الأغلبية الحكومية تتدارس تأثيرات ارتفاع الأسعار وتقر بأنها تواجه وضعاً صعباً وأنها ستُفي بوعودها تجاه المواطنين !!

0
409

تعهُّدات بسقف مرتفع، تلك التي تضمنها مشروع قانون المالية (الموازنة) في المغرب لسنة 2022، الذي يراهن على تحقيق نمو بنسبة 3.2 في المئة، إلى جانب توقع إحداث 250 ألف منصب شغل مباشر خلال سنتين؛ لكن تلك التعهدات سرعان ما اصطدمت بالزيادات المتتالية في أثمان المواد الغذائية والمحروقات، حتى قبل الشروع في مناقشة المشروع المذكور الذي تقترحه الحكومة والمصادقة عليه.

عقدت أحزاب الاغلبية الحكومية المغربية، اجتماعا أمس الثلاثاء، لدراسة مدى تقدم تنفيذ البرنامج الحكومي، والوقوف على الخطوات المقبلة في تنزيله، ودراسة بعض القضايا الوطنية والبرلمانية، ومستجدات الساحة السياسية خاصة ما يتعلق منها بموضوع ارتفاع الاسعار وانعكاساته على القدرة الشرائية للمواطن.

وأكد رئيس الحكومة الملياردير، عزيز أخنوش” رئيس التجمع الوطني للأحرار”، في كلمة له خلال الاجتماع، أن الحكومة واعية بانتظارات المواطنين، وتعمل على تلبيتها وعلى تحقيق التزاماتها تجاههم، سيما في ما يتعلق بالحفاظ على قدرتهم الشرائية من خلال دعم عدد من السلع والخدمات الأساسية التي شهدت أسعارها ارتفاعا كبيرا في السوق الدولية.




وزاد: “رغم قلة المياه، أسعار الخضروات حافظت على قيمتها ولم تسجل ارتفاعا، ونأمل أن يرحمنا الله بالمطر”.

وتابع: “المواطن المغربي يستهلك الكثير من المواد المدعمة والتي تقدر قيمتها بالملايين”.

ولفت أن “الحكومة تدعم شهرياً سعر الكهرباء بـ14 مليار درهم (نحو 1.4 مليار دولار)، و10 مليارات دعم السكر (نحو مليار دولار) و600 مليون درهم (نحو 63 مليون دولار) لدعم أسعار الدقيق والخبز، موضحاً :” مثلا بالنسبة للكهرباء الى جينا نطبقو هذاك المادة لكدخل والتكلفة لي زايدة بالنسبة لتوريد الكهرباء خصنا 14 مليار درهم، وهذه التكلفة لو كان الزبون أو المواطن يؤديها سيعني زيادة في الكهرباء ب 40 في المائة، وهذا الأمر غير موجود، والدولة تكلفت بأداء هذا الأمر، وهو نفس الأمر الذي ينطبق على القمح اللين، الذي تقدر تكلفة 340 أو 350 درهم للقنطار، و الثمن الذي سيؤدي به المواطن الخبزة خصوا يكون في 260 أو 270 درهم، و الفرق ديال 80 درهم تؤديها الدولة، وتكلفها ما بين 500 و 600 مليون درهم كل شهر، كما أن دهم الدولة لمادة السكر حتى يظل في ثمنه، يكلفها ب3 ملايير درهم سنويا”.

وشدد أخنوش على أن حكومته ملتزمة بتنفيذ كافة الالتزامات التي وردت في برنامجها.

من جهته، قال وزير العدل، عبد اللطيف وهبي “الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة”، خلال اجتماع الأغلبية الحكومية، انه الاجتماع تدارس مشكلة ارتفاع الاسعار وتأثيراتها على الوضع الاقتصادي الوطني، وتم اقتراح مجموعة من القرارات التي تروم تخفيف وطأة الضغط الاقتصادي على المواطنين.  

قبل تشكيل حكومة أخنوش كان ثمة سجال سياسي قوي، يشكك في قدرة الرجل على رئاسة الحكومة، وتحمل أعبائها السياسية. لذا كانت حجة المؤيين، أن رجال المال والأعمال، الذين ساهموافي تأسيس حزب رئيس الحكومة، لا يمكن لهم أن يواجهوا تحديات السلم الاجتماعي، وأن هذه الفئة من رجال الأعامال اعتادت على الدفاع عن مصالحها بكل شراسة، ولا يمكن أن تتحمل الرجات الاجتماعية الكبيرة ما شهده البلاد منذ توليها زمام الأمور، وأن أجهزة الأمن لا يمكن أن تنوب عنهم في تدبير تحديات السلم الاجتماعي.

