احتجاج سائقي سيارات في عدة مدن مغربية بسبب ارتفاع أسعار الوقود

0
245

ينفذ مهنيو سيارات الأجرة في المغرب منذ أيام احتجاجات متكررة يقودها مهنيو قطاع سيارات الأجرة، استنكارا ورفضا للزيادات المتتالية في أسعار المحروقات.

وحمّل  سائق سيارات الأجرة في المغرب القطاع الحكومة مسؤولية الوضع “المزري” الذي باتوا يعيشونه، وتفاقم أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، مطالبين بإيجاد حلول جذرية لمشكل الغلاء. 

ونظم مهنيو سيارات الأجرة الصغيرة بمدينة فاس، يومه الأحد، وقفة احتجاجية جديدة عبروا فيها عن امتعاضهم من الزيادات التي أنهكت السائق المهني، في ظل الصمت الرهيب للجهات الوصية.

وأدان الاتحاد النقابي والجمعوي بالمدينة الزيادات المتتالية وغير المسبوقة في مادة الغازوال، في ظل عدم استفادة جزء من المهنيين من الدعم المباشر الذي خصصته الحكومة لمهنيي النقل.

ودعا المحتجون إلى إيجاد حلول آنية وعاجلة لهذه الزيادات الصاروخية، منددين في نفس الوقت بعدم تنفيذ ولاية الجهة للوعود التي أعطتها للمهنيين.

وأعلن سائقي سيارات الأجرة الصغيرة  والكبيرة عن مقاطعتهم لنقط التنقيط، مهددين بمزيد من التصعيد في حال عدم الاستجابة لمطالبهم، في ظل الاحتقان الكبير الذي سببه بالأساس سعر المحروقات.

وإلى جانب المحتجين بمدينة فاس، نظم مهنيو سيارات الأجرة بصنفيها خلال الأيام السابقة احتجاجات بعدة مدن، وعلى رأسها الدار البيضاء، في الوقت الذي هددت في تنظيماتهم النقابية بمزيد من الاحتجاج في حال عدم إيجاد حلول جذرية لاوضاعهم.

ووصفت النقابات الدعم الحكومي بالصدقة، وأكدت أنه لا يكفي لتغطية حجم الزيادات المتتالية في أسعار المحروقات، مطالبة برفعه، وكذا اتخاذ إجراءات أخرى من قبيل خفض الضريبة على المحروقات، وتقليص هامش ربح الشركات، وإعادة تشغيل مصفاة “سامير”.

الوزير مصطفى بايتاس الذي يتحدث باسم الحكومة، كان قد أفرد في ندوات صحافية حيزا زمنيا وافيا لتفسير أسباب ارتفاع أسعار المحروقات، وهي التفسيرات التي حضرت فيها الأزمة العالمية وارتباط أسعار الوقود محليا بأسعارها على الصعيد العالمي، لكنه كان قد أشار أيضا إلى أن الحكومة لن تتساهل مع من يتلاعب بأسعار المواد الاستهلاكية ومنها المحروقات طبعا.

في الجهة المقابلة للرد الحكومي الرسمي، نجد الانتقادات تطال أول من حرر سوق المحروقات ورفع الدعم عنها، ويتعلق الأمر برئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران الذي يوجد اليوم في المعارضة متزعما لحزب “العدالة والتنمية”.

الانتقاد يطال الحكومة ومطالبتها بالتدخل لإيجاد حل لمعضلة الارتفاع المستمر لثمن الوقود بالمغرب، حتى بات تقريبا كل يوم بثمن مغاير لثمن أمس، وأصبحت لوحة الأسعار في محطات الوقود بمثابة لوحة رعب تخيف جيوب وميزانيات السائقين من مهنيين وخواص أيضا.

الحكومة التي تعي جيدا معضلة الارتفاع المتواصل لأسعار المحروقات، خصصت دعما للمهنيين، وهو ما كان موضوع تصريح أدلى به الناطق الرسمي باسمها مصطفى بايتاس، الذي أكد الخميس أنه تم إلى غاية الآن صرف حوالي 1.4 مليار درهم لفائدة مهنيي قطاع النقل الطرقي، في إطار الدعم الاستثنائي الذي خصصته الحكومة لهم جرّاء ارتفاع أسعار المحروقات.

تصريحات بايتاس جاءت ردا على أسئلة الصحافيين التي طرحت في الندوة التي أعقبت اجتماع مجلس الحكومة، الخميس، وتطرقت إلى مشكل ارتفاع الأسعار وتداعياتها، وكشف فيها عن دفعتين أولى وثانية من الدعم الاستثنائي لمهنيي قطاع النقل الطرقي، إضافة إلى دفعة ثالثة لا تزال في بدايتها.

ووفق الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، فقد استفادت ما يقارب 180 ألف مركبة من هذا الدعم الذي بلغ إلى حدود الآن 1.4 مليار درهم.

وفي ما يشبه بشارة للمهنيين، قال بايتاس إن “الحكومة منكبة بجدية على دراسة الهوامش والإمكانيات المتاحة للانتقال إلى مستوى أعلى من الدعم المخصص لهذه الفئة من المهنيين على خلفية الارتفاع المطرد لأسعار المحروقات”، على اعتبار أن “الأسعار التي تم على أساسها تحديد قيمة الدعم الأولية شهدت زيادة مهمة”.

وبلغت أسعار المحروقات الأربعاء الماضي في مختلف محطات الوقود في العاصمة الرباط، 15.64 درهما للتر الواحد بالنسبة للغازوال، أما البنزين فقد بلغ 17.79 درهما دائما للتر الواحد.

الخبير المالي والاقتصادي التهامي بنجدو، طرح في تصريحه سابق مقارنة بين الطماطم والمحروقات، وأشار إلى النظريات الاقتصادية العالمية التي تتحدث عن قانون العرض والطلب ومدى تأثيره على أثمان السلع في الأسواق.

وأكد أن السوق سيد نفسه، وعاد في تصريحه إلى ما شهدته قبل فترة أسعار الطماطم بالمغرب من ارتفاع وصفه بـ “المهول” حيث بلغ الكيلو الواحد 20 درهما أثر سلبا وبشكل مباشر على “القفة” اليومية للمواطن.

وبالنسبة للتهامي بنجدو، فإن تدخل قانون العرض والطلب أعاد أثمان الطماطم إلى سابق عهدها، وتراجعت لتصبح اليوم درهمين للكيلو الواحد.

وتساءل المتحدث “لماذا يعطل قانون العرض والطلب عندما يتعلق الأمر بالمحروقات؟”، وجوابا على ذلك يؤكد الخبير المالي، بأن “هناك أيادي خفية تتدخل لإبطال مفعول هذا القانون”.

وعلى سبيل المثال فقط، أورد الخبير المالي في تصريحه لـ”القدس العربي” أن من بين أوجه تدخل هذه الأيادي الخفية لتعطيل مفعول قانون العرض والطلب، الاحتكار وهو الذي يؤدي إلى نقص المنتج في السوق، إضافة إلى سياسة التخزين.

ولم يفت المتحدث الإشارة إلى دور الشركات في ذلك، لأنها تدخل في منافسة غير شريفة، ناهيك عن الاتفاق فيما بينها، والذي تكون من تداعياته الارتفاع في الأسعار وبالتالي التحكم في السوق وفق المنظور الربحي الخالص لها دون مراعاة المستهلك.

كما تبقى أعين أصحاب السيارات خائفة من النظر إلى لوحة أسعار محطات البنزين، فهي دائما تحمل الجديد الذي يقفز مثل كابوس نهاري يصيب الناس في وقت اليقظة.