حزب يساري يدعو لمقاطعة الانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة ويعتبرها مجرد “فلكلور”

0
107

إذا كانت الأحزاب المغربية منشغلة بالإعداد للانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة التي ستنظم بعد أقل من ثلاثة شهور، فإن أصواتاً أخرى ما فتئت تدعو إلى مقاطعة تلك الاستحقاقات الانتخابية، بذريعة أنها لا تؤدي إلى التغيير المنشود. ومن بين تلك الأصوات حزب «النهج الديمقراطي» اليساري الاشتراكي، وجماعة «العدل والإحسان» الصوفية المحظورة، وانضافت إليهما «حركة مقاطعون» التي تتخذ من شبكات التواصل الاجتماعي فضاء للتعبير عن مواقفها، واختارت لنفسها شعار «غايتنا التعبئة الشعبية من أجل مقاطعة ناجحة للانتخابات المقبلة».

وتعبر الحركة، من خلال بيان، عن شجبه لتوجه “المخزن” نحو تصفية صندوق المقاصة، بذريعة تمويل برنامج الحماية الاجتماعية وإلى الرفع الدعم التدريجي عن بعض المواد الأساسية كالسكر والدقيق وغاز البوتان، كما جاء في مشروع قانون المالية لسنة 2022 قصد تمويل الحماية الاجتماعية.

واعتبر الحزب في بيان، أن هذا التوجه يعكس الانصياع لتوجيهات المؤسسات المالية الدولية، وهو ما سيزيد من تدهور وضعية الطبقات الشعبية التي تعاني منذ عقود من الغلاء والبطالة والهشاشة في العمل، وغياب أو ضعف الخدمات الاجتماعية، في مقابل تجميد عملي للأجور، مؤكدا على رفضه تمويل برنامج الحماية الاجتماعية عبر تصفية صندوق المقاصة بدل اللجوء لسن ضرائب على الشركات الكبرى وكبار الأغنياء.

وسجل الحزب تدهور الوضعية الصحية جراء الارتفاع المتسارع لعدد الحالات التي يسجلها المغرب للمصابين بفيروس كورونا والذي تجاوز حاجز 9000 حالة يوميا، مما أدى إلى اكتظاظ العديد من المراكز الصحية ووصولها إلى حالة حرجة، في ظل الضعف الكبير الذي يعاني منه القطاع الصحي العمومي، واكتفاء القطاع الخاص بالبحث عن الربح وتحويل الخدمات الصحية إلى سلعة.

وتطرق الحزب في بلاغه أيضا لتفاقم أزمة العطش في العديد من المدن، كإيموزار كندر والسهول وصفرو ووزان ومعاناة ساكنتها من العطش، نتيجة لسيطرة العديد من الشركات الاحتكارية على الموارد المائية، والاستغلال المفرط للفرشة المائية من قبل كبار الملاك الزراعيين، مما حذا بالعديد من المواطنين/ات إلى تنظيم وقفات احتجاجية للمطالبة بحقهم المشروع في الماء، قوبلت كما العادة بترهيب كبير من خلال إنزالات أمنية كثيفة.

ودعا حزب “النهج الديمقراطي” المواطنين لمقاطعة الانتخابات لمقبلة، مشيرا أنه “موقف تجسده الجماهير في كل مناسبة انتخابية تعبيرا منها عن سخطها وعدم ثقتها في المسار الانتخابي برمته، باعتباره مجرد فولكلور لتجميل وجه المخزن القبيح واستمرار ذوي المصالح في استغلال كراسيهم باسم الجماهير للمزيد من قهرها واستغلالها”.

وعبر عن إدانته للأحكام الجائرة والقاسية التي صدرت في حق كل من الصحفيين سليمان الريسوني وعمر الراضي، وكذا الناشط نور الدين العواج، معتبرا أنها “تندرج في إطار الهجمة البوليسية والتغول المخزني الذي أصبح اليوم يبين بوضوح تحول المغرب إلى دولة بوليسية، الشيء الذي يفند كل محاولاتها لتلميع صورتها على المستويين المحلي والدولي”.

