هل يكشف كتاب أنور مالك نهاية وهم “البوليساريو”؟ الرباط تُحاصر المشروع الانفصالي بأدلة دولية تربطه بالإرهاب الإيراني

0
315

في زمن التحولات الجيوسياسية الكبرى، يبدو أن الحرب على الإرهاب لم تعد مقتصرة على الجبهات العسكرية، بل امتدت إلى ساحة الكتابة والوثائق المسربة التي تسلط الضوء على تحالفات الظل وخيوط الدعم غير المرئي. في هذا الإطار، اختار الكاتب والصحافي الجزائري أنور مالك أن يوجّه ضربة فكرية وسياسية موجعة لكيان “البوليساريو”، من قلب الرباط، عبر تقديم كتابه الجديد “البوليساريو وإيران.. أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف”.

لكن، ما الذي يجعل هذا العمل مثيراً للاهتمام في هذا التوقيت بالذات؟ وهل نحن أمام مجرد شهادة سياسية أم وثيقة استراتيجية تعيد رسم معالم الصراع في الصحراء؟

البوليساريو كأداة إيرانية؟

في سياق دولي متقلب، يُعيد أنور مالك، المنشق عن الخطاب الرسمي الجزائري، تقديم مقاربة مختلفة للصراع في الصحراء المغربية، عنوانها: “البوليساريو لم تعد مجرد انفصاليين.. بل تحوّلت إلى ذراع إرهابية لحرس الثورة الإيراني في شمال إفريقيا”.

استناداً إلى ما وصفه بوثائق استخباراتية مسرّبة من سوريا، يكشف الكاتب عن عمليات تجنيد لعناصر من البوليساريو لصالح ميليشيات إيرانية، بما فيها حزب الله وفيلق القدس، مبرزاً أن هؤلاء تلقوا تدريبات في جنوب لبنان، شملت تقنيات التفجير والاغتيال وحرب العصابات.

هذا الربط بين البوليساريو وإيران لا يمكن اعتباره مجرد اتهام عابر؛ بل يمثل تحولاً نوعياً في السردية الدولية حول هذا الكيان الانفصالي، ويقوّي الموقف المغربي الذي طالما نبّه إلى خطورة السماح بوجود “دويلة ميليشياوية” في قلب الساحل الإفريقي.

مخيمات تندوف.. من ملاذ للاجئين إلى منصة للتطرف؟

بحسب مالك، فإن الزيارات المتكررة لقيادات حزب الله والحرس الثوري الإيراني إلى مخيمات تندوف لم تكن زيارات عابرة، بل جزء من خطة استقطاب أيديولوجي وديني تنفذها طهران في شمال إفريقيا، وهو ما يطرح أسئلة مقلقة:

  • هل ما زالت الجزائر قادرة على التحكم في الفضاء الأمني داخل أراضيها؟

  • وأين يقف المجتمع الدولي من هذه الاختراقات المتعددة لأمن المنطقة؟

الرباط تنتصر بهدوء.. والأدلة تتكلم

أن يقدم كاتب جزائري بارز، من داخل الرباط، وثائق تربط البوليساريو بالإرهاب الدولي، ليس تفصيلاً عابراً في مشهد الصراع، بل خطوة تعكس تحولاً تدريجياً في الخطاب الجزائري المعارض للبوليساريو، وتكشف أن الرؤية الملكية، التي اختارت بناء التحالفات على أساس الشرعية والتنمية، بدأت تؤتي أكلها في ساحة الوعي الإقليمي والدولي.

فأن تصدر مثل هذه الوثائق من صحفي جزائري، وبمباركة ضمنية من تيارات داخلية غير راضية عن سياسة الجزائر الخارجية، يعني أن المغرب لم يعد وحده في ميدان الدفاع عن قضيته الوطنية، بل إن الحقيقة بدأت تجد لها صدى داخل البيت الجزائري نفسه.

بين التوثيق والدبلوماسية الهادئة

العمل الذي قام به أنور مالك ليس مجرد كتاب، بل هو أداة ضغط استراتيجية، يمكن للمغرب أن يوظفها في المحافل الدولية لإبراز خطر البوليساريو على الأمن الإقليمي والعالمي.
ومن هنا، يمكن التساؤل:

  • هل تتجه الرباط نحو تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية لدى شركائها الدوليين؟

  • وهل يفتح هذا الملف باباً جديداً للمساءلة الدولية لإيران والجزائر حول أدوارهما في زعزعة استقرار المنطقة؟

ختاماً: عندما تتكلم الوثائق، تسقط الأقنعة

ما كشفه كتاب “البوليساريو وإيران: أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف” يعزز مساراً اختارته الرباط منذ سنوات: الحقيقة بالحجة، والسيادة بالحكمة، والدفاع بالصبر والتوثيق.

وإذا كان الصراع حول الصحراء المغربية قد بدأ سياسياً، فإنه اليوم يدخل مرحلة جديدة: مرحلة فضح شبكات الإرهاب والداعمين الإقليميين لها، بالدليل والتحليل، لا بالشعارات والمغالطات.

ربما يكون السؤال الأهم الآن ليس: “ماذا ستقول البوليساريو؟” بل: “متى سيعترف المجتمع الدولي أن دعم الانفصال في الصحراء لم يعد فقط خطأ سياسياً، بل تهديداً أمنياً صريحاً؟”