جمال السوسي: الدبلوماسية البرلمانية بين الطموح والواقع – ما الذي يمنع تحقيق التغيير المنشود؟

0
53

في وقت تتحدث فيه وزارة الخارجية، بقيادة ناصر بوريطة، عن أهمية جعل الدبلوماسية البرلمانية فعلًا يوميًا واستراتيجية مستدامة، يبرز تساؤل حاسم: كيف يمكن لهذه الرؤية أن تترجم إلى دعم عملي لمغاربة المهجر الذين يحملون على عاتقهم مهمة تعزيز صورة المغرب والدفاع عن قضاياه الوطنية؟ في غياب هذا الدعم، يأتي دور شخصيات مثل الكاتب والصحفي جمال السوسي، الذي جسد من خلال نشاطه المكثف في هولندا وبلجيكا نموذجًا حيًا لتحويل الخطاب إلى ممارسة. ففي حين يركز بوريطة على أهمية الدبلوماسية البرلمانية، تتجلى في عمل السوسي على الأرض المبادرات الفردية التي تسد الفجوات التي خلفها غياب المؤسسات، مما يثير السؤال: هل حان الوقت لتحويل هذه الجهود الفردية إلى شراكات استراتيجية مع الوزارة؟

“أمينة السودي: من بروكسل إلى الرباط، رمز النضال ونموذج المرأة المغربية المدافعة عن الوحدة الترابية”

دعوته جاءت في سياق جلسة مناقشة الميزانية الفرعية للوزارة، حيث شدد على استعداد وزارة الخارجية لتقديم الدعم اللازم للبرلمانيين، من خلال:

  • تزويدهم بالمعطيات الدقيقة: لضمان ترافع فعال عن القضايا الوطنية، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية.

  • إتاحة الأكاديمية المغربية للدراسات الدبلوماسية: كأداة للتكوين المستمر في مجالات القانون الدولي والعلاقات الخارجية.

رسالة بوريطة واضحة: المغرب بحاجة إلى دبلوماسية برلمانية منهجية، لا تقتصر على المناسبات، بل تكون حاضرة باستمرار كجزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية.

ما الذي لا يريد بوريطة قوله؟

رغم الطموحات الكبيرة التي حملها خطابه، إلا أن بوريطة لم يتطرق إلى بعض النقاط الحرجة التي تعيق تحقيق هذه الرؤية:

  1. ضعف التنسيق السابق بين وزارة الخارجية والبرلمان:

    • غياب خطط عمل واضحة تضمن التنسيق المستمر بين الطرفين.

  2. نقص الكفاءات والخبرات لدى بعض البرلمانيين:

    • هل يمتلك جميع البرلمانيين المهارات اللازمة للتعامل مع قضايا دولية معقدة؟

  3. التحديات الخارجية:

    • كيف ستواجه الدبلوماسية البرلمانية محاولات التشويش من أطراف معادية للقضية الوطنية في المحافل الدولية؟

نقاط القوة والضعف في الدبلوماسية البرلمانية المغربية1. نقاط القوة:

  • دعم حكومي واضح:

    • استعداد وزارة الخارجية لتقديم الدعم والتكوين يعكس التزامًا بتطوير الكفاءات البرلمانية.

  • وجود الأكاديمية المغربية للدراسات الدبلوماسية:

    • منصة مهمة لتقديم تدريب متخصص في القانون الدولي والدبلوماسية.

2. نقاط الضعف:

  • ضعف نشاط مجموعات الصداقة البرلمانية:

    • تركز أنشطتها على أوروبا، بينما تبقى مجموعات الصداقة مع برلمانات إفريقيا شبه غائبة، رغم أهمية القارة في السياسة الخارجية المغربية.

  • غياب التقارير المنتظمة:

    • لا يتم إصدار تقارير شفافة عن أنشطة الوفود البرلمانية، ما يضعف المصداقية.

  • مقاومة التكوين:

    • قد يواجه بعض البرلمانيين برامج التكوين باعتبارها تقليلاً من كفاءاتهم.

تحليل الرسائل الضمنية

رسالة بوريطة للبرلمانيين: “استفيدوا من الأدوات المتاحة وكونوا في طليعة الدفاع عن القضايا الوطنية.”

رسالة للمجتمع الدولي: “المغرب يعتمد نهجًا شاملاً يعزز الدبلوماسية من جميع مكوناتها، بما في ذلك البرلمان.”

رسالة للمعارضين للقضية الوطنية: “الدبلوماسية البرلمانية المغربية ستكون حاضرة بقوة لمواجهة أي محاولات للإضرار بالمصالح الوطنية.”

خطوات لتطوير الدبلوماسية البرلمانية

  1. تنظيم برامج تكوينية مستدامة:

    • التعاون مع الجامعات المغربية والخبراء الدوليين لتوفير تكوين متخصص للبرلمانيين.

  2. تفعيل مجموعات الصداقة البرلمانية:

    • إعطاء الأولوية لمجموعات الصداقة مع دول إفريقيا وآسيا، بما يتماشى مع توجهات السياسة الخارجية المغربية.

  3. إنشاء خلايا تأطير داخل البرلمان:

    • توفير ملفات دورية للبرلمانيين حول القضايا الوطنية والإقليمية.

  4. تعزيز الشفافية:

    • إلزام الوفود البرلمانية بنشر تقارير علنية عن أنشطتها الدولية.

أسئلة مفتوحة للنقاش

  1. كيف يمكن التغلب على مقاومة بعض البرلمانيين للتكوين المستمر؟

  2. ما هي الآليات التي تضمن استمرارية الدبلوماسية البرلمانية بشكل يومي وليس مناسباتيًا؟

  3. كيف يمكن للبرلمان تعزيز حضوره في إفريقيا بما يتماشى مع السياسة الخارجية المغربية؟

خلاصة: من الطموح إلى التنفيذ

تمثل تصريحات بوريطة خطوة هامة نحو تحويل الدبلوماسية البرلمانية إلى أداة استراتيجية تخدم المصالح الوطنية. ولكن نجاح هذا المشروع يتطلب تعاونًا أكبر بين البرلمان ووزارة الخارجية، مع التركيز على معالجة التحديات الهيكلية وتطوير الكفاءات البرلمانية.

الدبلوماسية البرلمانية ليست رفاهية، بل هي ضرورة لمواكبة التحديات العالمية وتعزيز موقع المغرب كفاعل دولي. وبينما يضع بوريطة الأسس، يبقى التنفيذ الفعلي رهينًا بإرادة البرلمان وقدرته على استثمار الدعم المقدم لتحقيق الأهداف المرجوة.

“أحداث أمستردام: أئمة المساجد في هولندا يرسخون قيم التعايش وينبذون العنصرية والشغب”