وتقول الحركة، من خلال صفحتها الافتراضية، إنها تصنع التاريخ مجدداً. وتضيف: «مع القاسم الانتخابي الجديد سيستخدمون أصوات الأموات والأحياء، سواء صوتت أم لا، ولن ينجح من تريده أنت، بل من يريدون هم. ونتيجة الانتخابات محددة مسبقاً. إذن، لماذا ستذهب لتصوت وتعطي شرعية لانتخابات باطلة. السؤال ما الذي سيفضح هذه الجريمة؟ الجواب هو نسبة المقاطعة التاريخية وانعدام المشاركة ومراكز الانتخاب والصناديق الفارغة».

وانشغل الرأي العام المحلي أيضاً بالموقف الذي عبّرت عنه المدونة والناشطة السياسية مايسة سلامة ناجي من خلال فيديو، تضمن رسالة مفتوحة إلى العاهل المغربي محمد السادس بشأن مقاطعة الانتخابات المقبلة، تلتمس فيها منه محاسبة المسؤولين عن الفساد المالي والسلطوي.

«لا ينسحبون ولا يستقيلون!»

واستعرضت أسماء مسؤولين أعفوا من مهامهم بتعديلات حكومية وبغضبات ملكية أو صدرت في حقهم تقارير فساد، لكنهم عادوا إلى الساحة السياسية. وقالت «إنهم لا ينسحبون ولا يستقيلون». وأسهبت في إعطاء الأدلة على ما اعتبرته فساداً وتجاوزات بناء على تقارير المجلس الأعلى للحسابات.

وتساءلت «كيف يعقل في دولة الحق والقانون أن شخصاً محاطاً بالتهم والتقارير والغضب الشعبي ما زال في منصبه، بل إنه يقوم بحملة انتخابية لترؤس مؤسسات الشعب… لدرجة أن الساحة السياسية اليوم، والمرشحين للانتخابات اليوم ليسوا سوى نفس الأشخاص الذين تم إعفاؤهم وتمت إقالتهم والذين تحوم حولهم شبهات الفساد والنهب والإهمال. فعلى من نصوّت يا جلالة الملك؟ تتساءل مايسة، موجّهة كلامها للعاهل المغربي: «مهما كانت أفكاركم ثورية، ورؤيتكم شاملة، وأهدافكم سامية، وخططكم متكاملة، ونماذجكم التنموية هائلة، فلن تحقق أي شيء، ولم ولن تحدث التغييرات والتحولات الهيكلية المنتظرة بالرغم من العناية والموارد المهمة المخصصة لها، لأن المنفذين من وزراء وفاعلين سياسيين لا يتغيرون لا بالانتخابات… ولا بالإقالات».

وتقول الناشطة السياسية إن أولئك المتهمين بالفساد المالي والسلطوي مُحصَّنون من المحاسبة، ولا تحرك النيابة العامة في تقاريرهم ساكناً، ولا تخرج نحو القضاء والعدالة، وتبقى حبيسة جلسات البرلمان والرأي العام ومواقع التواصل الاجتماعي نلوكها بيننا نحن المغاربة في قلق ويأس وبؤس… ما أفقد الشعب المغربي الثقة في أي إمكانية إصلاح للمغرب، سواء بنموذج تنموي جديد، أو بحكومة جديدة».

وتابعت مايسة سلامة ناجي قولها: «شعبكم الذي بلغ منه اليأس مبلغاً حتى شهدنا بأم أعيننا آباء يرمون فلذات أكبادهم في البحر، ليس لأننا دولة فقيرة، ولا دولة فاشلة، ولا دولة غير مستقرة، إنما لأننا سئمنا ومللنا ويئسنا من مسؤولين لا يحاسبون. وبدل النظر إلى وجوههم في المرآة، يقذفون شعبك بالعدمية والسلبية».

وأكدت أنه «بهذه الوجوه التي تجوب المغرب اليوم تعده بالجديد بعد أن أفشلت كل القديم… لا جدوى من أصواتنا. ونطلب من جلالتكم: المحاسبة قبل الانتخابات».

هذه التصريحات أثارت ردود فعل مختلفة، فقد كتب الأديب صلاح بوسريف تدوينة جاء فيها: «الفرصة الوحيدة التي ينتظرها حزب «العدالة والتنمية» ليجثم على رؤوسكم لسنوات أخرى، هي مقاطعة الانتخابات. لا أحد في القنافذ أملس، لكننا مجبرون على اختيار السيئ، حتى لا نسقط في فخ الأسوأ».

في السياق نفسه، كتب المدون جمال علا: «من يدعو إلى مقاطعة الانتخابات فهو يخدم بشكل مباشر وغير مباشر أجندة حزب تجار الدين».

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا