بايتاس: الحكومة ترفض تشغيل مصفاتها الوحيدة لتكرير البترول..يبرّر إعادة تشغيل مصفاة “سامير”سيكلف الدولة 45 مليار درهم

0
184

في ظل الارتفاع غير المسبوق لأسعار المحروقات في المغرب، تزايدت دعوات سياسية واقتصادية وعمالية مطالبة بإعادة تشغيل مصفاة “سامير” الوحيدة لتكرير النفط في المملكة للإنتاج،، وذلك لمواجهة الارتفاع الشديد الذي يشهده سوق المحروقات في المغرب.

استجابة لهذه المطالب، أكد مصطفى بايتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة والقيادي في حزب “التجمع الوطني للأحرار”، إن إعادة تشغيل مصفاة “سامير” سيكلف الدولة 45 مليار درهم.

وأشار بايتاس في لقاء نظمه حزبه، اليوم السبت، بجهة العيون الساقية الحمراء، أن خزانة المصفاة لوحدها بحاجة لمليار درهم من أجل تجهيزها من جديد لتخزين المواد البترولية لأنها لم تستعمل منذ 2014.

وأوضح ذات المتحدث أن مصفاة “لاسامير” ستكون جزء فقط من الحل وستخفض بنسبة قليلة أسعار المواد البترولية، ناهيك أن المشاكل القضائية تعيق تشغيلها من جديد.

وأبرز أن دعم الحكومة للمحروقات يتطلب إضافة 65 مليار درهم سنويا إلى صندوق المقاصة، وهو أمر شبه مستحيل في الظرفية الحالية.

ولفت إلى أن سعر اللتر الواحد من البنزين في روتردام بهولندا يبلغ 12 درهم دون احتساب مصاريف النقل والضريبة وهامش ربح الشركات.

وأكد بايتاس أن نفقات الحكومة ارتفعت لدعم المواد الأساسية خاصة القمح اللين ودعم الغاز والسكر، مشيرا أن الحكومة قررت إعطاء الأولويات للصحة والتشغيل والتعليم دون المس بميزانية الاستثمار. 

ويرفض فاعلون وسياسيون ونقابيون “إعدام” المصفاة المغربية، من أجل حماية الأمن الطاقي للمغرب، وخفض تداعيات الاضطرابات الدولية عليه. 

في 20 ماي الماضي ،أعلنت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، اليوم الاثنين، أن القدرة الإجمالية لتخزين المواد البترولية في المغرب تبلغ 1.8 مليون طن، ما يغطي 57 يوما من الاستهلاك الوطني الإجمالي.

وأوضحت بنعلي، خلال جلسة الأسئلة الشفوية في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي)، الإثنين، أن المغرب يطمح إلى الرفع من مستوى مخزونه الطاقي وتأمين حاجيات السوق الوطنية، حيث تعمل على تسريع إنجاز المشاريع المبرمجة من طرف الخواص، حتى تصل القدرة الإجمالية للتخزين إلى 777 ألف متر مكعب إضافية بحلول 2023. 

وشددت المسؤولة المغربية على أن وزارة الانتقال الطاقي تعمل على إرساء نظام جديد لتدبير المخزون الاحتياطي في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى إحداث هيكلة مؤسساتية تسهر بالأساس على التتبع الدقيق لهذه المشاريع. 

وشركة سامير، التي توقّف الإنتاج بها عام 2015، لها دور وطني كبير، خصوصا في تأمين الحاجيات الوطنية من الطاقة البترولية والحد من غلاء أسعار المواد البترولية.

تقول القيادة النقابية والمستشارة البرلمانية السابقة، رجاء كساب: “المطالبة بعودة سامير للإنتاج، جاء نتيجة طبيعية لارتفاع أسعار المحروقات ولخطر الاضطراب في الامدادات بعد اشتعال حرب روسيا والغرب، وأيضا لأن المصفاة تساهم في رفع المخزونات وتعطي الفرصة لولوج سوق النفط الخام على غرار سوق المواد الصافية، وهو ما يمكنه أن يساهم في اقتصاد العملة الصعبة”.

