في زمن تتكاثر فيه التحديات وتتشابك فيها التهديدات الأمنية والاجتماعية والثقافية، يطلق الوزير السابق عزيز رباح نداءً يعيد توجيه البوصلة نحو الفاعل الأساسي في معركة المستقبل: الشباب. المقال الذي نُشر في صحيفة “المغرب الآن” ليس فقط شهادة مسؤول سابق، بل بمثابة صرخة تحذير ونداء تعبئة.
رباح، بخلفيته السياسية والإدارية، يقرأ الواقع من زاوية تجمع بين التحذير الأمني والدعوة إلى تأطير اجتماعي شامل. فهو يُثمّن انطلاق الحملة الأمنية ضد الجريمة والانحراف من جهة سوس ماسة، معتبراً أنها خطوة جادة نحو ترسيخ الطمأنينة في المجتمع. لكن… هل يكفي الحزم الأمني دون رؤية مجتمعية طويلة المدى؟
ثلاثي التخريب: من يحرك خيوطه في الظل؟
يشير الوزير إلى ما يسميه “الثلاثي الخطر”: المتآمرون، المخربون، والمروجون، الذين لا يكتفون ببث السموم في المجتمع بل يسعون لاختراق الدولة ومؤسساتها، خصوصًا عبر التأثير على عقول الشباب. وهنا تُطرح الأسئلة الملحة:
-
ما مدى جاهزية المنظومة التربوية والإعلامية والثقافية للتصدي لهذا الاختراق؟
-
وهل تمتلك الدولة إستراتيجية متكاملة لاجتثاث هذا “الثلاثي” من الجذور، أم أن الأمر يقتصر على معالجات أمنية ظرفية؟
من يصنع الحصانة المجتمعية؟ دعوة إلى تعبئة وطنية
الوزير لا يكتفي بإلقاء الكرة في ملعب الدولة، بل يُحمل “القوى الحية” مسؤولية جماعية: من العلماء والأئمة إلى الأساتذة والإعلاميين والفنانين والمؤثرين والأحزاب والنقابات. الجميع، حسب رباح، مطالب بالخروج من منطق الحياد والمشاهدة إلى خط الدفاع الأول.
لكن، هل تتوفر فعلاً هذه الأطراف على هامش حرية كافٍ للعمل والتأثير؟
وهل تعيش النخب المغربية اليوم انسجاماً أو حتى حدًا أدنى من التنسيق للقيام بهذا الدور؟
الشباب… بين الاستهداف والرجاء
الرسالة المركزية في خطاب الوزير واضحة: الشباب المغربي مستهدف من قِبَل قوى التخريب، لكنهم في الآن نفسه أمل المستقبل وكنز المملكة. وهنا تتقاطع الدعوة الأخلاقية بالدعوة الاستراتيجية: علينا أن نحمي الشباب لا فقط بالعقاب والزجر، بل بالحوار، بالتأطير، بالفرص، والأمل.
فهل فعلاً نعامل شبابنا بوصفهم “كنزاً وطنياً”؟ أم أن السياسات العمومية ما تزال تتعامل معهم كأرقام انتخابية أو عبء اجتماعي؟
من النداء إلى الفعل: ما المطلوب؟
ختام مقال الوزير رباح يستند إلى بعد ديني وروحي: “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”، وهي عبارة قوية، لكنها تحتاج أن تُترجم إلى ممارسات ملموسة:
-
هل نمتلك آلية وطنية جامعة لتنسيق جهود الدولة والمجتمع في حماية وتأطير الشباب؟
-
ما دور الجهات المنتخبة والقطاع الخاص في الاستثمار في “الرأسمال البشري” بدل تركه فريسة للتفاهة والانحراف؟
-
وهل هناك تقييم دوري لفعالية السياسات الموجهة نحو الشباب؟