هبطت أسعار النفط لليوم الثاني على التوالي، بفعل توقعات قاتمة للطلب العالمي على الوقود، بعد صدور بيانات تشير إلى تباطؤ عالمي في قطاع الصناعات التحويلية، بينما يجتمع منتجو النفط في تكتل أوبك+ هذا الأسبوع لاتخاذ قرار بخصوص زيادة الإمدادات.
وكشفت مسوح أمس الاثنين أن المصانع في أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا واجهت صعوبة لتعزيز النشاط في يوليوز مع تعثر الطلب العالمي وفرض الصين لقيود صارمة لمكافحة كوفيد-19، الأمر الذي أبطأ الإنتاج.
وبحلول الساعة الثامنة صباحا بتوقيت غرينتش انخفض سعر خام برنت 1.40 دولار أو 1.4 بالمئة إلى 98.63 دولارا للبرميل، في حين تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي دولارا أو 1.1 بالمئة إلى 92.89 دولارا للبرميل.
وقال مصدران من ثمانية في أوبك+ لرويترز إنه ستجري مناقشة زيادة متواضعة في الإنتاج لشهر سبتمبر، في حين قال الباقون إن من المرجح الإبقاء على مستوى الإنتاج الراهن.
كما يترقب المستثمرون البيانات الأسبوعية للمخزونات الأميركية، حيث يتوقع محللون انخفاض مخزونات الخام والبنزين الأميركية.
ومن المنتظر أن يعلن معهد البترول الأميركي أول تقرير لهذا الأسبوع في الساعة 2030 بتوقيت غرينتش.
وصل سعر البنزين في المغرب، الخميس، إلى 16.43 درهم مغربي لليتر الواحد، أي ما يعادل 1.66 دولار أميركي.
ما زالت الحكومة لا تفصح عن موقفها تجاه الارتفاع المتواصل لأسعار السولار والبنزين، إذ يتساءل مراقبون حول ما إذا كانت السلطات العمومية ستتدخل من أجل كبح انفلات الأسعار.
وترجع الحكومة المغربية الارتفاع إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا على السوق الدولية، لكن الحسين اليماني، الأمين العام للنقابة الوطنية لصناعات البترول والغاز الطبيعي، يقول في حديث لموقع “الحرة” إن السعر لم يكن يتجاوز في السابق ثمانية دراهم، أي 0.80 دولار، حتى في ظل ارتفاع الأسعار في السوق الدولية.
وتواجه الحكومة المغربية ضغوطا في الأشهر الأخيرة بسبب غلاء عدة مواد أساسية. ولامتصاص هذا الغضب أعلنت الحكومة تخصيص دعم بحوالي 200 مليون دولار لموظفي قطاع النقل البري، بعدما نظّموا إضرابات.
وهذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها المغرب، الذي يعتمد على الخارج لتوفير حاجاته من المحروقات، أزمة كهذه. لكن في السابق، لم يكن أثرها ينعكس على المستهلكين بفضل دعم الدولة لأسعار البيع في محطات البنزين، على أساس هوامش ربح محددة.
وبعدما ظل هذا الدعم لعقود ضمانة “للسلم الاجتماعي”، تقرر وقفه في العام 2015 نظرا لكلفته الباهظة على ميزانية الدولة، لكن على أساس أن يتم تعويضه بتحويلات مالية شهرية للأسر الفقيرة، إلا أن ذلك لم يتحقق، وفق ما نقله تقرير لفرانس برس.
ويتفق الحسين اليماني في تصريح صحفي أن تحرير أسعار قطاع المحروقات في عهد حكومة الإسلامي عبد الإله بنكيران تسبب في التهاب الأسعار.
ونظرا لأن تكرير النفط خارج البلاد واستيراده يكلف المستهلك المغربي ثمنا باهظا، يقول اليماني إن إيقاف تشغل محطة التكرير “سامير” ساهم بدوره في ارتفاع الأسعار.
ويوضح اليماني أن المحطة كانت تقي البلاد من الوقوع تحت رحمة تقلبات السوق الدولية.
اتهامات للشركات بـ”الجشع”
ويتهم المغاربة شركات المحروقات بـ”الجشع”. وطالب برلمانيون من المعارضة وحتى من الأغلبية، رئيس الحكومة عزيز أخنوش، خلال جلسة استجواب في أبريل الماضي، بالتدخل لتحديد سقف للأسعار، لكنه اعتبر أن ما يقال عن الأرباح “الفاحشة” مجرد “أكاذيب”.
ويملك أخنوش، الذي يوصف بالمقرب من المخزن وتولى وزارة الفلاحة بين 2007 و2021، شركة “أفريقيا غاز” التي تعد أهم الفاعلين في سوق المحروقات في المغرب، إلى جانب شركتي “توتال” الفرنسية و”شل” الهولندية البريطانية.
بالنسبة للخبير ساري، فإن الرباط تحاول الحد من ارتفاع الأسعار من خلال دعم صندوق المقاصة (صندوق لدعم المواد الأساسية). ويشير الخبير إلى أن الميزانية التي كانت مرصودة في السابق للصندوق بموجب قانون المالية 2022 كانت في حدود 15 مليار درهم، ما يعادل مليارا ونصف مليار دولار، لكن جراء الوضع الحالي “فنحن نقترب من أكثر من 23 مليار درهم”.
وتشير التوقعات إلى استمرار ارتفاع الأسعار عموما هذا العام “في معدلات تفوق المتوسط المسجل خلال العقد الأخير”، بحسب المندوبية السامية للتخطيط وهي هيئة الإحصاءات الرسمية في المغرب.
في المقابل، واجهت شركات المحروقات اتهامات “بمراكمة أرباح تفوق 45 مليار درهم (4,5 مليار دولار) منذ التحرير وحتى نهاية 2021″، وفق ما يؤكد حسين اليماني.
ورغم أن القطاع بات خاضعا لقانون السوق الحرة، إلا أن المنتقدين يصفون هذه الأرباح “بالفاحشة” بالمقارنة مع الهوامش التي كانت محددة قبل التحرير.
ويتفق ساري في تصريح صحفي أنه كان من الممكن أن تقلص شركات التوزيع هامش ربحها بسبب الوضع الدولي الحالي.
وتطالب الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة “سامير” المفلسة منذ 2015، الحكومة بتأميمها بشكل كامل أو تسهيل خصخصتها، بعدما أكدت المحكمة العليا حكما نهائيا بتصفيتها القضائية في سبتمبر 2018.