الحركة الشعبية تُوجه طلب عقد لجنة الطاقة والمعادن بالبرلمان بعد عمليات و ممارسات تجارية “صفقة الديزل الروسي” يجرمها القانون

0
190

حذّر العلامة ” ابن خلدون” في مقدمته من الجمع بين الحكم والتجارة، مبينا أن صاحب الجاه (السلطة) يستفيد بنفوذه في صنع ثروته وهو ما يشكل تهديدا مزدوجا للمال والسلطة وينذر بخراب العمران.

منذ بداية أزمة ارتفاع الأسعار و التي بدأت منذ لحظة ميلاد حكومة أخنوش و تحديدا منذ شهر أبريل 2022 تصاعدت حدة الجدل حول تضارب المصالح وزواج المال والسلطة بالنسبة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش، بل و تجاوز الاهتمام بالموضوع حدود المغرب، و أصبح هذا الموضوع مادة دسمة للصحافة الوطنية والدولية، فقد لخصت مجلة “تيل كيل” الإشكالية بسهولة وعمق حين نشرت على غلافها للعدد رقم 993 صورة لعزيز أخنوش بوجهين وجه رئيس حكومة مستسلم لا يحرك ساكنا ولا يبالي أمام ارتفاع أسعار المحروقات ووجه رجل أعمال سعيد وضاحك يساعده الوضع في مراكمة الأرباح والأموال.

وجه النائب إدريس السنتيسي عن الحركة الشعبية مراسة إلى رئيس لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة، من أجل عقد اجتماع اللجنة حول قضية الغاز الروسي.

وطالب السنتيسي بعقد هذا الاجتماع بحضور وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة من أجل تقديم توضيحات حول موضوع: “استيراد الغاز الروسي وماشابه من ملابسات”، وذلك في ظل ما أصبح يعرف بقضية الغاز الروسي، وأمام التساؤلات الكثيرة حول هذه القضية من قبل الرأي العام الوطني.

وأكد رئيس الفريق الحركي أن الحكومة لم تقدم توضيحات وافية وشافية حول هذا الموضوع، والخروج بموقف واضح لإزالة اللبس بكل شفافية.

فقد تداولت الصحافة الإسبانية ومنها “الباييس” والدولية مثل “فاينانشال تايمز” منذ يناير الماضي قصاصات إخبارية تشرح كيف تبيع الشركات الروسية البترول وخاصة الغازوال في السوق الدولية للكثير من الدول ومنها الأوروبية  بطرق ملتوية لتجنب الحظر المفروض على الشركات الروسية ..و تفيد هذه القصاصات أن السفن الروسية ترسو  قبالة المياه الدولية لمضيق جبل طارق والمتاخمة للمياه الإقليمية لمدينة سبتة المحتلة وكذلك صخرة جبل طارق، مستغلة الوضع القانوني الاقتصادي للمدينتين بأنهما أسواق حرة. وتقوم ببيع حمولتها لشركات أجنبية. وتعتمد الشركات الروسية على شركات مقيمة في سبتة من أجل الدعم اللوجيستي لتفويت حمولة الغازوال. ولجأت الشركات الروسية إلى هذه الحيلة التي لا تخرق القانون بشكل واضح ولكنها تبقى مناورة على هامش القانون منذ الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

وتبيع الشركات الروسية الغازوال بـ70% أقل من السوق الدولية للطن، وكانت المفاجأة أن بعض الزبائن هي شركات مغربية قامت بشراء الغازوال ولكن عبر شركات مسجلة في مناطق حرة، ونقله إلى ميناء طنجة المتوسطي في المغرب على بعد أقل من عشرين كلم من رسو السفن الروسية والإيحاء أو التمويه بأن الغازوال جرى استيراده من مناطق بعيدة بآلاف الكيلومترات.

و قد تقدم الفريق الاشتراكي المعارض في البرلمان المغربي بسؤال مؤخرا إلى الحكومة يطالب بفتح تحقيق بشأن هذه التلاعبات، وكيف تقوم هذه الشركات بالتلاعب بالطاقة في البلاد محققة أرباحا خيالية. ولم تقدم الحكومة أي تفسيرات حتى الآن حول هذا الموضوع.

و من الملاحظ أن إمدادات الديزل من روسيا إلى المغرب وصلت  إلى 735 ألف طن في 2022، مقارنة بـ66 ألف طن فقط في العام 2021، وبلغ إجماليها نحو 140 ألف طن منذ مطلع العام 2023.

