ريم شباط تهاجم قانون الإضراب: هل الحكومة تُكمّم أفواه العمال أم تُنظم الحقوق؟

0
141

في جلسة برلمانية حامية الوطيس، أطلقت النائبة ريم شباط سهام انتقاداتها الحادة تجاه مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب. وصفته بـ”التكبيلي والتقييدي”، معتبرة أنه يضرب في صميم الحقوق الدستورية للطبقة العاملة، ويمثل خطوة جديدة نحو تقييد الحريات النقابية. لكن، هل هذه الانتقادات مبررة أم أنها مجرد رد فعل سياسي معتاد؟ وهل الحكومة تسعى فعلاً إلى تنظيم الإضرابات أم إلى تقييدها؟

السياق العام: قانون الإضراب بين التنظيم والتقييد

مشروع قانون الإضراب أثار جدلاً واسعًا منذ طرحه، حيث ترى الحكومة أنه إصلاح ضروري لتنظيم العمل النقابي والإضرابات، بينما تعتبره المعارضة والهيئات العمالية تضييقًا على حق دستوري مكفول في الفصل 29 من الدستور المغربي. وفي خضم هذا الجدل، جاءت مداخلة النائبة ريم شباط لتضيف زخماً جديداً للنقاش، حيث هاجمت الحكومة بشدة، متهمة إياها بالانحياز لصالح “الباطرونا” على حساب العمال.

انتقادات شباط: بين الحقوق الاجتماعية وسرعة تمرير القانون

في مداخلتها النارية، وجهت شباط سهام انتقاداتها إلى الحكومة، متسائلة عن “الحماس والسرعة” اللذين أظهرتهما في تمرير قانون الإضراب، مقارنة بتقاعسها في مواجهة أزمات اجتماعية مثل غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين. وقالت: “الطبقة المتوسطة لم تعد قادرة على مجاراة تكاليف المعيشة، فحتى الأطباء والمهندسون وأساتذة الجامعات يعانون، أما الطبقة الفقيرة، فليس لها سوى الله.”

هذه الانتقادات تطرح تساؤلات حول أولويات الحكومة: هل تسعى حقاً لتنظيم الإضرابات أم أنها تستخدم القانون كأداة للسيطرة على الحراك العمالي؟ وهل يمكن أن يكون هذا القانون جزءاً من سياسة أوسع لتقييد الحريات العامة، كما أشارت شباط؟

هل الحكومة تُكمّم الأفواه؟

اتهمت شباط الحكومة بمحاولة “تكميم أفواه الطبقة العاملة”، معتبرة أن مشروع القانون يمثل استمراراً لسياسة التضييق على الحريات. وقالت: “بعدما قمتم بمصادرة ومتابعة الصحفيين النزهاء، تريدون الآن فرض الرقابة على نواب الأمة أيضًا!”

هذه التهمة تفتح الباب أمام نقاش أوسع حول مدى التزام الحكومة بالدستور وبحقوق المواطنين. فهل يعكس هذا القانون توجهًا حكوميًا لتقييد الحريات، أم أنه مجرد محاولة لتنظيم الإضرابات بما يضمن استقرار البلاد؟

الاحتكام إلى المحكمة الدستورية: الحل الأخير؟

في ختام مداخلتها، أكدت شباط أن الاحتكام إلى المحكمة الدستورية هو السبيل الوحيد لوقف هذا القانون، معربة عن ثقتها في حكماء المحكمة وخبرائها. وقالت: “اليوم، ليس أمامنا سوى خيار واحد، وهو الاحتكام إلى المحكمة الدستورية.”

هذا التوجه يطرح تساؤلات حول مستقبل القانون: هل ستتدخل المحكمة الدستورية لإيقافه؟ وما هي الآليات القانونية المتاحة أمام المعارضة والنقابات لمواجهة هذا المشروع؟

السياق الأوسع: التوتر بين الحكومة والنقابات

لا يقتصر الجدل على البرلمان، بل يمتد إلى الشارع، حيث تعتبر النقابات العمالية أن هذا القانون يمثل انتهاكاً لحقوقها. ومن المتوقع أن يشهد المشروع مزيدًا من النقاشات القانونية والدستورية، خصوصًا مع التلويح بعرضه على المحكمة الدستورية، مما قد يزيد من التوتر بين الحكومة والفاعلين النقابيين والحقوقيين في الأسابيع المقبلة.

خاتمة: بين الحقوق والحريات

مداخلة النائبة ريم شباط لم تكن مجرد انتقاد لقانون الإضراب، بل كانت صرخة ضد ما اعتبرته سياسة حكومية تقيد الحريات وتضرب في صميم الحقوق الاجتماعية. لكن، هل يمكن أن يكون هذا القانون خطوة نحو تنظيم العمل النقابي بشكل أفضل، أم أنه مجرد أداة لتقييد الحريات؟

في النهاية، يبقى السؤال الأكبر: هل الحكومة تسعى فعلاً لتنظيم الإضرابات أم أنها تريد السيطرة على الحراك العمالي؟ الإجابة قد تكمن في كيفية تعامل المحكمة الدستورية مع هذا المشروع، وفي ردود فعل الشارع المغربي الذي يبدو أنه لم يعد يتحمل المزيد من التضييق.

كما قالت شباط مستشهدة بأبي القاسم الشابي:
“إذا الشعبُ يومًا أراد الحياةَ ** فلابد أن يستجيبَ القدرُ
ولابد لليل أن ينجليَ ** ولابد للقيد أن ينكسرَ”

فهل ينكسر القيد قريباً؟ أم أن الحكومة ستتمكن من تمرير قانونها وسط عاصفة الانتقادات؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة.