متمسكة بشراكتها الاستراتيجية مع المغرب، معتبرة أن هذه الاتفاقيات تحقق مصالح اقتصادية كبرى للطرفين، إذ بلغت المبادلات التجارية بين البلدين 22 مليار أورو.

في هذا السياق، هل يمكن اعتبار أن القرار الأوروبي لن يكون له تأثير فعلي على الصادرات الفلاحية المغربية؟ أم أن هناك تحركات دبلوماسية واقتصادية جارية لإيجاد حلول بديلة لضمان استمرار التدفقات التجارية؟

المواطن المغربي.. الحلقة الأضعف في معادلة التصدير

في الوقت الذي يجني فيه المصدرون أرباحًا ضخمة، يبقى المواطن المغربي يعاني من الارتفاع المستمر لأسعار الخضر والفواكه داخل السوق المحلية. فكيف يمكن تفسير استمرار غلاء الأسعار رغم الوفرة الإنتاجية؟ وهل تمتلك الحكومة رؤية واضحة لحماية القدرة الشرائية للمواطن، مع الحفاظ على التنافسية التصديرية للمنتجات الفلاحية؟

يبدو أن المغرب يسير نحو تعزيز مكانته كلاعب زراعي قوي في أوروبا، لكن هذا النجاح لا يجب أن يكون على حساب المستهلك المغربي. فهل نقترب من لحظة تستدعي مراجعة الأولويات الاقتصادية والاجتماعية، بحيث يستفيد الجميع من الثروة الفلاحية، بدل أن تظل الأرباح حكرًا على فئة محدودة؟