“القاسم الانتخابي” الجديد يفقد “حزب العدالة والتنمية”رئاسة الحكومة المقبلة حتى لو فاز بالانتخابات الخريف المقبل

0
289

 على خلاف كل التوقعات التي كانت تثار في الآونة الأخيرة، إن الرهان الأساسي للقانون الجديد يكمن في رئاسة الحكومة وتشكيل أغلبية. وبما أن حزب العدالة والتنمية هو الأوفر حظا للفوز في الانتخابات، فإنه الخاسر الأكبر!؟. باعتماد ” القاسم الانتخابي الجديد” الذي يستهدف إزاحة حزب “العدالة والتنمية” من رئاسة الحكومة المقبلة حتى لو فاز في الانتخابات الخريف المقبل ، بسبب فقدانه ما بين 30 إلى 40 مقعدا، وحتى لو حافظ على عدد الأصوات ذاته الذي منحه 125 مقعدا نيابيا من أصل 395 في انتخابات الماضية.

الرباط – يواجه حزب العدالة والتنمية الذي يقود حكومة ائتلافية في المغرب منذ عشر سنوات، عزلة سياسية بعد تفرده برفض قانون انتخابي مثير للجدل يعتقد مراقبون أنه يستهدف إزاحته من رئاسة الحكومة، ولو فاز بالانتخابات المرتقبة الخريف المقبل.

وينص القانون الذي تبنته سبعة أحزاب، أربعة منها تشارك في الحكومة، على احتساب نتائج الانتخابات وتوزيع المقاعد استنادا إلى عدد كل المسجلين في اللوائح الانتخابية ، حتى لو لم يدلوا بأصواتهم. في حين لم تكن تحتسب سوى أصوات الناخبين الذين يشاركون في عملية الاقتراع، منذ بدء تنظيم الانتخابات في المغرب قبل ستة عقود.  

ورغم أن كل الأحزاب الكبرى في البرلمان ستتضرر عمليا باعتماد هذا “القاسم الانتخابي” الجديد، إلا أن الحزب الإسلامي انفرد بمعارضته لذلك. وقد اعتبر أمينه العام ورئيس الحكومة سعدالدين العثماني خلال اجتماع استثنائي لمجلسه الوطني مؤخرا أن “لا تفسير له سوى استهداف حظوظه الانتخابية”.

ولم يكتف العثماني بذلك، بل دان ما وصفه “تراجعا ديمقراطيا يضعف المؤسسات المنتخبة ويُبلقنها بشكل غير مسبوق في تاريخ المغرب”.

وتشير تقديرات مختلفة إلى أن العدالة والتنمية، الذي يواجه مشاكل عدة هي الأبرز منذ سنوات، وخاصة إثر تجميد عضوية رئيس الحكومة السابق عبدالإله بنكيران، مهدّد بفقدان ما بين 30 إلى 40 مقعدا باعتماد القاسم الجديد، ولو حافظ على عدد الأصوات ذاته الذي منحه 125 مقعدا نيابيا من أصل 395 في انتخابات الماضية.

ومن شأن ذلك تعقيد مهمة الحزب في تشكيل حكومة للمرة الثالثة، وهو ما يعيد إلى الأذهان المشكلة العويصة، التي تعرض لها بنكيران بعد انتخابات 2016 حيث عجز عن تشكيل حكومة ولتدخل الأزمة منعطفا آخر عقب صدور بيان عن الديوان الملكي يعفيه من مهمة تشكيلها.

ويرى المحلل السياسي مصطفى السحيمي أن الرهان الأساسي للقانون الجديد يكمن في رئاسة الحكومة وتشكيل أغلبية. وبما أن حزب العدالة والتنمية هو الأوفر حظا للفوز في الانتخابات، فإنه الخاسر الأكبر.

وواجه الحزب قبل خمس سنوات صعوبات كبيرة في تشكيل أغلبية حكومية. وأعفي زعيمه السابق بنكيران الذي قاد الحزب إلى هذا الفوز الثاني، من رئاسة الحكومة بسبب خلاف دام أشهرا مع تكتل قاده رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش الذي يُعرف بأنه مقرب من القصر.

وعلى إثر ذلك، كلّف الملك محمد السادس الرجل الثاني في الحزب سعدالدين العثماني بتشكيل حكومة، فوافق على شروط التكتل التي رفضها سلفه، وشكّل الحكومة الحالية. وتأتي هذه التطورات قبل أشهر من الانتخابات النيابية المغربية.

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط أحمد بوز أن الهدف الأساسي لاعتماد القاسم الانتخابي الجديد، يكمن في الحيلولة دون استمرار العدالة والتنمية على رأس الحكومة. وقال “المشكلة أن هذا الأمر يناقض كل النظريات التي ندرّسها للطلاب، وغير موجود في أي دولة في العالم ديمقراطية أو دكتاتورية”.

ووصل حزب العدالة والتنمية إلى رئاسة الحكومة بعد سنوات في المعارضة، بعد تظاهرات حركة 20 فبراير العام 2011، النسخة المغربية لـ”الربيع العربي”، التي دفعت إلى إجراء إصلاحات دستورية، ولكن رغم تبني دستور جديد يمنح سلطات واسعة للحكومة، احتفظ الملك بدور مركزي.

وعرف بنكيران سابقا بحضور إعلامي لافت أثناء رئاسته الحكومة، مدينا باستمرار ما كان يسميه “التحكّم”، في إشارة إلى “الدولة العميقة”، وبتمسكّه بـ”دور حزبه في تهدئة الشارع”. ولكن السحيمي يؤكد أن حزب العدالة والتنمية بات معزولا وفقد عمليا أغلبيته السياسية، ولذلك فهو يراهن على المحكمة الدستورية لإسقاط القانون المثير للجدل.

في المقابل، تؤكد الأحزاب المؤيدة للقانون الانتخابي الجديد على أهميته. فخلال التصويت عليه منتصف مارس الجاري إثر جلسة صاخبة لمجلس النواب قال النائب عن حزب الأصالة والمعاصرة (معارضة) محمد حجيرة إن “الديمقراطية هي إعطاء الكلمة للأحزاب والأقليات الصغرى”.

وبرزت أخيرا خلافات داخلية تجلت خصوصا في إعلان عبد الإله ابن كيران، وهو أحد مؤسسي الحزب، قبل أسبوعين تجميد عضويته احتجاجا على تبني الحكومة مشروع قانون لتقنين زراعة القنب الهندي لاستعمالات طبية وصناعية، رأى فيه “مجرد شرعنة للمخدرات”. 

قبل ذلك بأسابيع، اهتز الحزب على وقع خلاف آخر حول استئناف المغرب علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل. واستقال رئيس مجلسه الوطني إدريس الأزمي احتجاجا على “قبول وتبرير كل شيء”، قبل أن يتراجع عن الاستقالة.

ويوضح السحيمي أن الخلافات هي بين “خط حكومي لا يرى مانعا في تقديم تنازلات وخط أكثر تشبثا بمبادئ الحزب” الذي حرص، رغم ذلك، خلال اجتماع مجلسه الوطني الأخير على المجاهرة بوحدته، مراهنا على الفوز في الانتخابات المقبلة.

ومع ذلك، تعاني كل الأحزاب السياسية المغربية بشكل عام من صعوبات في تعبئة الناخبين، فقد أظهر استطلاعان للرأي مؤخرا أن 60 في المئة من المستجوبين “لا يثقون فيها”، بينما لا ينوي 64 في المئة منهم التوجه إلى صناديق الاقتراع.

المصدر: أ ف ب