محاربة الفساد أم تحصينه؟ لماذا تُتهم إصلاحات وهبي بحماية النافذين؟

0
121

في مشهد سياسي وقانوني يثير الكثير من الجدل، يقف وزير العدل عبد اللطيف وهبي في قلب عاصفة من الانتقادات، تقودها أصوات حقوقية وقانونية ترى في توجهاته تهديدًا لمبادئ دولة الحق والقانون.

فهل نحن أمام إصلاحات جوهرية تستهدف تحديث المنظومة القانونية؟ أم أن الأمر يتعلق بإعادة تشكيل القوانين بما يخدم فئات معينة على حساب مبدأ المساواة أمام القانون؟

قواعد القانون.. إعادة تعريف أم التفاف على المبادئ؟

محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، لم يتردد في توجيه انتقادات لاذعة لوهبي، معتبرًا أن وزير العدل يسير على نهج “تقنين الامتياز” وتكريس التمييز بين المواطنين. فوفقًا له، فإن المبادئ التي قامت عليها دولة القانون، مثل عمومية القاعدة القانونية ومساواة الجميع أمام القانون، باتت مهددة بفعل توجهات الوزير.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل هذه المواقف نابعة من معارضة للإصلاحات، أم أن هناك بالفعل مخاوف من إعادة هندسة المنظومة القانونية لصالح فئات بعينها؟

التشريع بين البرلمان وقسم الوزير

يشير الغلوسي إلى أن وهبي لا يكتفي بالدفاع عن خياراته، بل يبدو وكأنه يعيد تعريف من يملك سلطة التشريع، حيث يلمح إلى أن “قسم الوزير بالله” كافٍ لتمرير القوانين، متجاوزًا بذلك اختصاص البرلمان.

هذه الإشارة الساخرة تفتح باب النقاش حول طبيعة العلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية، ومدى قدرة البرلمان على ممارسة دوره في الرقابة والتشريع دون تدخل مباشر من الحكومة.

الإصلاح أم حماية الامتيازات؟

يتساءل الغلوسي بمرارة عما إذا كانت القوانين الجديدة ستساهم فعلًا في مكافحة الفساد والإثراء غير المشروع، أم أنها ستُصاغ بطريقة تحمي “حفنة من المستفيدين من مواقع المسؤولية”.

وهذا يفتح نقاشًا أعمق حول جدوى الإصلاحات القانونية في ظل غياب محاسبة حقيقية للمتورطين في قضايا الفساد، حيث تُتهم بعض التشريعات بأنها تُصاغ لخدمة المصالح الضيقة للفئات النافذة، بدلًا من تحقيق العدالة للجميع.

هل القانون لا يحمي المغفلين؟

يختتم الغلوسي انتقاده بعبارة لاذعة: “القانون لا يحمي المغفلين، لكنه يحمي لصوص المال العام من المساءلة والمحاسبة”، في إشارة إلى أن النظام القانوني، كما يُعاد تشكيله، قد يكون أكثر ميلًا إلى حماية أصحاب النفوذ بدلًا من تحقيق العدالة.

لكن يبقى السؤال: هل هذه القراءة مبالغ فيها أم أن هناك بالفعل اتجاهًا لجعل القانون أداة لحماية مراكز القوة بدلًا من مساءلتها؟

إصلاح أم تراجع؟

يبقى الجدل قائمًا حول سياسات وزير العدل، بين من يراها محاولة لتحديث المنظومة القانونية، ومن يعتبرها انتكاسة تعيد إنتاج نفس أنماط الامتياز والتمييز.

في النهاية، ستظل معركة القانون والعدالة في المغرب مفتوحة، فإما أن يكون الإصلاح حقيقيًا وملموسًا، أو أن يصبح مجرد شعار يُستخدم لتبرير إعادة ترتيب المشهد القانوني لخدمة قلة على حساب الأغلبية.