كما أن هذه الصناعة، “شيدت تاريخيا في زمن الصدمات البترولية، وبغاية الوقاية من المخاطر المباشرة والآنية للسوق العالمية”، تضيف كساب في حديثها لـ”موقع سكاي نيوز عربية”.

وتعتقد المستشارة البرلمانية السابقة، أن تشغيل المصفاة سيساهم بشكل خاص في “الرفع من المخزون الوطني للمحروقات بنحو 60 يوما من الاستهلاك، وسيساهم في الضغط على اللوبيات المتحكمة في السوق من أجل تنزيل الأسعار الفاحشة بنحو 2 دراهم للتر بالنسبة للغازوال”، مشيرة أن “المصفاة لحدود الآن مازالت قادرة على الإنتاج وبشكل تنافسي وبميزانية لن تفوق 200 مليون دولار”.

مسطرة تعرقل التفويت

لكن “للأسف رفضت الحكومة الحالية كما السابقة مقترح قانون يرمي إلى تفويت أصول الشركة للدولة، على اعتبار أن الدولة بهذه الطريقة ستسترجع ديونها المتراكمة على الشركة، بمبررات مغلوطة كوجود الملف لدى القضاء علما بأن القضاء قال كلمته الأخيرة”، تستطرد القيادة النقابية.

وقد صدر حكم التصفية القضائية في مواجهة شركة سامير قبل ست سنوات، وتم تأكيده في جميع مراحل التقاضي، فيما عملت فرق برلمانية من المعارضة على تقديم مقترحات للحكومة لاتخاذ مبادرة تأميم الشركة وإعادتها إلى المؤسسات العمومية دون جدوى، إذ تبرر الحكومة موقفها من عدم التدخل في هذا الملف والاستفادة من قدرات التكرير والتخزين في الشركة بوجود مسطرة قضائية يتعين احترامها.

في لقاء مع الصحافة، منتصف الشهر الماضي، اعتبرت وزيرة الانتقال الطاقي التنمية المستدامة، ليلى بنعلي، أن “مسطرة التحكيم الدولي الجارية أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي تعيق استغلال مصفاة سامير”.

ونبه خبير في مجال تكرير البترول، إلى أن التخلي عن سامير وعدم وجود مصفاة في المغرب، يعني أن “بلادنا في حالة عري طاقي، لأن اقتصاد المملكة في حاجة ماسة إلى هذه الطاقة البترولية، إذ نستهلك حاليا نحو 11 مليون طن من المواد البترولية بجميع أصنافها، وهو ما يكلف خزينة الدولة”.

وأوضح الخبير، أن “صناعة تكرير البترول تحقق منفعتين أساسيتين: أولهما توفير المخزون بشكل ضمني يتراوح ما بين 47 إلى 60 يوما، وثانيهما التنافس في شراء المادة الصافية”.

من جهتها، أبرزت الباحثة في المالية العمومية، سارة الطاهري، أن رفض الحكومة تأميم مصفاة سامير، “يفوت على المغرب تأمين حاجياته الطاقية، إضافة لوقف غلاء أسعار المحروقات التي يشهدها العالم في الآونة الأخيرة”.

وتابعت الطاهري، أن إعادة تشغيل المصفاة سيجعل المملكة في “منأى عن الزيادات المستمرة للبترول، إضافة إلى تشغيلها لليد العاملة، ومساهمتها بشكل كبير في إنعاش واستقطاب النشاط الاقتصادي والحياة الاجتماعية على مستوى مدينة المحمدية، خصوصا وأن الشركة كانت تشغل ستة آلاف من الموظفين والعمال”.

كما أن مصفاة سامير ” تشكل موردا ضريبيا جد هام بالنسبة للدولة، إلى جانب دورها في التكرير والإنتاج، مما جعلها  تبلغ طاقتها الإنتاجي 200 ألف برميل يوميا”، تردف الباحثة في المالية العمومية.