“فؤاد عبد المومني: بين حرية التعبير ومساءلة القانون… 6 أشهر نافذة في قضية التبليغ عن جريمة وهمية”

0
109

في خطوة قضائية مثيرة، أصدرت المحكمة الابتدائية الزجرية بعين السبع بالدار البيضاء حكمًا بحبس الحقوقي المغربي فؤاد عبد المومني لمدة 6 أشهر نافذة، على خلفية تهم تتعلق بإهانة هيئة منظمة والتبليغ عن جريمة وهمية يعلم بعدم حدوثها.

القرار الذي جاء إثر تصريحات له في أكتوبر الماضي بخصوص برنامج “بيغاسوس”، أثار تساؤلات عدة حول حدود حرية التعبير في المغرب، وتأثير هذه القضية على سمعة الدولة في الساحة الدولية.

فما هي أبعاد هذه القضية؟ وهل تمثل رسالة حاسمة بشأن التصريحات التي تثير الجدل؟

السياق القانوني: التهم والخلفية القانونية

تتمحور القضية حول تصريحات عبد المومني التي ادعى فيها تورط السلطات المغربية في قضايا “التجسس” عبر برنامج “بيغاسوس”، بالإضافة إلى اتهام الدولة الغربية بالاتجار في البشر وتنظيم الهجرة غير الشرعية.

هذه التصريحات، التي اعتُبرت مسيئة للمؤسسات المغربية، أسفرت عن توجيه تهم عديدة للحقوقي المغربي، أبرزها “التبليغ عن جريمة وهمية” و”إهانة هيئة منظمة”.

السؤال المطروح هنا: هل يعتبر هذا الحكم مسارًا قانونيًا نزيهًا أم أنه استهداف سياسي لشخص يعبّر عن رأيه؟ في المغرب، يظل التصادم بين حرية التعبير وحرية الصحافة من جهة، وحماية مصالح الدولة من جهة أخرى، نقطة جدل مستمرة.

القرار القضائي: حكم بالحبس والغرامة

الحكم الذي صدر ضد عبد المومني يقضي بحبسه 6 أشهر نافذة مع غرامة مالية قدرها 2000 درهم، ويعكس الصرامة في مواجهة ما اعتُبر توزيعًا لادعاءات غير صحيحة تمس سمعة الدولة. لكن، هل هذه العقوبة متناسبة مع حجم الفعل المرتكب؟ هل تتلاءم هذه الإجراءات مع معايير العدالة الدولية المتعلقة بحرية التعبير؟

يطرح البعض تساؤلًا حول كيفية تعامل السلطات المغربية مع هذا النوع من القضايا، خاصة في ظل تزايد الاهتمام الدولي بقضية “بيغاسوس” واستخدام برامج المراقبة. وتثير هذه القضية تساؤلات حول دور السلطة القضائية في ضمان التوازن بين حماية الأمن الوطني من جهة وحماية حقوق الأفراد من جهة أخرى.

الادعاءات الزائفة: مغزى التصريحات وأثرها

في البلاغ الذي أصدرته النيابة العامة، تم التأكيد على أن عبد المومني نشر “أخبارًا زائفة” تتعلق باتهامات لم يتم إثباتها، من قبيل “التورط في الاتجار بالبشر” و”التجسس”.

وتُعتبر هذه التصريحات، وفقًا للنيابة العامة، بمثابة تجاوز لحرية التعبير، حيث تجاوزت حدود الانتقاد لتتضمن اتهامات تشكك في استقرار الدولة وسمعة مؤسساتها.

السؤال الذي يطرح نفسه: هل يشكل هذا الحكم سابقة قانونية تُرسي معايير جديدة بخصوص التعامل مع “الأخبار الزائفة”، أم أنه مجرد رد فعل على حالة فردية يمكن أن تُفتح من خلالها نوافذ جديدة للمساءلة القانونية؟

التحديات المرتبطة بحرية التعبير في المغرب

من خلال هذه القضية، يتضح أن هناك صراعًا بين حرية التعبير والحدود التي يفرضها القانون في المغرب. في حين يُنظر إلى حق التعبير على أنه من الحقوق الأساسية التي يكفلها الدستور، يظل هناك قلق من احتمال استخدامها في نشر أخبار قد تضر بمصالح البلاد.

هل يعد هذا الحكم بمثابة تأكيد على حرية التعبير في ظل ضوابط معينة، أم هو خطوة لتقييد هذا الحق تحت مبرر حماية الأمن الوطني؟

مستقبل الحقوق والحريات: بين الدفاع عن الدولة وحماية الفرد

من جهة أخرى، تشهد هذه القضية تسليطًا على التحديات التي يواجهها الحقوقيون في المغرب. فبينما يطالبون بالحفاظ على حقوق الإنسان وحريات الأفراد، يظل هناك تشدد في مواجهة ما قد يُعتبر تهديدًا للمصالح الوطنية.

هل يمكننا أن نعتبر هذه القضية نقطة تحول في تاريخ الحريات العامة في المغرب؟ وهل سيتأثر المناخ السياسي في البلاد بعد هذا الحكم؟

الخلاصة: التوازن بين حرية التعبير وأمن الدولة

إن قضية فؤاد عبد المومني تُعد مثالًا حيًا على التحديات المعقدة التي تواجهها الدول التي تسعى لتحقيق توازن بين حماية حرية التعبير وضمان أمن الدولة ومؤسساتها. بينما يرى البعض في هذه القضية تحجيمًا للحريات العامة، يراها آخرون خطوة ضرورية لحماية النظام العام ومنع الفوضى الإعلامية.

هل سيتغير المشهد القانوني والإعلامي في المغرب بعد هذه القضية؟ وهل ستفتح الباب أمام مزيد من التقييد على حرية الصحافة؟

هذه الأسئلة ستظل قائمة، حيث يبدو أن قضية عبد المومني تمثل نقطة فارقة في العلاقة بين المواطن والدولة، وبين الإعلام والسلطات القانونية في المغرب.