مبيعات الفوسفاط تحقق أكثر من 32 مليار درهم في 6 أشهر فقط… أين تذهب أموال فوسفاط و جوج بْحورا؟

0
170

أمام ما يعتري الموارد الطبيعية بالمغرب من استنزاف وسوء تدبير، يحضر سؤال الثروة بقوة في مجالس وأحاديث المغاربة. فهي ليست شحيحة، والأرقام الرسمية تقول بأن قيمتها تصل إلى 12.833 مليار درهم، أي أزيد من تريليون دولار.. فماذا لو وزعت هذه الثروات بالتساوي؟ 

“فوسفاط و جوج بْحورا.. وعَايْشِينْ عِيشَة مقهورة” (فوسفات وبحران.. ونعيش بقهر)! يتكرر هذا الشعار في كل مناسبة احتجاجية كتعبير على أن نسبة كبيرة من المغاربة لا تحظى بالحد الأدنى من العيش الكريم في بلد لديه ما يكفي من الموارد الطبيعية. فهذه تكاد لا تنضب في بره و بحره، في باطنه و سطحه، و في مياهه وجباله الممتدة. ثروات متنوعة وزاخرة يفترض أن تمكِّن البلاد من امتلاك سيادتها الاقتصادية، بدون تبعية. لكن سوء استغلالها وإدارتها يهددان بنضوبها في مقبل السنوات.

حققت مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط في المغرب، رقم معاملات ناهزت قيمته خلال النصف الأول من عام 2021 ما مجموعه 32.48 مليار درهم، مقابل 27،4 مليار درهم في الفترة ذاتها من العام المنصرم.

وأعلنت المجموعة، في بلاغ حول نتائجها الفصلية، أن هذا الرقم بلغ 18.19 مليار درهم في الربع الثاني من عام 2021، مقابل 15.13 مليار درهم في الفترة ذاتها من عام 2020.

وأشارت المجموعة إلى أن “هذا الأداء يبقى مدعوم بارتفاع أسعار المبيعات مقارنة بالربع الثاني من السنة السابقة “.

وفيما يخص الإنفاق الاستثماري من اجل التنمية الصناعية فقد بلغت قيمته 2.55 مليار درهم في الربع الثاني من عام 2021 مقابل 2.96 مليار درهم في نفس الفترة من العام المنصرم.

يعتزم المغرب زيادة إيراداته من استخراج معادن أخرى غير الفوسفات إلى أكثر من 15 مليار درهم (1.7 مليار دولار) بحلول 2030 من 6.5 مليار درهم في 2020، وذلك عبر تسهيل الاستثمار والحوافز الضريبية.

المغرب هو أكبر مصدر للفوسفات في العالم ويملك 75 و 85 في المئة من احتياطياته العالمية، وبلغت إيرادات شركته للفوسفات المملوكة للدولة (المكتب الشريف للفوسفاط) 56.1 مليار درهم العام الماضي.

ويحتل الرتبة الثانية بعد الصين دوليا في الإنتاج بحوالي 29.5 مليون طن سنويا، حسب معطيات المكتب الشريف للفوسفاط، وهو مؤسسة تابعة للدولة تتكفل باستغلال كافة مناجم الفوسفاط بالمغرب.

وقالت وزارة الطاقة والمعادن المغربية يوليوز الماضي في خطتها لتطوير التعدين خلال الفترة من 2025 إلى 2030 إنها تستهدف أيضا زيادة الاستثمار في تعدين الفوسفات لعشرة أمثاله والوصول إلى أربعة مليارات درهم.

ولم تذكر أي المعادن تستهدف، لكن وزير الطاقة والمعادن عزيز رباح قال في مؤتمر صحفي إن الحكومة ستركز بشكل خاص على “المعادن الإستراتيجية” مثل المستخدمة في قطاع الطاقة المتجددة.

المغرب منتج كبير للطاقة المتجددة، لكنه يعتمد أيضا على واردات الغاز عبر سبل منها خط أنابيب من الجزائر إلى إسبانيا يمر بأراضيه.

ويطرح نشطاء سؤال ، هل المكتب الشريف للفوسفاط يجب أن يراقب عن طريق المحاسبين المحلفين مثل جميع الشركات الأخرى؟ وبما أنه شركة تمتلكها الدولة، فهل المراقبة أولى أن تكون عن طريق البرلمان بغرفتيه أو عبر المجلس الأعلى للحسابات؟ هل هناك مردودية مضبوطة لإنتاج وتصدير الفوسفاط المغربي؟ 

“لا توجد هناك رؤية واضحة لوزارة المالية حول تدبير محفظة الشركات التي تمتلكها الدولة، على اعتبار أن هذه الوزارة هي المسؤولة عن التتبع عن طريق المديرية المكلفة بشركات الدولة والمؤسسات العمومية”.

