خبراء ومفكرون يؤكدون أن المغرب يلعب دورًا استراتيجيًا كحلقة وصل بين ضفتي الأطلسي نظرًا لموقعه الجغرافي الاستراتيجي بين إفريقيا وأوروبا. توجد لدى المغرب ميناءان رئيسيان على ساحليه، وهما ميناء طنجة المتوسط وميناء الدار البيضاء، وكلاهما يعتبران نقطة تحول رئيسية للتجارة والاقتصاد في المنطقة، وتتيح فرصاً غير مسبوقة للتعاون في مختلف المجالات وتنسيق جهود تنمية القارة الأفريقية وضمان ازدهارها واستقرارها وأمنها.
وأكد عدد من الخبراء خلال ندوة فكرية الثلاثاء بالرباط “أن المبادرة الأطلسية التي أطلقها الملك محمد السادس لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي تشكل إطارا متفردا لتحقيق تعاون إفريقي متعدد الأبعاد يؤسس لميلاد إفريقيا جديدة مزدهرة ومستقرة”، وفق وكالة المغرب العربي للأنباء.
وأوضحوا أن المبادرة تتيح فرصا غير مسبوقة للتعاون في مختلف المجالات وتنسيق جهود تنمية القارة وضمان ازدهارها واستقرارها وأمنها، مشددين على أن “البحار والمحيطات التي تحد إفريقيا تمنحها ميزة استراتيجية تمكنها من الإشراف على أهم مضائق وممرات التجارة الدولية من بينها مضيق جبل طارق”.
وأشاروا إلى أن المبادرة الأطلسية تشكل أرضية لاستثمار هذه المؤهلات الإستراتيجية التي تتمتع بها القارة، وفق مقاربة تشاركية تمكن بلدان الساحل من منفذ بحري على الواجهة الأطلسية المغربية.
واعتبروا أن “القارة السمراء تعيش على وقع تحولات كبرى ومصيرية تمس مختلف الأبعاد الجغرافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية والبيئية والثقافية كما تواجه إشكالات عميقة وبنيوية، تفاقمها التغيرات المناخية وأزمة الغذاء”، لافتين إلى أن “المبادرة الملكية الأطلسية تستمد أهميتها من قدرتها على الإسهام في مجابهة كل هذه التحديات والمتغيرات”.
وأكدوا أن “البلدان الإفريقية مطالبة اليوم باستغلال مخاض ميلاد النظام الدولي الجديد وتحويله إلى فرصة للتنمية المشتركة، وتعزيز التكتلات الإفريقية والتعاون الاقتصادي جنوب – جنوب وفق معادلة رابح – رابح والانخراط في المشاريع الاستراتيجية والهيكلية الجادة الهادفة إلى تحقيق الاستقرار والازدهار لفائدة شعوب القارة”.
وشددوا على أن المملكة بحكم موقفعها الإستراتيجي تطمح إلى أن تكون حلقة وصل بين ضفتي الأطلسي من أجل تعزيز المواجهة الجماعية للتحديات التي تواجه البلدان الإفريقية عموما، والأطلسية على الخصوص، لاسيما في ظل ضعف القاعدة الاقتصادية لبعض بلدان القارة وعدم استقرارها، ما يفاقم مخاطر الإرهاب والمجموعات المسلحة الانفصالية والإرهابية والتهريب العابر للحدود.
وأشاروا إلى أن العلاقات المغربية الأطلسية تشكل أرضية مناسبة للاستفادة من فرص التعاون الكبيرة المتاحة ولتطويق المخاطر الاقتصادية والأمنية على الخصوص، من خلال تحقيق تنمية شاملة تضمن الازدهار المشترك لبلدان ضفتي الأطلسي.
وفي سياق آخر سلط الخبراء الضوء على القواسم الدينية والروابط الروحية بين المغرب ودول الساحل، مشيرين إلى أنها “تشكل مشتركا يضفي بعدا إنسانيا على التعاون بين المملكة وشعوب المنطقة في مختلف المجالات”.
كما أشاروا إلى أن المغرب قطع أشواطا هامة على طريق الإصلاح المينائي، على المستويين التشريعي والمؤسساتي، ما أدى إلى الرفع في جودة الخدمات بالإضافة إلى تعزيز الجاذبية الاستثمارية للمملكة وتنافسيتها قاريا ودوليا.
وأكدوا أن “هذه الإصلاحات ساهمت في تسريع التحول الاقتصادي للمملكة وتقوية البنى التحتية المينائية لتصبح اليوم من بين الأحدث والأكثر تطورا وهي التجربة الاصلاحية التي تسعى المملكة إلى تقاسمها مع أشقائها داخل القارة الافريقية”.