بحسب تقديرات الجمعيات العاملة في مجال حماية المال العام، يكلف الفساد في المغرب خسائر مالية كبيرة تصل إلى 50 مليار درهم (الدولار يساوي 10 دراهم) سنوياً، أي ما يعادل 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
طالبت الجمعية المغربية لحماية المال العام بالتحقيق في شبهة تبديد واختلاس أموال عمومية وتلقي فائدة في عقد، على إثر الاختلالات المالية والمحاسباتية التي همت تأهيل وتحديث المركب الرياضي محمد الخامس بالدار البيضاء، والتي رصدها تقرير للمجلس الجهوي للحسابات.
ودعت الجمعية في شكاية للوكيل العام للملك باستئنافية الدار البيضاء إلى القيام بكافة التحريات المفيدة و المعاينات الميدانية الضرورية والبحث في المعاملات المالية لشركات التنمية المحلية ( شركة تهيئة للدار البيضاء، و شركة الدار البيضاء للتظاهرات و التنشيط، و شركة الدار البيضاء للتراث) المتعاقدة مع جماعة الدار البيضاء وباقي الشركاء على خلفية شبهة الفساد، مع حجز كل الوثائق ذات الصلة بالموضوع.
وطالب حماة المال العام في شكايتهم للاستماع إلى كل من عمدة المدينة نبيلة الرميلي، وكل مستشار أو نائب له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بوقائع هذه القضية ومن له صلة بالملف، إضافة إلى الاستماع للممثلين القانونيين للشركات الثلاث المذكورة إضافة إلى كل الشركات التي تحوم حولها شبهات في هذا الملف.
وتوقفت الشكاية على اختلالات من قبيل تبديد مبلغ يزيد عن 95 مليون درهم من طرف شركة الدار البيضاء للتهيئة، و جود فواتير غير مشروعة ومشكوك في مصداقيتها.
ورصدت الشكاية المماطلة المسجلة في أداء المساهمات المالية المحددة في مبلغ( 20) مليون درهم من طرف الجامعة الملكية لكرة القدم، و غياب رؤيا واضحة لأداء نصيب الجامعة، مقابل قيامها بإصلاحات عينية غير منصوص عليها في الاتفاقية ودون أن تكون ملزمة بها، ما يطرح أكثر من علامة استفهام تبرر فتح تحقيق في هذا الباب.
وأشار حماة المال العام إلى حرمان المركب الرياضي محمد الخامس من مداخيل مهمة، تهم استغلال مرافقه وملحقاته دون مقابل ودون موجب قانوني من طرف جمعيات رياضية.
وإلى جانب ذلك، نبهت الشكاية إلى شبهة تذاكر المركب الرياضي، وحرمان مرتفقين من ولوج أرضية الملعب رغم الأداء المسبق للتذاكر ووفاة مشجعة أخيرا.
وفي هذا الصدد جاء في الشكاية أنه و بمناسبة المباريات الأخيرة المنظمة بالمركب الرياضي محمد الخامس لوحظ اكتظاظ غير مبرر، إذ إن مجموعة من المشجعين اقتنوا تذاكر الدخول إلا أنهم لم يستطعوا ولوج الملعب لتتبع المباريات، بل أكتر من ذلك فقد نتج عن هذا الاكتضاض غير المبرر، إزهاق روح و وفاة شابة في مقتبل العمر هي الشابة نورا.
وأبرزت الجمعية أن تقرير المجلس الجهوي للحسابات أشار الى أن الاليات والتجهيزات المؤدية لولوج الملعب معطلة كما أشار إلى أن هذا الامر تكرر في أكثر من مباراة، ما يعني أن مسؤولية شركة الدار البيضاء للتظاهرات والتنشيط ثابتة، حيث إن الآليات المعطلة كلفت مالية الدولة مبالغ مهمة لوضعها ، بل اصبحت عائقا وليست عنصرا مساعدا.
ومن جملة الاختلالات التي جاءت في الشكاية استنزاف أرضية الملعب وتبديد أموال عمومية، وتقديم فواتير غير مستحقة من طرف شركة الدارالبيضاء للتظاهرات والتنشيط، لخدمات غير منجزة أصلا.
ولأجل ذلك، طالب حماة المال العام الوكيل العام للملك باستئنافية البيضاء بالتحقيق في شبهات مركب محمد الخامس، ومتابعة كل من ثبت تورطه في هذه الوقائع، مع اصدر الأن بناء على نتائج البحث باتخاذ تدابير بعقل ممتلكات المتورطين المفترضين في الوقائع.
واعتبر المحامي محمد مشكور، أن بطء القضاء في التعاطي مع الشكاوى هو معيق أساسي لمكافحة الفساد، ويتعارض مع ما ينص عليه الدستور في الفصل 120 بالبت في الشكاوى داخل آجال معقولة، ومع أول منشور صادر عن رئاسة النيابة العامة، لافتاً إلى أن ذلك البطء يعطي الضوء الأخضر لآخرين لسرقة ونهب المال العام.
وشدد على أن نجاعة مكافحة الفساد في المغرب مرتبطة بتوفر الإرادة وغياب تواطؤ بعض المسؤولين، وكذا تفعيل سلطة الوصاية ممثلة في وزارة الداخلية لدورها بهذا الشأن.