ملتمس إسقاط حكومة أخنوش: مناورة سياسية أم زلزال دستوري في نهاية الولاية؟

0
131

بووانو يلوّح بـ”الخط الأحمر”: المعارضة لا تعبث هذه المرة!

في تصريح مباشر وحازم، أعلن عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية لحزب العدالة والتنمية، أن المعارضة لا تسعى إلى تسجيل موقف رمزي بملتمس الرقابة المقرر تقديمه في البرلمان، بل إن الهدف الحقيقي هو إسقاط حكومة عزيز أخنوش. كلام واضح، يعاكس ما ذهب إليه عدد من المحللين السياسيين الذين اعتبروا أن الخطوة لا تعدو أن تكون “تمريناً ديمقراطياً” محدود الأثر، في ظل المعادلة العددية الصعبة في مجلس النواب.

لكن هل هذه الخطوة الثابتة تُخفي مناورات سياسية؟ أم أن المشهد السياسي المغربي مقبل بالفعل على تصعيد غير مسبوق قد يفضي إلى إرباك الساحة في سنة انتخابية حاسمة؟

سنة واحدة على نهاية الولاية: ما الذي تغيّر الآن؟

رغم اقتراب العد التنازلي لنهاية ولاية حكومة أخنوش، إلا أن توقيت هذا الملتمس يثير تساؤلات مشروعة:

  • لماذا الآن؟

  • هل المعارضة تراهن على تحرك شعبي موازٍ قد يمنح المبادرة زخماً؟

  • أم أن الهدف الحقيقي هو وضع الحكومة في موقف دفاعي عشية الاستحقاقات المقبلة؟

تصريحات بووانو لا تترك مجالاً للغموض: الأمر ليس تسجيل موقف، بل محاولة جدية لـتعديل موازين القوى من داخل المؤسسة التشريعية. لكن كيف يمكن قراءة هذه التصريحات في ظل أغلبية حكومية لا تزال، رقمياً، متماسكة؟

بين فصول الدستور وأعطاب الواقع: هل ما زال ملتمس الرقابة فعالاً؟

ينص الفصل 105 من الدستور المغربي على إمكانية تقديم ملتمس الرقابة من طرف خُمس أعضاء مجلس النواب، ويُشترط لإسقاط الحكومة أن يُصادق عليه نصف أعضاء المجلس على الأقل. ورغم توفر المعارضة على النصاب التقديري للتقديم، إلا أن الوصول إلى الأغلبية لإسقاط الحكومة يبدو شبه مستحيل في الحسابات الرياضية.

لكن هل يجب قراءة المبادرة بميزان الأرقام فقط؟ أم أن قوتها الرمزية والسياسية تتجاوز الحساب العددي، خاصة إذا ما اقترنت بسياق اجتماعي متوتر، واحتجاجات متفرقة، وتراجع الثقة في المؤسسات المنتخبة؟

حكومة تحت نار الاتهامات: تضارب المصالح والتهرب من الرقابة

البلاغ الصادر عن الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية لم يخفِ دوافعه: فشل الحكومة في تنفيذ برنامجها، وتهربها من الرقابة البرلمانية، وتعطيل قوانين مكافحة الفساد، أبرزها مشروع قانون الإثراء غير المشروع، الذي أُقبر في أدراج البرلمان.

وفي خلفية المشهد، قضية الدعم العمومي لقيادي مقرب من رئيس الحكومة، التي فجّرتها زكية الدريوش، كاتبة الدولة في الصيد البحري، تضع الحكومة مجددًا في مواجهة تهمة تضارب المصالح، وهي التهمة التي لم تغادر الأجواء السياسية طيلة عمر هذه الحكومة.

فهل نحن أمام بداية لتآكل مشروع “التكنوقراط المنتخبين”؟ وهل استطاع أخنوش فعلاً الفصل بين سلطة المال وسلطة القرار السياسي؟

هل تستعيد المعارضة دورها الحقيقي؟

لأول مرة منذ سنوات، تُظهر المعارضة نوعًا من الوحدة السياسية حول قضية مركزية. فبعد فترة اتُّهمت فيها بالضعف والانقسام، ها هي تعود بملتمس رقابة، وبخطاب أكثر جرأة، وبإحراج واضح للحكومة.

لكن هل يكفي هذا التحرك لاستعادة ثقة الشارع؟
وهل المعارضة قادرة على الذهاب إلى أبعد من البيانات، لتقديم بدائل سياسية واقتصادية حقيقية؟

خلاصة: هل نحن أمام لحظة تحول أم ضجيج مؤقت؟

ما يحدث اليوم داخل البرلمان قد لا يُسقط حكومة، لكنه قد يُسقط وهم التماسك الحكومي. ملتمس الرقابة قد لا ينجح رقمياً، لكنه ينجح في إعادة النقاش السياسي إلى قلب المؤسسات، ويفرض على الحكومة الكشف عن مآلات برنامجها، وعلاقتها بالمحاسبة.

إنها لحظة فارقة، تُعيد تعريف علاقة المواطن بالسياسة، وتطرح سؤالًا كبيرًا على الجميع:
من يحكم فعليًا؟ وما حدود السلطة في ظل تضارب المصالح وتراجع الشفافية؟