قيادة جماعية لتسيير حزب الأصالة والمعاصرة تمهد لتمكين شخصية خارج الحزب للآمانة العامة

0
447

تعيين فاطمة الزهراء المنصوري منسقا للحزب يؤكد إبعاد سمير كودار، وغياب الحرس القديم استسلام لإرادة إنهاء الشرعية أم استراحة محارب لمرحلة التطهير الذاتي بغاية تهيئة الأجواء لتمكين شخصية من خارج المجموعة المسيرة للحزب حالياً ليكون أميناً عاماً.

انتهت أزمة حزب الأصالة والمعاصرة المعروف بـ “البام” ، بتنصيب القيادة الجماعية المؤقتة، مساء أمس السبت بعد طول انتظار، في المجمع الرياضي مولاي رشيد بوزنيقة بضاحية مدينة الرباط العاصمة، لتضطلع بمهمة تسيير شؤون الحزب خلال السنوات الأربع المقبلة، في سابقة في المشهد السياسي بالبلاد وفي تاريخ الحزب الذي أعلن عن ميلاده في أغسطس/ آب 2008 لمواجهة الإسلاميين.

وجاء انتخاب القيادة الجماعية الجديدة لـ”الأصالة والمعاصرة”، بعدما أقرّ المجلس الوطني المنتخب بالإجماع لائحة الترشيح الجماعية التي ضمّت في عضويتها كلاً من الرئيسة السابقة للمجلس الوطني للحزب وزيرة الإسكان في حكومة عزيز أخنوش، فاطمة الزهراء المنصوري، ووزير الثقافة والشباب محمد مهدي بنسعيد والقيادي صلاح الدين أبوغالي، فيما أعلن عن اختيار المنصوري منسقة وطنية للحزب.

وكان الأمين العام السابق للحزب عبد اللطيف وهبي قد أعلن خلال جلسة افتتاح المؤتمر، أمس الجمعة، بمدينة بوزنيقة، عدم نيته الترشح لقيادة الحزب لولاية ثانية، في خطوة وضعت حداً للغموض بشأن هوية من يقود دفته خلال السنوات الأربع المقبلة.

وجاء انتخاب قيادة جماعية لحزب الأصالة والمعاصرة، بعد إقرار مؤتمره الوطني في وقت سابق من مساء السبت تعديلاً على النظام الأساسي يقضي بفرز قيادة تتكون من ثلاثة أمناء عامين وممثل قانوني.

كما يأتي بعد اقتراح الرئيسة السابقة للمجلس الوطني (برلمان الحزب) فاطمة الزهراء المنصوري، في أعقاب إعلان ترشحها لخلافة الأمين العام السابق، التصويت على أمانة عامة جماعية بدعوى أن خصوصية هذا الترشيح تكمن في أنه “يضم أبناء الحزب ممن مارسوا السياسة من مواقع مختلفة وسياسة القرب مع المواطنين وترشحوا وطنياً ومحلياً وهم شباب متشبعون بالروح الوطنية والدفاع عن مصالحه”.




وفي أول تصريح لها، قالت المنصوري “هذه أمانة عامة جماعية لها خصوصية”، منوهة بعضوي المكتب السياسي الشابين اللذين سيرافقانها في قيادة الحزب (أبوالغالي وبنسعيد).

وتابعت “هؤلاء أبناء الحزب، شباب عاشوا وسط الحزب، حضروا بقوة ومارسوا سياسة القرب مع المواطنين محليا، نزهاء ومتشبعون بثوابت الوطن”.

وأكدت أن “ليست هناك أزمة قيادة، بل هناك أطر من مستوى عال، ولدينا مؤسسون، منهم الأب تاعنا أحمد اخشيشن”، مضيفة “سأسكت وسأشتغل كثيرا إن وضعتم فينا الثقة”.

ومن جانبه، قال عضو الأمانة العامة الجماعية صلاح الدين أبوالغالي إن “القيادة الجماعية هي دليل على أن الحزب يبتكر في التدبير”، وإن “هذا التدبير الجماعي المقترح سيكون مرحلة مفصلية في تاريخ الحزب، وبداية مرحلة جديدة”.

ويرى متابعون للشأن السياسي في المغرب، بأن مخطط إعادة ترتيب الأوراق داخل الحزب في الأغلبية، بدأ منذ أسابيع. وتجلى المخطط في أول خطوة مع إبعاد الأمين العام عبد اللطيف وهبي، واستخلافه بواحد من الجيل الجديد، ويستمر مع القيادة الجماعية الجديدة المحسوبة على الجيل الثاني في الحركة التصحيحية التي أطاحة ، وغياب ما يعرف بـ”الحرس القديم”.

يناير الماضي ،طالبت الحركة التصحيحية الدولة بمحاسبة “كل من استغل منصبه السياسي لخرق القانون”، كما دعت إلى إعادة مشروع “قانون الإثراء غير المشروع”، الذي سبق للأمين العام للحزب عبداللطيف وهبي أن أقر بأنه كان وراء سحبه من البرلمان.

وجاء البيان إثر اجتماع وطني للحركة عقد في الدار البيضاء، وحضره ممثلون من مختلف جهات المملكة، بحثوا “مستجدات الحزب وما يعيشه في هذه المرحلة الحرجة التي تعرف سخطا من طرف مناضليه على سوء تدبير المرحلة”.