ويباع لتر الديزل في محطات توزيع الوقود في المغرب بنحو 14.4 درهمًا (1.409 دولارًا أميركًا)، في الوقت الذي تُعرَض أسعار البنزين بنحو 14.240 درهمًا/لتر (1.4 دولارًا)، اعتمادًا على العلامة التجارية.

ومن المفارقات أن رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش يعتبر من كبار المستثمرين في الطاقة في المغرب، ويحدث هذا التلاعب في وقت بدأ فيه الحديث عن تحويل سبتة ومليلية إلى مركزين جمركيين و هو ما تأكد بعد القمة المغربية الإسبانية التي جمعت بين رئيس الحكومة المغربي ” عزيز أخنوش ” و رئيس الحكومة الإسبانية “بيدرو سانشيز” يومي الأربعاء والخميس 1-2 فبراير 2023 بالرباط،  فقد قَبِلت السلطات   المغربية بتحويل مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، إلى نقطة رسمية للجمارك.

واستنادا إلى السعر الذي تقتني به بعض الشركات المغربية الغازوال الروسي، يفترض أن سعر بيع الغازوال في المغرب لا يجب أن يتعدى 7 دراهم (70 سنتا من الدولار)، بينما يتجاوز الدولار والنصف حاليا. ومن شأن تطبيق التعرفة الحقيقية للبيع ونسبة الربح أن يساعد في انخفاض كبير للأسعار بل وتراجع التوتر الاجتماعي الذي يشهده المغرب حاليا بسبب غلاء المواد الغذائية والخدمات.

لكن من باب الموضوعية هناك رأي يشكك في سلامة السعر فقد  أوضح الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، و منسق جبهة إنقاذ مصفاة ”سامير” الحسين اليماني، أن “التلاعبات في المنشأ مسألة مرتبطة بهذه الصناعة منذ قدم الزمان، خصوصا مع الحظر الذي كان ينفذ على دول، من قبيل إيران، فنزويلا، ومؤخرا على روسيا، بمعنى أن هذه ظاهرة كانت موجودة منذ زمن”.

ولفت السيد اليماني الانتباه إلى أن “سؤال البرلماني الذي تحدث عن  170 دولار للطن الواحد من الغازوال، فإن ذلك الرقم غير دقيق، لأنه بالعودة إلى كلفة استخراج النفط فإنها لا تقل عن 40 دولارا للبرميل وإذا احتسبناها بالطن فسيكلف على الأقل 300 دولار للطن، وهذا فيما يتعلق بالنفط الخام فقط، دون الحديث عن كلفة استخراجه وتسويقه وتكريره، بمعنى أنه لا يمكن أن يباع أي نفط بأقل من 300 دولار للطن الواحد، في الظروف الراهنة”.

وبعيدا عن قيمة سعر الشراء و البيع و حجم الثراء الفاحش الذي حققته شركات المحروقات و التي يملك رئيس الحكومة الحالي إحداها بل تعد كبرى شركات التوزيع و التخزين للمواد الطاقية في المغرب ..

وبحسب بيانات رفينيتيف، انخفضت تدفقات الديزل من روسيا ودول البلطيق إلى أوروبا إلى مستوى قياسي بلغ 1.77 مليون طن في فبراير.

وتوجهت نصف هذه الكمية تقريبا إلى تركيا، بينما اتجهت الكمية المتبقية في الغالب إلى مواقع يتم فيها التسليم من سفينة إلى أخرى.

وتعمل روسيا أيضا على تحويل كميات من الديزل منخفض الكبريت من موانئها على بحر البلطيق إلى المغرب والجزائر وغانا والبرازيل.

وفي الوقت نفسه، تخلت دول أوروبا عن إمدادات الديزل الروسية لصالح واردات متزايدة من الهند والسعودية والصين والكويت وماليزيا ودول أخرى.

وبحسب تقديرات، سجلت هوامش أرباح الديزل الأوروبية، التي حققت رقما قياسيا عند حوالي 81 دولارا للبرميل في أكتوبر من العام الماضي، تراجعا كبيرا إلى نحو 30 دولارا للبرميل وسط زيادة الواردات والطقس المعتدل.

وقال أحد التجار “قام الجميع بالتخزين قبل الحظر ويبدو أن الطلب لم يعد بعد”.

ووفقا لشركة الاستشارات الهولندية إنسايتس جلوبال، تراجعت مخزونات زيت الغاز والديزل المحتفظ بها في منطقة أمستردام-روتردام-أنتويرب للتكرير والتخزين بشكل طفيف في الأسبوع الماضي، لكن بعد تحقيق مكاسب على مدى أربعة أسابيع.