“ملف العمران وتنظيم المعارض بالخارج: قراءة في تحديات احترام قواعد التنافسية والشفافية في الصفقات العمومية”

0
422

“منصة واحدة لثلاث ملفات: هل تخالف مجموعة العمران فلسفة التفريق بين المالي والتقني والإداري في الصفقات العمومية؟”

تساؤلات حول الشفافية وتكافؤ الفرص في تدبير الصفقات المرتبطة بمغاربة العالم**

في خضم النقاش المتزايد حول الشفافية والحكامة الجيدة في تدبير المال العام، تثار اليوم تساؤلات جدية حول مدى احترام مجموعة العمران، باعتبارها مؤسسة شبه عمومية، لمقتضيات قانون الصفقات العمومية، خاصة في ظل معلومات تشير إلى إدماج الملفات الإدارية والتقنية والمالية في جملة واحدة داخل إعلان صفقة تهم تنظيم معارض العمران بالخارج لفائدة مغاربة العالم (MDM).

خلفيات الصفقة: ما الذي يحدث فعلاً؟

تشير المعلومات التي حصلنا عليها إلى أن لجنة مختصة تشتغل حالياً على دراسة ملف صفقة تنظيم المعارض بالخارج. المفترض، بحسب القانون، أن تتم معالجة كل ملف (الإداري، التقني، المالي) بشكل منفصل، وفقاً لمبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص المنصوص عليها في المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية.

غير أن صيغة الإعلان – حسب ما ورد – دمجت الملفات الثلاثة في جملة واحدة دون تمييز أو فصل، وهو ما قد يُفهم، حسب مراقبين، على أنه محاولة لتوجيه الصفقة إلى جهة محددة أو “محظوظ معروف”، بما يتنافى مع روح التنافسية والنزاهة التي يفترض أن تسود مثل هذه العمليات.

هل نحن أمام إخلال بالقانون؟

من حيث الشكل، فإن القانون المنظم للصفقات العمومية (مرسوم 20 مارس 2013) يفرض فصل الملفات الثلاثة بشكل واضح، ويمنع أي خلط قد يخل بمبدأ الحياد أو يفتح الباب أمام التأويلات التي تمس بمصداقية اللجنة المكلفة بالانتقاء.

كما أن التوجيهات الحكومية الأخيرة، خاصة من وزارة الاقتصاد والمالية، شددت على تعزيز الرقابة البعدية والآنية للصفقات، وضمان الولوج العادل إليها عبر بوابة “marchespublics.gov.ma”، ما يجعل أي إخلال بهذه القواعد قضية تتجاوز الإدارة إلى الرأي العام.

السياق الأوسع: لماذا صفقة مغاربة العالم مهمة استراتيجياً؟

الصفقة المرتبطة بـ تنظيم معارض العمران بالخارج لفائدة مغاربة العالم ليست مجرد نشاط تجاري أو ترويجي. بل ترتبط مباشرة بسياسة الدولة في تقوية روابط الجالية المغربية المقيمة بالخارج مع بلدها الأم، ودعم الاستثمار العقاري وتحفيز تحويلات العملة الصعبة، التي تُعد اليوم أحد أهم موارد الاقتصاد الوطني، كما تؤكده تقارير البنك الدولي ومكتب الصرف.

من هنا، فإن أي شبهات في تدبير هذه الصفقات قد تضر بصورة المغرب في عيون مواطنيه المقيمين بالخارج، وتؤثر سلباً على ثقتهم في المؤسسات، في وقت يتجه فيه المغرب إلى ترسيخ موقعه كقطب استثماري واستقرار في شمال أفريقيا.

أسئلة جوهرية مفتوحة للنقاش:

  • لماذا لم يتم احترام الشكل القانوني للفصل بين الملفات؟

  • هل توجد نية مبيتة لتوجيه الصفقة نحو جهة معينة؟

  • أين دور المفتشية العامة للمالية والهيئات الرقابية في مثل هذه الحالات؟

  • هل ستتحرك مؤسسات الحوكمة مثل الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة في هذا الملف؟

خلاصة: الشفافية ليست ترفاً

إذا كان المغرب يتبنى خياراً استراتيجياً يقوم على دولة القانون وربط المسؤولية بالمحاسبة، فإن كل إخلال بقانون الصفقات العمومية يجب أن يُعتبر مساً مباشراً بثقة المواطن والمؤسسات. ملف العمران ليس معزولاً، بل يمثل اختباراً جديداً لقدرة الدولة على حماية المال العام، وتعزيز الثقة في مؤسساتها، خاصة لدى الجالية المغربية التي تراهن الدولة على تعبئتها في مشاريع التنمية.