الاعتراف المتأخر بدور المساعدين التقنيين والإداريين في الصحة والحماية الاجتماعية: قراءة في واقع مطلبي وسط تحولات إصلاحية

0
246

في مشهد يعكس إحدى ركائز الإصلاح في منظومة الصحة والحماية الاجتماعية بالمغرب، انعقد يوم 16 يونيو 2025 اجتماع موسع للمكتب الوطني للنقابة المستقلة لقطاعات الصحة بالرباط، بحضور فعال ومتميز لفئة المساعدين التقنيين والإداريين. وهو الحدث الذي يبرز إصرار هذه الفئة على أن تُسمع مطالبها المهنية في سياق إصلاحي شامل يتطلب تعبئة وتضامنا متواصلا.

لكن ماذا يخفي هذا الاجتماع من دلالات أعمق؟ وهل تشكل هذه اللقاءات المحورية بداية لتغيير حقيقي في مكانة هذه الفئة داخل منظومة القطاع الصحي؟ وهل من استجابة فعلية من الجهات المسؤولة، أم أننا أمام معركة استمرار تأجيل الحقوق؟

من الإهمال إلى الاحتجاج المنظم: كيف تشكلت حركة المساعدين التقنيين والإداريين؟

لطالما كانت هذه الفئة مغيبة عن نقاشات الحوار القطاعي، رغم أن أدوارها الحيوية في التسيير والإدارة لا تقل أهمية عن الكوادر الطبية. فما الذي جعل مطالبهم تتأخر لسنوات؟ وكيف يمكن تفسير هذه الغياب عن منصة الحوار، في ظل تحديات تتطلب شراكة حقيقية بين جميع المهنيين؟

المطالب المحورية: بين التسوية العادلة والاعتراف بالمجهودات

الملفات العالقة لدى وزارة الصحة، من ترقيات وانتقالات، ترسم صورة عن تأخر طويل في الاستجابة لحقوق فئة أساسية في سير المؤسسات الصحية. المقترحات الواردة في الاجتماع، من تعديل شروط الترقيات إلى إنشاء درجات استثنائية وتعديل نظام التعويضات، تعكس إرادة واضحة نحو مساواة عادلة وشفافة.

لكن هل هذه المطالب ستجد طريقها إلى التطبيق العملي؟ وهل تتحلى السلطات بالجدية اللازمة لإنهاء تراكم الملفات العالقة؟ وما هو دور النقابات في الضغط والمتابعة لضمان إنصاف هذه الفئة؟

التحديات الكبرى: الموارد البشرية في ظل التغيرات المناخية والاقتصادية

تزامناً مع الحديث عن الإصلاحات الهيكلية، يتوجب النظر إلى فئة المساعدين التقنيين والإداريين في سياق التحديات الوطنية الكبرى، بما في ذلك ندرة الموارد المائية وتغير المناخ الذي يؤثر على كل القطاعات، ولا سيما الصحة. هل ستتمكن هذه الفئة من مواكبة هذه المتغيرات بدعم ملائم وتكوين مستمر؟

الإصلاح الإداري واللامركزية: هل ستعطي المجموعات الصحية الترابية فرصة جديدة؟

تشكل المجموعات الصحية الترابية، التي جاء إنشاءها ضمن القانون 08.22، إطاراً جديداً لإدارة الخدمات الصحية، حيث يُتوقع أن يعزز هذا التنظيم التكامل والتنسيق بين مختلف الفئات المهنية. لكن هل سيؤدي ذلك فعلاً إلى تحسين ظروف عمل المساعدين التقنيين والإداريين؟ وهل ستتاح لهم فرصة تمثيل حقيقي في المجالس الإدارية للمجموعات الصحية؟ وكيف يمكن أن تضمن هذه التمثيلية تحقيق مطالبهم ضمن النظام الأساسي النموذجي؟

السياسة الاجتماعية وحقوق العاملين: مناظرة أوسع

في ظل هذه الدينامية، يُثار سؤال أوسع حول مدى اهتمام السياسات العمومية بحقوق العاملين في القطاع الصحي من حيث العدالة الاجتماعية، الكرامة المهنية، وضمان استقرار المسار المهني. هل نحن أمام بداية تحول في التعامل مع الفئات المهنية غير الطبية التي تبقى غالباً في الظل، أم أن التحديات أكبر من مجرد مطالب مهنية؟

في الختام: تعبئة نقابية ومسؤولية وطنية

إن التعبئة المستمرة للمساعدين التقنيين والإداريين من خلال نقابتهم المستقلة، تعكس إدراكهم العميق لأهمية دورهم في منظومة صحية وطنية تسعى إلى الإصلاح. لكن النجاح يتطلب التزاماً من الدولة، تنسيقاً حقيقياً بين الفاعلين، ومتابعة جادة لتحقيق مطالب مشروعة.

هل ستُفتح صفحة جديدة من التعاون البناء بين الفئة والنظام الصحي؟ أم أن الطريق ما زال طويلاً أمام تحقيق الإصلاحات المنشودة؟ الزمن وحده كفيل بالإجابة، لكن الوضوح والشجاعة في التعامل مع القضايا المهنية ستكونان مفتاح النجاح.