فوزارة المالية والاقتصاد مكطالبة بتقديم  تقريرا سنوياً مفصلا عن إيرادات الاستثمارات في مجال الفوسفاط للبرلمان بغرفتيه، لأن “هذا سيشعر الرأي العام المغربي بأن هناك نوعا من الشفافية في التعاطي مع مثل هذه المؤسسات”. 

الفوسفات هبة المغرب ، ثروة باطنية لا حياد عنها لزيادة الإنتاج الزراعي في العالم كله، فلا تربة خصبة بدون سماد، ولا سماد بدون الفوسفور المستخرج من الفوسفات الخام،. تُدَار موارد الفوسفات من طرف “المجمع الشريف للفوسفاط OCP” التابع للدولة، وهو يعتبر مؤسسة سيادية، وبمثابة “بقرة حلوب” للنظام القائم (على حد تعبير صحيفة لوموند)، الذي يستثمر عائداتها لاحتواء الأزمات السياسية التي عرفها البلد منذ سبعينات القرن الفائت، كما كانت عاملاً مهماً في تهدئة نيران الغضب في الشوارع المغربية إبّان الاحتجاجات خلال الثمانينات الفائتة.

 

 مسارب توظيف أرباح الفوسفات مجهولة، ولا توجد تفاصيل دقيقة حول حجم الأموال المختلسة، باستثناء ماصرحتبه الجمعية المغربية لحماية المال خلال عام 2011، إذ أفادت بأن المؤسسة تعرضت لاختلاس وصل لـ10 مليار درهم (حوالي مليار دولار) ببينما قدرت أرباحها بنحو 540 مليون دولار ( 5.4 مليار درهم)! ما دفع مجلة“نورتيرن مينر”إلى اعتبار أنّ تلك الأرقام “مشكوك فيها وغير دقيقة”، وهي تؤكد بأن المؤسسة “غارقة في المال”، ولكن “السرية” تحيط بمواردها، بل هي لا تدرج معاملاتها المالية في البورصة، ما يحول دون الاطلاع بشفافية على الأرقام الحقيقية الخاصة بتجارة الفوسفات في البلد. . كما لم تكن المؤسسة تمتلك أرشيفاً محاسباتياً، ولم تكن صفقاتها التجارية تخضع  للتدقيق المحاسبي، علاوة على أن أرقام الإنتاج قد تم تضخيمها بطرق غير قانونية.

بحران بالطول و بالعرض ، وغلة سمكية تتجاوز المليار طن سنوياً، وهو الأول عربياً في الإنتاج، والأول إفريقياً في التصدير. وعلى الرغم من ذلك، فمعدل ما يستهلكه المغربي من الأسماك يتراوح ما بين 12 إلى 14 كيلوغراماً في السنة، جلها يتركز في منتوج السردين، وهي كمية قليلة قياساً بالمعدل العالمي الموصى به من طرف منظمة “الفاو” (في حدود 17 كيلوغراماً)، وأيضاً مقارنة بمعدل استهلاك بلدان مستورِدة من المغرب، كإسبانيا (تمتلك واجهة بحرية واحدة) التي يصل معدل الاستهلاك الفردي فيها – في أسوأ الحالات – إلى 23 كيلوغراماً.

بين المغرب والاتحاد الأوروبي شراكة ممتدة بدأت منذ اتفاق الشراكة في ميادين شتى خلال التسعينات الفائتة، ومنها اتفاق الصيد البحري بينهما. المدافعون عن الاتفاقية يرون بأنها مجزية، تغدق على خزينة الدولة الملايين من العملات الصعبة، وتمنح البلد فرصاً للاستفادة من خبرات الشريك الأوروبي، إضافة إلى أنها تعزز “التعاون السياسي والدبلوماسي” والدفاع عن القضايا التي تهم الطرفين في المحافل الدولية (خصوصاً قضية “الصحراء”). لكن المعترضين يرون بأن الاتفاقية ظلت لسنوات “غير منصفة” للمغرب بالنظر إلى المقابل المالي “الهزيل” المقدم من طرف دول الاتحاد الأوروبي لاستغلال الثروات البحرية للمغرب، وهي تعتبر بمثابة “خضوع” لاشتراطات الأوروبيين وبيع لثروة حيوية بأبخس الأثمنة.