وكانت اللجنة التنفيذية للحزب قد أصدرت بيانا أعلنت فيه عن “تأجيل المؤتمر إلى وقت لاحق، وذلك لمواصلة الاستعدادات المرتبطة بالإعداد المادي واللوجيستيكي والأدبي، ولفسح المجال لإنضاج الشروط الذاتية والموضوعية والمناخ الجيد لعقد هذه المحطة التنظيمية”.
ويرفض بركة، الذي راهن على عامل الوقت لإضعاف منافسيه، عقد مؤتمر الحزب بسبب “صراعه الخفي” مع تيار الصحراء بقيادة ولد الرشيد والنعم ميارة الذي بات يسيطر على دواليب وهيئات الحزب، واصطف إلى جانبه عدد كبير من الأقاليم والجهات وغالبية المكتب السياسي.
وتنص “المادة 49 من قانون الأحزاب أنه يتعين على كل حزب سياسي أن يعقد مؤتمره الوطني على الأقل مرة كل أربع سنوات، وفي حالة عدم عقده خلال هذه المدة، يفقد حقه في الاستفادة من التمويل العمومي. ويسترجع هذا الحق ابتداء من تاريخ تسوية وضعيته”.
وتنص المادة 62 من القانون نفسه أنه “في حالة عدم الإدلاء بأحد البيانات أو الوثائق أو المستندات المطلوبة، أو عدم احترام الإجراءات أو الآجال، وفق ما هو منصوص عليه في المواد السابقة، تقوم السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية، دون الإخلال بأحكام هذا القانون التنظيمي، بتوجيه إشعار إلى الحزب المعني قصد مطالبته بتسوية وضعيته داخل أجل ستين يوما” وإذا لم يقم الحزب بتسوية وضعيته بعد انتهاء هذا الأجل، تطلب السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية توقيف الحزب وفق الشروط والشكليات المنصوص عليها”.
لكن بركة قال خلال حلوله ضيفا على القناة الأولى قبل يومين، إن المؤتمر سيتم التعجيل بعقده في أقرب وقت ممكن، مُقرّا بالتعثر الحاصل في هذه المحطة التنظيمية بقوله “تأخرنا بما فيه الكفاية”. وأوضح أن اجتماع اللجنة التنفيذية للحزب سيتم عقده في غضون الأيام القادمة، إلى جانب اجتماع المجلس الوطني واللجنة التحضيرية التي ستحدد تاريخ تنظيم المؤتمر.
وتشتغل قيادة حزب الاستقلال الحالية خارج إطار القانون بسبب التأخر الحاصل في عقد المؤتمر الوطني لأكثر من سنتين، بينما تسود حالة من الجمود مختلف مؤسسات الحزب وأجهزته التي تعطلت منذ انطلاق شرارة الصراع بين نزار بركة وتيار الرجل القوي في الحزب حمدي ولد الرشيد.
إقصاء المغرب من الكان يُعَدُّ فشلا لجامعة “لقجع” في تدبير ملف المنتخب..هل يفي الركراكي بوعده للمغاربة بأنه سيرحل إذا لم يصل إلى نصف نهائي كأس أفريقيا ؟
بدوره، لا يزال حزب الأصالة والمعاصرة يعيش أزمة هو الآخر مع استمرار التحقيقات والمحاكمة التي تبحث في الروابط بين اثنين من أعضائه وتاجر المخدرات المعتقل الحاج أحمد بن إبراهيم، المعروف بلقب “إسكوبار الصحراء”.
وفي ديسمبر 2023، اعتقلت الشرطة رئيس نادي الوداد لكرة القدم سعيد الناصري، وعبد النبي بعيوي، وهما عضوان مؤثران في الحزب السياسي بسبب صلاتهما المحتملة بـ”إسكوبار الصحراء”. وبعد إلقاء القبض عليهما، أعلن حزب الأصالة والمعاصرة تعليق عضويتهما في الحزب السياسي، في انتظار نتائج التحقيق.
ومع ذلك، تسببت هذه القضية في حدوث اضطرابات سياسية، مما وضع حزب الأصالة والمعاصرة تحت الضغط. وأصدر الحزب بيانا صحفيا، أعرب فيه عن ثقته في استقلال القضاء، والتزامه بتوفير الضمانات القانونية والقضائية للأفراد المتورطين، وفي مقدمتها قرينة البراءة، وضمان المحاكمة العادلة كما استنكر الحزب أي “محاولة لاستغلال القضية لتشويه صورة الحزب والهجوم عليها” ضد قياداته ونشطائه، مهددا باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد كل من يحاول الإضرار بسمعة الحزب من خلال “حملات التشهير المتعمدة”.
