مثال: مونديال 2030: فرصة تاريخية للمغرب بين الإنجازات والتحديات الكبرى

0
98

في سابقة تاريخية، تقف ملاعب المغرب على قدم المساواة مع أعرق المنشآت الرياضية في العالم، بعد حصولها على تقييمات متميزة من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، حيث سجلت جميع الملاعب المغربية المدرجة في ملف كأس العالم 2030 ما لا يقل عن 4 من 5.

هذا التقييم المتميز يضع المغرب في دائرة الضوء، ويجعله في موقع قوة ضمن الملف الثلاثي المشترك مع إسبانيا والبرتغال.

من بين الملاعب التي تلقت أعلى التقييمات، برز ملعب الحسن الثاني في الدار البيضاء، الذي حصل على تقييم 4.3 من 5، وهو نفس التقييم الذي ناله ملعب “سانتياغو بيرنابيو” في مدريد و”كامب نو” في برشلونة، مما يعكس جاهزية البنية الرياضية المغربية لاستضافة المنافسات العالمية.

السياق الدولي والإقليمي: لماذا يهم المغرب؟

الملف المشترك بين المغرب وإسبانيا والبرتغال يمثل فرصة استراتيجية للمملكة لتأكيد مكانتها كحلقة وصل بين إفريقيا وأوروبا، مستفيدة من موقعها الجغرافي الفريد وعمقها السياسي. يعكس هذا التعاون الثلاثي الأهمية المتزايدة للتكتلات الإقليمية في تنظيم الأحداث الكبرى، ويبرز الدور الذي يمكن أن يلعبه المغرب في تحقيق التكامل بين القارتين.

لكن السؤال الأهم يبقى: هل يستطيع المغرب الموازنة بين الاستثمارات الضخمة التي يتطلبها هذا المشروع وبين ضمان استدامة المكاسب الاقتصادية والاجتماعية؟ فالتحديات الاقتصادية والسياسية قد تقف عقبة أمام هذه الطموحات الكبيرة.

المكاسب المتوقعة: استثمار في المستقبل

1. فوائد اقتصادية مباشرة وغير مباشرة:

السياحة: استضافة كأس العالم ستمثل نقطة تحول لقطاع السياحة المغربي، حيث من المتوقع أن تجذب البطولة ملايين المشجعين من مختلف أنحاء العالم. هذا سيعزز بشكل كبير دخل القطاع السياحي، خاصة في المدن التي ستستضيف المباريات.

فرص العمل: من المتوقع أن يوفر الحدث آلاف الفرص الوظيفية، سواء كانت مؤقتة أو دائمة، في قطاعات البناء، والخدمات، والإدارة. هذا الاستثمار في البنية التحتية سيكون محركاً رئيسياً للوظائف الجديدة في مختلف المناطق.

الترويج الدولي: سيضع هذا الحدث المغرب على الخريطة الرياضية العالمية، مما يعزز سمعته كوجهة سياحية واستثمارية بارزة، ويرسخ علاقاته الدبلوماسية مع العديد من الدول.

2. تطوير البنية التحتية:

تشمل الاستثمارات المقترحة تطوير النقل والمواصلات، وتحسين المطارات، وإنشاء ملاعب جديدة بمواصفات عالمية. على الرغم من التحديات في هذا المجال، فإن هذه المشاريع ستسهم في تحسين البنية التحتية للمملكة على المدى الطويل، وهو ما سيعود بالفائدة على جميع القطاعات الاقتصادية.

التحديات التي تواجه المغرب

التحدي الأكبر يكمن في التكلفة المرتفعة لتنظيم كأس العالم. وفقاً للتقديرات، سيستثمر المغرب ما بين 5 إلى 7 مليارات دولار (ما يعادل أكثر من 52 مليار درهم) في البنية التحتية الرياضية والنقل. يشير تقرير صادر عن شركة “سوجيكابتال جيستيون” إلى أن المغرب سيخصص نحو 17 مليار درهم لبناء وتجديد الملاعب، و8 مليارات درهم لتجهيز مراكز التدريب، و17 مليار درهم للبنية التحتية للنقل، بالإضافة إلى 10 مليارات درهم للتكاليف التنظيمية العامة مثل الأمن والتسويق. هذه النفقات الضخمة قد تضع ضغوطاً على الميزانية العامة وعلى المواطنين.

الجاهزية والمؤشرات التنموية:

رغم التفوق الكبير في تقييم الملاعب، يظل المغرب في مراكز متأخرة في بعض المؤشرات التنموية. في مجال جودة البنية التحتية العامة، يحتل المغرب المركز 69 عالمياً، بينما تصدرت إسبانيا والبرتغال المراتب الثانية والثالثة على التوالي. كما أن الجاهزية التقنية في المغرب ما زالت تحتاج إلى تحسين، حيث يحتل المركز 73 في حين أن إسبانيا والبرتغال في مراتب متقدمة.

التمويل والاستدامة:

من بين أكبر الأسئلة المطروحة: كيف سيضمن المغرب تمويل هذه المشاريع الضخمة؟ وهل ستكون التأثيرات السلبية على الاقتصاد والمواطنين محدودة؟ في ظل الأزمة الاقتصادية التي يواجهها العالم، سيكون من الضروري أن يعمل المغرب على إشراك القطاع الخاص والشركاء الدوليين في تمويل هذه المشاريع.

  • هل ستنجح الحكومة المغربية في تحقيق التوازن بين التكلفة والعائد الاقتصادي؟

  • كيف يمكن ضمان استدامة المنشآت الرياضية بعد انتهاء البطولة؟

  • ما هي خطط الحكومة لإشراك القطاع الخاص أو الشركاء الدوليين في تمويل هذه المشاريع؟

مونديال 2030 يمثل فرصة استثنائية للمغرب لتعزيز مكانته دولياً، لكن النجاح يعتمد على التخطيط السليم وإدارة الموارد بشكل ذكي. التحدي الأكبر يكمن في الموازنة بين الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية وضمان عدم تأثير ذلك سلباً على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الحالية. فهل سيكون المغرب قادراً على تحويل هذا التحدي إلى قصة نجاح تلهم الأجيال القادمة؟