الاحتفال بذكرى “ثورة 20 غشت” دون توجيه خطاب ملكي بهذه المناسبة

0
304

نهاية يليوز المنصرم ، أعلن الديوان الملكي، عن إلغاء الخطاب الذي اعتاد الملك المفدى محمد السادس توجيهه بمناسبة ذكرى “ثورة الملك والشعب”، التي يتم الاحتفال بها  20 أغسطس/ آب من كل سنة، تخليداً لانتفاضة الشعب المغربي ضد سلطات الاحتلال الفرنسي عام 1953.

يخلد الشعب المغربي اليوم الأحد 20غشت الجاري، الذكرى الـ 70 لثورة الملك والشعب، التي تشكل مناسبة يستحضر فيها المغاربة في أجواء الحماس الوطني الفياض والتعبئة المستمرة، صفحة مشرقة من تاريخهم التليد، الحافل بقيم التلاحم والنضال في سبيل حرية الوطن واستقلاله ووحدته.

وأوضح إبانه الناطق الرسمي باسم القصر الملكي، عبد الحق المريني، عن استمرار الاحتفال بذكرى “ثورة 20 غشت” دون توجيه خطاب ملكي بهذه المناسبة.

وأضاف أن “هذه الذكرى الخالدة لا يمكن أن تقاس بالخطب ومظاهر الاحتفالات فقط، وإنما هي ذكرى غالية على قلوب جميع المغاربة، ملكاً وشعباً، لأنها تجسد قيم التضحية والوفاء بين ملك آثر المنفى على التفريط في سيادة وحرية وطنه، وبين شعب أبيّ هب للدفاع عن مقدساته، والتضحية بالنفس والنفيس من أجل عودة ملكه الشرعي إلى عرشه”.

وأرجع المريني إلغاء هذا الخطاب إلى كون ذكرى “ثورة الملك والشعب” تأتي بعد أيام من من خطاب العرش وقبل الخطاب الملكي لافتتاح البرلمان.

وجدد التذكير بأن “الملك يحتفظ بقراره بالتوجه إلى شعبه في أي وقت وفي أي مناسبة يرتئيها”.

ودأب المغاربة كل سنة على الاحتفال بذكرى “ثورة الملك والشعب” التي تؤرخ لحدث فاصل في تاريخ البلاد، حينما أجبرت قوات الاحتلال الفرنسي في ليلة عيد الأضحى 20 أغسطس/ آب 1953 الملك محمد الخامس على مغادرة المغرب، ونفيه في مرحلة أولى إلى جزيرة كورسيكا الفرنسية وفي مرحلة ثانية إلى مدغشقر.

وأثار قرار الاستعمار الفرنسي حينها غضب الشعب المغربي، الذي لجأ إلى تصعيد احتجاجاته ومقاومته، فيما اضطرت سلطات الاحتلال أمام سقوط الكثير من القتلى في صفوفها إلى مباشرة مفاوضات مع الملك محمد الخامس، انتهت بعودته من المنفى في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني 1955.

وقد اندلعت هذه الملحمة المباركة، التي خاضها  الشعب المغربي الوفي بقيادة العرش العلوي الأبي، يوم 20 غشت 1953، حينما امتدت أيادي المستعمر الغاشم إلى رمز السيادة الوطنية والوحدة وبطل التحرير والاستقلال والمقاوم الأول جلالة المغفور له محمد الخامس لنفيه وأسرته الملكية الشريفة وإبعاده عن عرشه ووطنه، متوهمة أنها بذلك ستخمد جذوة الكفاح الوطني وتفكك العرى الوثيقة والترابط المتين بين عرش أبي وشعب وفي.

ولم تكن هذه الفعلة النكراء سوى بداية النهاية للوجود الاستعماري وآخر مسمار يدق في نعشه، حيث وقف الشعب المغربي صامدا في وجه هذه المؤامرة الدنيئة، مضحيا بالغالي والنفيس في سبيل عزة وكرامة الوطن، وصون سيادته وهويته وعودة الشرعية والمشروعية بعودة الملك الشرعي مظفرا منتصرا حاملا لواء الحرية والاستقلال.

فما إن عم نبأ نفي رمز الوحدة الوطنية، انتفض الشعب المغربي ووقف وقفة رجل واحد في وجه الاحتلال الأجنبي، رافضا المس بكرامته والنيل من مقدساته، وتشكلت الخلايا الفدائية والتنظيمات السرية وانطلقت العمليات البطولية لضرب غلاة الاستعمار ومصالحه وأهدافه.

وفي هذا السياق، نظمت عمليات للمقاومة أدت إلى استشهاد العديد من الوطنيين الأحرار، من أمثال الشهيد علال بن عبد الله (11 شتنبر 1953) الذي استهدف صنيعة الاستعمار ابن عرفة، والعمليات الشهيرة للشهيد محمد الزرقطوني ورفاقه في خلايا المقاومة بالدار البيضاء، وعمليات مقاومين ومجاهدين بمختلف مدن وقرى المغرب لتتصاعد وتيرة الجهاد بالمظاهرات العارمة والانتفاضات المتوالية وتتكلل بانطلاق جيش التحرير بشمال المملكة في أكتوبر 1955.

وكان من نتائج وتبعات الحملات القمعية والمضايقات والملاحقات التي مارستها سلطة الاحتلال تجاه الوطنيين المناضلين الأبطال أن سقط عشرات الشهداء ومئات الجرحى، إلا أن ذلك لم يثن الشعب المغربي الأبي عن مواصلة كفاحه الوطني لعودة ملكه الشرعي وأسرته الكريمة من المنفى إلى أرض الوطن وإعلان الاستقلال.

وبفضل هذه الثورة المباركة والعارمة، لم يكن من خيار للإدارة الاستعمارية سوى الرضوخ لإرادة العرش والشعب، فتحقق النصر المبين، وعاد الملك المجاهد وأسرته الشريفة في 16 نونبر 1955 من المنفى إلى أرض الوطن، لتعم أفراح العودة وأجواء الاستقلال وتباشير الخير واليمن والبركات سائر ربوع وأرجاء الوطن، وتبدأ معركة الجهاد الأكبر؛ الاقتصادي والاجتماعي لبناء وإعلاء صروح المغرب الحر المستقل وتحقيق وحدته الترابية.

وسيرا على نهج والده المنعم، خاض جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني، معركة استكمال الوحدة الترابية، فتم في عهده استرجاع سيدي إفني سنة 1969، والأقاليم الجنوبية سنة 1975، بفضل المسيرة الخضراء المظفرة، التي تعتبر نهجا حكيما وأسلوبا حضاريا في النضال السلمي لاسترجاع الحق المسلوب. وفي غشت من سنة 1979، تم تعزيز استكمال الوحدة الترابية باسترجاع إقليم وادي الذهب.

وإذا كانت هذه الملحمة قد شكلت بالأمس محطة حاسمة في مسيرة النضال الوطني، الذي خاضه المغاربة عبر عقود وأجيال لصد التحرشات والاعتداءات الاستعمارية، فإن المغرب يشهد اليوم، تحت القيادة النيرة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ثورة هادئة على درب الازدهار الاقتصادي والرقي الاجتماعي وترسيخ قيم الحداثة والديمقراطية وثقافة حقوق الإنسان.