ويضاف إلى الأزمة الداخلية حالة الاحتقان بقطاع التعليم في المغرب، التي ازدادت سوءا بسبب التوقيفات التي طالت العشرات من الأساتذة والأطر، ما أدى بعمال القطاع الى الاعلان عن مواصلة مسيرتهم الاحتجاجية الشهر القادم، بالتزامن مع برنامج نضالي لموظفي قطاع الاقتصاد والمالية، تنديدا بعدم وفاء الوزارة والحكومة بالتزاماتهما واستمرارهما في تجاهل مطالبهم المشروعة.
وانتشرت مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعية لائحة بأسماء وزراء ضمن ما قيل إنه تعديل حكومي سيطرأ على حكومة عزيز أخنوش. وأظهرت اللائحة التي لم يعرف مصدرها، سقوط وزراء من الحكومة الحالية وتعويضهم بأسماء جديدة إضافة إلى عودة كتاب الدولة.
لكن ربطت مصادر سياسية ربطت بين التعديل الحكومي المرتقب أن تشهده الحكومة الحالية وبين المؤتمر الوطني الخامس لحزب الأصالة والمعاصرة، المُقرر أن ينعقد خلال الفترة ما بين 9 و11 فبراير/شباط المقبل، مبرزة أيضا أنه إلى حد الآن لم يُقدم أي من قيادات هذا الحزب ترشيحه لخلافة الأمين العام الحالي عبد اللطيف وهبي.
وقالت المصادر إن التعديل الحكومي “أمر مفروغ منه”، ومن المتوقع أن يتم قبل انتصاف ولاية الحكومة الحالية، لكنها أوضحت أن ما يتم تداوله حاليا بخصوص إعفاء وزراء وتعيين آخرين، وانتقال الحقائب بين الأعضاء الحاليين، لا يزال “مجرد كلام” على اعتبار أن الكثير من الأمور “يجب أن تُحسم” قبل أن يُكلف العاهل المغربي الملك محمد السادس أخنوش بتعديل حكومته.
ويعتبر الاتحاد الاشتراكي المعارض أول حزب يطرح فكرة التعديل الحكومي للنقاش العمومي بداعي التجاوب مع انتظارات الشعب المغربي وقواه الحية، حيث سبق وأكد في بيان، على “ضرورة إحداث رجة لا تقف عند تغييرات في ‘الكاستينغ’ البشري للجهاز التنفيذي الحكومي؛ بل تذهب عميقا في تنشيط دورة القرار الحكومي بما يؤهل الحكومة للدخول في ديناميكية المرحلة الجديدة التي دعا إليها العاهل المغربي الملك محمد السادس، ويثبت تقاليد سياسية ناجعة بدأت مع حكومة التناوب التوافقي، منها التعديل الحكومي المتجاوب مع أفق انتظار الشعب المغربي وقواه الحية”.
ويرى مراقبون أن أداء وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي شكيب بنموسى لم يكن في مستوى التطلعات، حيث فشل في إنهاء إضرابات قطاع التعليم، إضافة إلى عبداللطيف ميراوي وزير التعليم العالي ومحمد الصديقي وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ويستبعد أن يتم التخلي عن وزير العدل عبداللطيف وهبي في أيّ تعديل كونه رئيسا لحزب الأصالة والمعاصرة وسيكون محرجا للحزب تخليه عن منصبه الحكومي.
وفي حالة توافق قادة التحالف الحكومي على صيغة التعديل المقبل وعدد الوزراء الذين سيغادرون الحكومة يرتقب أن يتقدم رئيس الحكومة بطلب إلى الملك محمد السادس من أجل التأشير على ذلك، وفقا للاختصاصات الدستورية المكفولة لرئيس الدولة.
ولم تعد هناك إمكانية لدخول الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية إلى صفوف وزراء الحكومة الحالية في أيّ تعديل مرتقب، بعدما وقّع وثيقة تحالف مع حزب التقدم والاشتراكية نهاية الأسبوع الماضي بهدف التنسيق لأجل الدفاع عن المكتسبات الديمقراطية التي تتعرض للتهديد، بسبب تحكم الحكومة.
واعتبرت قيادة الحزبين أن “حكومة عزيز أخنوش ضعيفة سياسيا وغير فعالة في الإنجاز، ولا تحسن الإنصات ومخاطبة المواطنين، وتدبير الشأن العام بمنظور تقني محض، أدى إلى تكسير دور الوسائط السياسية والنقابية في تأطير المجتمع”.
ويعتقد محللون سياسيون، أنه من المرجح إضافة حزب جديد للائتلاف الحكومي ليس له ثقل عددي كبير داخل البرلمان، دون الجزم بتراجع حزب الاتحاد الاشتراكي عن الرغبة في المشاركة في الأغلبية من خلال التعديل الحكومي، خاصة أن كاتبه الأول لطالما خطب ودّ حزب التجمع الوطني للأحرار، رغم التحالف الذي طرأ قبل أيام مع حزب التقدم والاشتراكية.