الوعود الإيجابية التي قدمتها الحكومة عبر برنامجها، بالإضافة إلى تطمينات مسؤولين حكوميين على رأسهم رئيس الوزراء عزيز أخنوش، اصطدمت بارتفاع كبير في أثمان المواد الغذائية والاستهلاكية، إلى جانب تسجيل ارتفاع في أسعار المحروقات في مختلف محطات بيع الوقود في المغرب، حيث وصل سعر اللتر الواحد من الغازوال في إحدى محطات الوقود في مدينة الرباط إلى 11.00 دراهم (1,20 دولار أمريكي)، فيما ناهز سعر البنزين 12.50 درهماً (2,50 دولار)، ويأتي هذا الارتفاع تزامناً مع وتيرة ارتفاع الأسعار الدولية للبترول المستمرة منذ أيام حيث قفز مؤخراً سعر برميل خام برنت إلى 85.73 دولاراً، فيما ناهز برميل خام غرب تكساس 83.40 دولاراً.

التجربة القصيرة التي أمضتها حكومة عزيز أخنوش (حوالي خمسة أشهر) أبانت تحديات آخرى لا حصر لها، وليست مرتبطاة بأثر نجاح سياسات اقتصادية أو فشلها في تعميق الاحتقان الاجتماعي، بل مرتبطة بقرارات عشوائية غير مدروسة، حركت الشارع، وبرزت بعض العلامات المقلقة في سوسيولوجيا الحراك الاجتماعي.

وقد دعت الجبهة الاجتماعية وعدة نقابات وفعاليات مغربية، الى الخروج للتظاهر من اجل دفع الحكومة إلى تبني سياسات تخفف من الارتفاع المهول للأسعار على القدرة الشرائية للأسر.

وفي هذا السياق ، وجه حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (يساري معارض) رسالة مفتوحة للحكومة  تتضمن خمس إجراءات وصفها بالاستعجالية لمواجهة الارتفاعات المتتالية في الأسعار وحماية القدرة الشرائية للمواطن،  مشيرا إلى أن يراقب  “بقلق بالغ موجة الارتفاعات المتتالية في الأسعار، وخصوصا تلك المرتبطة بالمواد الأساسية، مما ينعكس سلبا على دخل الأسر، ويسهم في تدهور الأوضاع المعيشية المتسمة أصلا بالهشاشة، وينذر بمخاطر أقلها ازدياد معدلات الفقر، وعودة شبح الهجرة القروية نحو المدن، وخاصة مع ما يهدد السنة الفلاحية، التي تشي كل المؤشرات بأن هذه السنة ستكون استثنائية في انعاكاساتها السلبية على الفلاحين الصغار والعالم القروي القائم على الفلاحة الصغرى المعاشية والرعي”.

واوضح الاتحاد الاشتراكي بأن الانعكاسات الدولية وتاثيراتها على الاسعار،  لايعفي الحكومة من تحمل مسؤولياتها في الحماية الاجتماعية للمواطنات والمواطنين عبر إبداع حلول مستعجلة كفيلة بالتقليل من انعكاس ما يقع خارجيا على المعيش اليومي للأسر”، مطالبا   بالتعجيل بإدخال تعديلات على قانون المالية، بما يسمح بإجراءات ضريبية وتشريعية تحمي الدخل الفردي للأسر، وتحد من ارتفاع الأسعار.

واعتبر الحزب الاشتراكي المغربي، بأن من أولوية الاولويات في هذا الاطار  : “التدخل المستعجل للمؤسسات الوطنية المعنية بمحاربة الفساد والرشوة، وتلك المعنية بالمنافسة، من أجل مراقبة والتدخل لحماية المواطنات والمواطنين من كل أشكال الاحتكار والمضاربة والاتفاق القبلي بين الشركات على تحديد أسعار مرجعية في ضرب صارخ للمنافسة النبيلة”. مضيفا ضرورة :”سنّ إجراءات فورية لحماية العالم القروي المتضرر الأول من تزامن الجفاف مع التقلبات الاقتصادية الكونية، وضرورة التفعيل الأمثل لصندوق دعم العالم القروي، مع إخضاعه للرقابة والمحاسبة المواطنة”.

وانتقد الاتحاد ” أساليب التواصل الحكومي المعطوبة في هذه المرحلة الحرجة، التي تتطلب انتهاج سبيل الصراحة مع المواطنات والمواطنين، الذين في حاجة إلى التفعيل الأمثل للحق في المعلومة، عوض إنتاج خطاب لم يخرج من المرحلة الانتخابية المتسمة بتقديم الوعود عوض الأرقام والمعلومة والمنجزات والنقائص”،معتبرا أن هناك غياب أي رؤية تنبؤية مبنية على تحليل دقيق للسياسة والاقتصاد العالميين أثناء وضع قانون المالية، وبسبب إجراءاتها الضريبية التي لم تساهم في حماية الأسر من الانعكاسات الخارجية على السوق المحلية، وفي غياب بدائل اجتماعية وضريبية وقانونية تسهم في التخفيف من تأثيرات هذه الأزمات على الدخل الفردي للأسر، فقد أبانت هذه الحكومة عن غياب الإبداع والكفاءات والاستباقية، ولا يمكنها أن تتحجج بالعوامل الخارجية التي كانت معروفة سلفا، فالحكامة الجيدة هي القدرة على تدبير الأزمات، وليس الاختباء خلفها لتبرير الفشل.