“وزير الفلاحة: الطلب يرفع أسعار اللحوم والفقراء يزدادون.. من يأكل اللحم في المغرب اليوم؟”

0
75

في تصريحات أثارت العديد من التساؤلات داخل قبة البرلمان المغربي، أقر وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، بارتفاع أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء في الأسواق المغربية.

وأرجع الوزير هذا الارتفاع إلى “زيادة الطلب”، بينما أكد أن أسعار الخضروات الأساسية “مستقرة”، مشيرًا إلى جهود الحكومة لدعم الإنتاج المحلي واستيراد المواشي.

لكن هذه التصريحات تفتح باب التساؤل على مصراعيه: كيف يمكن الحديث عن ارتفاع الطلب في ظل التقارير التي تشير إلى تدهور القدرة الشرائية للطبقات المتوسطة وازدياد نسبة الفقر؟ وهل أصبحت اللحوم، التي تعد أحد الأساسيات الغذائية، رفاهية لا تطالها سوى مناسبات الأعياد؟

اللحوم بين العرض والطلب.. وتحديات الاستيراد

أوضح الوزير أن الحكومة تعمل على معالجة الأزمة من خلال استيراد اللحوم والمواشي من دول مجاورة وأوروبية، رغم وجود تحديات أبرزها شروط النقل وتكاليف الاستيراد. وقد استورد المغرب، حسب تصريحاته، 167 ألف رأس من الأبقار، و906 آلاف رأس من الأغنام، بالإضافة إلى 1724 طنًا من اللحوم.

لكن هل تغطي هذه الأرقام احتياجات السوق المغربي؟ وما مدى تأثير هذه الخطوات على استقرار الأسعار؟ خاصة أن الوزير أشار إلى ضعف الإنتاج المحلي للمواد الأولية في قطاع اللحوم البيضاء واعتماد السوق على الاستيراد، مما يجعل الأسعار تحت رحمة التقلبات الخارجية.

الخضر “مستقرة” والأسعار تثير الجدل

فيما يتعلق بأسعار الخضروات، أكد البواري أنها شهدت استقرارًا أو حتى انخفاضًا طفيفًا، مستشهدًا بتراجع أسعار الطماطم والبطاطس والبصل. ومع ذلك، تناقض هذه التصريحات التقارير الرسمية، مثل مذكرة المندوبية السامية للتخطيط، التي تشير إلى ارتفاع كبير في تكلفة المعيشة وزيادة نسبة الفقر، إذ ارتفع عدد الفقراء في الوسط الحضري من 109 آلاف شخص في 2019 إلى 512 ألف شخص في 2022، وفي الوسط القروي من 513 ألف شخص إلى 906 آلاف خلال نفس الفترة.

كيف يمكن تفسير هذا التناقض بين الأرقام الرسمية والتصريحات الوزارية؟ وهل يعكس ذلك ضعفًا في قراءة الواقع المعيشي الذي يعاني منه المواطنون؟

الطبقة المتوسطة.. “مهددة بالانقراض”؟

حديث الوزير عن ارتفاع الطلب على اللحوم يثير علامات استفهام حول الطبقة المتوسطة في المغرب، التي باتت تشكو من تآكل قدرتها الشرائية. ومع ارتفاع الأسعار، أصبح تناول اللحوم حلمًا بعيد المنال لدى العديد من الأسر المغربية، حيث لا تُستهلك اللحوم سوى في عيد الأضحى أو المناسبات الخاصة.

هل أصبحت الطبقة المتوسطة على وشك الانقراض؟ وإذا كانت الطبقة الفقيرة بالكاد تستطيع توفير احتياجاتها الأساسية، فما هو مستقبل الأمن الغذائي في المغرب؟

احتكار وتحديات الإنتاج المحلي

تحدث الوزير عن وجود احتكار محتمل في قطاع الدواجن من قبل شركتين دون تسميتهما، مما يثير تساؤلات حول شفافية السوق وقدرة الحكومة على فرض رقابة فعالة. وفي ظل اعتماد الإنتاج على المواد الأولية المستوردة، هل يمكن للمغرب تحقيق اكتفاء ذاتي؟ أم أن الخطط الحكومية ستبقى مجرد وعود مؤجلة؟

ختامًا.. تصريحات أم حقائق؟

تصريحات وزير الفلاحة تفتح الباب لنقاش واسع حول السياسات الحكومية المتعلقة بالأمن الغذائي، وواقع السوق المغربي، ومستقبل الطبقات الاجتماعية.

هل تعكس هذه التصريحات الواقع أم تسعى إلى تخفيف الضغوط؟ وهل يمكن للمواطن المغربي أن يرى تحسنًا حقيقيًا في قدرته الشرائية أم أن الأمور ستزداد سوءًا؟

الأسئلة كثيرة والإجابات تحتاج إلى وضوح وشفافية من صناع القرار، لأن واقع المواطن المغربي اليوم يفرض أولويات لا يمكن تجاهلها.