واتهم أعضاء في الأصالة والمعاصرةِ القيادةَ الحالية بما أسموه “سرقة” الحزب، وإقصاء “المناضلين وتزكية أشخاص لهم سوابق في الفساد”، في إشارة إلى “الفضيحة السياسية” المتعلقة باعتقال العضوين البارزين سعيد الناصيري وعبدالنبي بعيوي على ذمة التحقيق في القضية المعروفة بـ”إسكوبار الصحراء”.

ونبهت الحركة إلى “عدم مشروعية مخرجات المؤتمر الخامس نظرا لعدم امتثاله لضوابط الحزب في كل ما يتعلق بأعداد هياكله، وأن دعاة تكميم الأفواه والإقصاء ومن يفكرون بمنطق الغنيمة لا يرهبوننا وأن أساليب التينيس لن تثنينا، وإذ أننا نعلنها مدوية بكل فخر واعتزاز، إن ولاءنا هو لثوابت هذا الوطن والدفاع عن مشروع هذا الحزب وذلك وعيا منا بالمسؤولية الملقاة على كاهلنا في هذه اللحظة الاستثنائية من تاريخ حزبنا”.

في المقابل كشف مصدر من داخل الحركة التصحيحية أن هذه الحركة الاحتجاجية جاءت كرد فعل على تورط القيادة الحالية في تزكية أشخاص لهم سوابق في الفساد دون وضع ضوابط صارمة، مما وضع الحزب في مواجهة مع المواطنين الذين يراهنون عليه للدفاع عنهم.

وفي يناير 2023 طالبت حركة تصحيح المسار داخل حزب الأصالة والمعاصرة عبداللطيف وهبي بالاستقالة من منصب الأمانة العامة، مع الإقرار بذمته المالية، ومصدر ثروته، ووضعيته إزاء مصلحة الضرائب.

واعتبر أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية رشيد لزرق أن “انتخاب القيادة الثلاثية يؤشر على دخول الحزب فترة انتقالية عنوانها التطهير الذاتي، كما أنه يعني قيادة تسيير أعمال الحزب بغاية تهيئة الأجواء لتمكين شخصية من خارج المجموعة المسيرة للحزب حالياً ليكون أميناً عاماً، وليحدث رجة سياسية تمكن الحزب من التجديد للدخول في استحقاقات 2026″.

ويمر الحزب في واحدة من أسوأ مراحله جراء الزلزال التنظيمي والسياسي الذي ضربه في الأسابيع الأخيرة بعد اعتقال اثنين من قيادييه البارزين في ملف بارون المخدرات الدولي المعروف إعلامياً بـ”إسكوبار الصحراء”، وهما سعيد الناصري، رئيس مجلس عمالات الدار البيضاء، وعبد النبي بعيوي رئيس جهة الشرق، وهو الزلزال الذي جعل المشروع السياسي للحزب ككل محل تساؤل.

وفي تصريح صحفي، قال رشيد لزرق إن حزب الأصالة والمعاصرة في مفترق طرق في ما يخص التعاطي مع تبعات تورط اثنين من قيادييه في الاتجار الدولي بالمخدرات، معتبراً أن ما وقع “يفترض إحداث رجة تنظيمية لاستيعاب واقع الصدمة وتجاوزها”.

ويمثل التنصيب الجديد في حزب “البام” إلى أن قيادة الحزب انشغلت بضرورة التوافق خوفاً من انشطاره، وأن استيعاب الحدث اقتضى تطهير التنظيم الداخلي، مضيفاً أنه لهذه الغاية تم تضمين الأمانة العامة بـ3 قياديين.

واللافت: أنه “عادة ما يكون تشكيل قيادة جماعية إبان الأزمات، لكن أن يتم ذلك خلال المؤتمر فدليل على أن الحزب يعيش أزمة وعلى سيادة الخوف لدى قيادته من أجل مواجهة الوضع الصعب الذي عاشه مؤخراً”.

وكان أعضاء المجلس الوطني قد انتخبوا قبل ذلك البرلمانية عن جهة الدار البيضاء سطات نجوى كوكوس رئيساً لـ”برلمان الحزب”، خلفاً لفاطمة الزهراء المنصوري التي انتهت ولايتها.

وفي وقت سابق السبت، تم انتخاب أعضاء المجلس الوطني الجديد البالغ عددهم 400 عضو بالإضافة إلى وزراء الحزب وبرلمانييه الذين يكتسبون عضوية “برلمان” البام بالصفة، فيما أعلن رئيس المؤتمر الوطني هشام صابيري، خلال جلسة عامة فتحت أمام وسائل الإعلام، عن انتخاب القيادية نجوى كوكوس رئيسة جديدة لبرلمان الحزب بعد ترشحها وحيدة لهذا المنصب.

وجاء حزب “الأصالة والمعاصرة” (ليبرالي) ثانيا في الانتخابات التشريعية بـ86 مقعدا، التي جرت في 8 سبتمبر 2021، خلف “التجمع الوطني للأحرار” (وسط)، الحاصل على 102 مقعد (من أصل 395).

ويوصف حزب الأصالة والمعاصرة، بأنه مقرب من السلطة، تم تأسيسه عام 2008، واكتسح الحزب الانتخابات البلدية في 2009 بنحو 21 بالمئة من المقاعد، مقارنة بـ7 بالمائة فقط لحزب العدالة والتنمية (إسلامي/ معارض).