تسجل الأسعار في المغرب ارتفاعا حادا يجعل من الصعب على كثيرين تأمين طعامهم وكلفة قطاعء عطلة الصيف في آن واحد، إلى حد باتت ملايين الأسرة المغربية تواجه قوت يومها يفوق قدراتها.
وقالت وزيرة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، نادية فتاح علوي، إن التضخم في المغرب وصل إلى مستويات غير مسبوقة، لم تشهدها البلاد منذ 28 سنة.
ارتفع معدل التضخم إلى 5,3% هذا العام في المغرب بسبب الزيادة الكبيرة في أسعار الطاقة والمنتجات الغذائية، وفق ما أعلنت عنه وزيرة الاقتصاد والمالية مؤكدةً أيضاً تراجع توقعات النمو إلى 1,5 % فقط.
وأشارت علوي خلال تقديمها لعرض أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، أمس الأربعاء، حول “تنفيذ ميزانية سنة 2022 والبرمجة الميزانياتية للثلات سنوات 2023 – 2025″، أن مستوى التضخم انتقل من 0.9% خلال النصف الأول من العام الماضي إلى 5.1%خلال الفترة نفسها من السنة الجارية.
ولفتت إلى أن مستوى التضخم بلغ 5.1 في المائة خلال النصف الأول من عام 2022، مشيرة أن 7.8 في المائة تضخم غذائي و3.4 في المائة تضخم غير غذائي.
وتوقعت فتاح علوي أن يسجل نمو الاقتصاد الوطني خلال سنة 2023 انتعاشة بمعدل يناهز 4,5 في المائة، عوض 1,5 في المائة المرتقبة السنة الجارية، على الرغم من الظرفية الدولية المضطربة.
وأوضحت أن هذه التوقعات تقوم على فرضيات بلوغ محصول الحبوب 75 مليون قنطار في 2023 عوض 32 مليونا في السنة الجارية، وتراجع سعر البوتان إلى 700 دولار للطن مقابل 800 دولار في 2022، وانخفاض سعر البترول إلى 93 دولارا للبرميل، وبالتالي تراجع معدل التضخم إلى 2 في المائة.
وأبرزت أنه يمكن تخفيض هذه التوقعات في حال استمرار تدهور آفاق انتعاش الاقتصاد العالمي سنة 2023 وخفض توقعات النمو، خاصة بالاتحاد الأوروبي بسبب تداعيات الحرب في أوكرانيا وأثرها على أسعار المواد الأولية وسلاسل الإنتاج والتوريد العالمية.
ارتفاع الأسعار
لفت عدد من المراقبين إلى أن التضخم يمس مباشرة جيب المواطن البسيط، لأنه يؤثر على أسعار المواد الأساسية، في ظل الارتفاع غير المسبوق في ثمن المحروقات في المغرب.
وأظهرت بيانات رسمية حديثة، ارتفاع معدل التضخم بالمغرب في أبريل الماضي، إلى 5.9 بالمئة على أساس سنوي، بعد زيادة 3.9 بالمئة في مارس السابق له.
وقالت المندوبية السامية للتخطيط، وهي هيئة رسمية مكلفة بالإحصاء، في بيان سابق، إن أسعار المواد الغذائية كانت المساهم الأكبر في ارتفاع التضخم، مسجلة زيادة 9.1 بالمئة في أبريل على أساس سنوي، وهي نفس الزيادة في مارس. كما زادت أسعار المواد غير الغذائية في أبريل 3.7 بالمئة، بعد زيادة 2.8 بالمئة في مارس.
مطالب بتدخل الحكومة
تعليقا على الموضوع، قال علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، إن “بلادنا تشهد موجة غلاء أسعار غير مسبوقة هي الأسوء في السنوات العشر الأخيرة، خاصة على مستوى المحروقات وعدد من المواد والبضائع والسلع التي تعرف ارتفاعا مهولا في رقمها الاستدلالي، خارج أي مراقبة للأسعار وأثمنة المواد، مما أدى إلى تسجيل معدل تضخم خطير أرهق القدرة الشرائية للطبقة العاملة وللأغلبية الساحقة من المواطنين وأدخل فئات واسعة منهم تحت عتبة الفقر”.
ولفت لطفي، في تصريح صحفي، إلى “ضعف السياسات العمومية والاقتصادية وغياب رؤية استراتيجية لمواجهة الأخطار والكوارث والمتغيرات الاقتصادية الدولية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتأمين الحاجيات الضرورية للمواطنين من أهم المواد والسلع الزراعية والصناعية والدوائية والطاقية”، داعيا إلى مراجعة السياسات المتبعة وتدخل الصناديق السيادية لتمويل الحاجيات كصندوق المقاصة الذي تم إعدامه، ومراجعة القانون المالي الحالي”.
وتابع المتحدث: “إن الأزمة الحالية ليست وليدة تداعيات أزمة كوفيد-19 الصحية أو تطورات الحرب الأوكرانية، بل هي أساسا ناتجة عن ضعف الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد الوطني واستمرار التبعية وضعف الإنتاج الفلاحي والزراعي والهدر والفساد، فضلا عن غياب التثقيف الغذائي لتغيير بعض العادات الاستهلاكية المفرطة المؤدية للهدر”.
ودعا في هذا الصدد إلى “تنويع مصادر الإمدادات الخاصة بالواردات من السلع الأساسية التي يحتاج لها المغرب وتعزيز المخزون الاستراتيجي من المواد الغذائية والدوائية والطاقية وتنفيذ مشروعات هادفة إلى تعزيز الأمن الغذائي”.
يعزى هذا التباطؤ إلى تراجع نتائج القطاع الزراعي، الهام في المغرب، بسبب جفاف استثنائي هذا العام، بالإضافة إلى تداعيات الحرب في أوكرانيا.
وكانت الحكومة تأمل تحقيق نمو بمعدل 3,2% هذا العام، بعد نمو نسبته 7,9% العام الماضي.
وأعلنت الحكومة مضاعفة مخصصات دعم غاز البوتان والدقيق والسكر، لتبلغ حوالى 32 مليار درهم (نحو 3 مليارات دولار).
كذلك، أعلنت صرف دعم بنحو 1,4 مليار درهم (حوالى 140 مليون دولار) منذ أبريل لمهنيي نقل البضائع والمسافرين، استفاد منها أصحاب 180 ألف آلية.
في المقابل تستبعد أي عودة لدعم أسعار الوقود الذي كان معمولاً به لعقود حتى عام 2015، حين تم إلغاؤه بسبب كلفته الباهظة على الميزانية العامة.